وفي الآونة الأخيرة بتنا نسمع عما يطلق عليه (التربية الشمولية والتعلم التعاوني) وحول هذا الموضوع التقينا المدرس نبيل صافية مدرس مادة اللغة العربية في ثانويتي سامي الدروبي وبور سعيد في مدينة دمشق وعضو الجمعية السورية للعلوم النفسية والتربوية وعضولجنة الكتب المدرسية والمدرس المحاضر في كلية التربية في جامعة دمشق سابقاً, ليحدثنا عن التربية الشمولية عبر هذا الحوار.
- ماالمقصود بالتربية الشمولية?
-- بدأ مصطلح التربية الشمولية يظهرفي الأفق في سورية في وقت متأخر من القرن الماضي,ويمكننا أن نطلق عليه أيضاً عولمة التربية أو عولمة التعليم, وتمثل التربية الشمولية رؤية تربوية وعلمية وتنموية وحضارية ثقافية لإعداد الإنسان في مواجهة التحديات في القرن الحادي والعشرين, وهي فلسفة أكثر منها نظاماً تقنياً,تعمل على توسيع آفاق الطالب وتجعله مدركاً لانتماءاته المتعددة وعلاقته بالمجتمع, كما تعطي الفرد القدرة على ممارسة حياته وإثبات ذاته, كأن يستطيع الطالب أن يحول نصاً أدبياً ما بعد شرحه وتحليله ونقده إلى ممارسة عملية حياتية, وقد اعتمدت وزارة التربية تعريفاً لها ضمن مشروع التربية الشمولية الذي تقيمه الوزارة في سورية مع منظمة اليونيسيف منذ عام خمسة وتسعين وتسعمئة وألف فكانت التربية الشمولية:
(تنمية شاملة ومتوازنة لشخصية الفرد تعزز لديه الوعي الذاتي والوعي الاجتماعي والوعي القومي من خلال تعلم ابتكاري واستكشافي يكون فيه نشاط المتعلم حركياً وفكرياً محور عمليتي التعليم والتعلم).
- ما منهجية التربية الشمولية أو أبعادها?
--التربية من منطلق شمولي لها منهجية خاصة وأبعاد لا بد منها, وهذه الأبعاد متكاملة لا يمكن الفصل بينها أو تجزئتها حتى يتمكن الفرد من وعي ذاته ومحيطه والعالم الذي يعيش فيه,وأما البعد الأول فهو البعد المكاني والمقصود به أن يعي الفرد العلاقة بينه وبين الأرض التي يعيش عليها, بعد أن يعي ذاته الوطنية, ويربط ذلك الوعي في بناء وطنه لبناء الحضارة الإنسانية, أي يعي مسؤوليته وإحساسه بالمكان الذي يعيش فيه منسجماً ومتفاعلاً مع محيطه وليس منعزلاً عنه.
والبعد الثاني هو البعد الذاتي أي يعي الفرد ذاته من مختلف الجوانب سواء الفكرية والثقافية أم النفسية أم الصحية أم العلمية بما يؤدي إلى تفاعل الفرد مع محيطه سواء البيئة المكانية أم الزمانية أم البشرية, ويمثل البعد الثالث البعد الزمني أو الكمي ويكون ذلك عندما يربط الفرد بين الماضي والحاضر والمستقبل, ويعي ذلك الترابط بما يساهم في تنمية قدرات الفرد على فهم الواقع الذي يعيشه, ورابع الأبعاد: بعد القضايا وهو أن يعي الفرد القضايا التي يمر بها وطنه وأمته أو الإنسانية بصورة عامة, وأن يحاول ابتكار حلول مناسبة لها.
- ما أهداف التربية الشمولية في سورية?
-- لعل التعريف السابق للتربية الشمولية يقدم بعض الأهداف التي سعت وزارة التربية لتحقيقها, ويأتي منها:
تنمية طاقات الفرد وتعزيزها بالتركيز على المهارات الحياتية الضرورية للإنسان كمهارات التواصل والتعاون وحل المشكلات والتفاعل بما يؤدي إلى توافق الفرد مع محيطه, ومن الأهداف أيضاً تنمية وعي الفرد بالبيئة المحلية والعالمية وحقوق الإنسان واكتساب المواقف والاتجاهات كالتفاعل الإيجابي مع الآخرين واحترامهم, ومن أهدافها أيضاً تعزيز مفهوم الذات وتأكيده لأن ذلك المفهوم ضروري في التعلم وتحقيق الرغبة والدافع في المزيد من التعلم, ويتم ذلك بوسائل متعددة منها:
تبسيط التعلم وربطه بحوافز مادية أو معنوية وتعزيز المناقشة في الأنشطة الصفية واللاصفية وتأمين الأجواء المناسبة لذلك في الأسرة والمدرسة على حد سواء.
- كيف يمكن لوزارة التربية أن تحقق أو تنفذ تلك الأهداف?
-- إن وزارة التربية في سورية تعمل منذ عام خمسة وتسعين وتسعمئة وألف عندما وضعت خطتها في التربية الشمولية على تطوير المناهج التربوية التعليمية بما يعزز الانتماء الوطني والقومي للفرد, كما أنها تعمل على تحديث طرائق التعليم للانتقال من مرحلة التعليم إلى التعلم الذاتي أو التعاوني بحيث يتم تقسيم الطلاب إلى مجموعات يتبادلون الرأي أو المعلومات أو وجهات النظر في موضوع معين لتنمية القدرات الإبداعية لديهم, وهي لا تدخر جهداً في توفير الوسائل التعليمية التي تحقق تلك الأهداف أو الغايات المرجوة, وتعمل على إعداد المعلمين وإعداد دليل المعلم في كل مادة دراسية, وتجريب الكتب أو المناهج الدراسية الحديثة في محاولة لربط التربية بالحياة ومشاركة المتعلمين في المناشط التعليمية التعلمية ليكون المتعلم محور العملية التعليمية ¯ التعلمية بدلاً من الاعتماد على الطرائق القديمة التقليدية القائمة على التلقين بعيداً عن روح الابتكار لدى أبنائنا المتعلمين, وقد قامت الوزارة بنشاطات عديدة خلال الأعوام السابقة في مسعاها لتحقيق الأهداف التي وضعتها.
كلمة أخيرة :
نخلص مما تقدم أن للتربية أهميتها واستراتيجيتها المستقبلية في عملية التطوير التربوي وفي بناء المناهج التربوية وإعداد معلمي المستقبل ليكون أبناؤنا معتمدين على ذواتهم ويمتلكون ثقتهم بأنفسهم في تنفيذ أي أمر يطلب منهم كون تلك التربية تعّدهم منذ الصغر للاعتماد على أنفسهم وامتلاك الخبرات الحياتية الخاصة وابتكارها وإيجاد الحلول المناسبة لكل ما يعترض طريق حياتهم.