تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


السير رونالد ستورس في مذكراته: سلمنا القدس للصهاينة واتهمونا بمعاداة السامية..!!

دراسا ت
الأحد 10/7/2005م
حكمت فاكه

صدرت مذكرات السير -رونالد ستورس- تحت عنوان (توجهات بريطانية-شرقية) أول مرة في لندن سنة 1937 وأعيدت طباعتها في نيويورك سنة1973

وترجمها أخيراً إلى العربية المؤرخ الدكتور -رؤوف عباس- حيث صدرت ضمن أعمال المشروع القومي المصري للترجمة, وتعد هذه المذكرات برأي العديد من المؤرخين والدارسين من أهم مذكرات المسؤولين البريطانيين والأوروبيين.‏

جاءت ترجمة كتاب (ستورس) الذي يروي تفاصيل مأساة الشعب الفلسطيني بأكثر من 680 صفحة من القطع المتوسط.‏

تخرج -ستورس- من جامعة كامبردج واتجه إلى الدراسات الشرقية وهو طالب واهتم باللغة الفارسية كما درس اللغة العربية مع المستشرق وأستاذ اللغة العربية -براون- وأقر المستشار المالي للحكومة المصرية وقتئذ السير -الدون غوست- خطة لتوظيف عدد من الخريجين -الانكليز- للعمل في الإدارة المصرية والسودانية, فقبله ستورس, ووقع عليه الاختيار, وهكذا عاد ثانية إلى جامعة كامبردج ليدرس اللغة العربية على يد المستشرق براون والشيخ حسن توفيق وهو أزهري مصري كان في لندن, وفي سنة 1904 وصل ستورس إلى القاهرة ليعمل موظفاً بالإدارة المالية وجاء مدعوماً بتوصية إلى الليدي كروم زوجة المعتمد البريطاني وظل يتنقل بين عدة وظائف حتى تم اختياره السكرتير الشرقي بدار المعتمد البريطاني أو -قصر الدوبارة- بعد إقالة كرومر.‏

بقي في مصر حتى سنة 1917 ثم تولى منصب الحاكم العسكري للقدس ما بين 1917 وحتى غاية عام ,1920 ثم أصبح حاكماً للقدس حتى سنة 1926 وانتقل من هناك ليكون حاكماً لقبرص, وبقي في المنطقة لمدة إحدى وعشرين سنة وقام بعدة مهام في بغداد مع الشريف حسين والثورة العربية, ويتساءل المرء بدهشة واستغراب لعدم ترجمة هذا الكتاب الذي يضم معلومات ووقائع وأسرار عن تاريخنا لمدة 68 عاماً.‏

جاء عمل ستورس الأول بالقدس في توقيت هام وهو صدور وعد بلفور في تشرين الثاني عام ,1917 ويكشف عن الخطوات التي قامت بها الإدارة الانكليزية لتنفيذ هذا الوعد حتى قبل صدوره, وكيف أن كل شيء لم يكن ليرضي الصهيونية, وكان أي تعاطف مع العرب يعد عداء للسامية واتهم هو شخصياً بالعداء للسامية والسبب هو في غاية الغرابة إذ إن ستورس وعدداً من موظفي الإدارة الانكليزية اتقنوا اللغة العربية والعامية وكانوا يتعاملون مع أهالي القدس والفلسطينيين بها, لكنهم لم يتقنوا اللغة العبرية أو الألمانية أو الروسية, وكان الصهاينة يصرون على التعامل معهم, بإحدى هذه اللغات كما يتعاملون مع العرب بالعامية وهكذا اعتبروا معادين للسامية, وكان على هؤلاء أن يثبتوا العكس, أي إظهار إعجابهم واحترامهم للصهاينة, وراحوا يعطون المزيد من الامتيازات للصهاينة, ولا يخفي ستورس إعجابه بالصهيونية حيث قال: ( اعتقدت ومازلت اعتقد أنه لا توجد تطلعات في العالم أنبل من تطلع اليهود للعودة إلى الأرض التي لم تختف منها روح إسرائيل).‏

وخلال الحرب العالمية الأولى جاءت الظروف ملائمة للحركة الصهيونية حيث لعب -حاييم وايزمان- دوراً مهماً في ذلك ويقول عنه ستورس: (روسي جرت الصهيونية في بدنه مجرى الدم في العروق).‏

وشاءت الظروف أنه في (.. أثناء الحرب أصبحت الحاجة ماسة إلى مواد متفجرة واتضح أن الاسيتون المكون اللازم لصناعة مادة ش-خ-ش, لا يتوفر خارج ألمانيا, وأدى نقصانه إلى إحساس البحرية البريطانية باليأس, ولكن الكيميائي اليهودي -وايزمان- استطاع حل المشكلة وتم توفير الاسيتون وسجل -وايزمان- اختراعه, ولكنه لم يطالب بأي حقوق مقابل ذلك تاركاً تقديره للحكومة البريطانية وجاءت المكافأة في الحصول على تأييد آرثر بلفور وهربرت صموئيل ومارك سايكس للصهيونية, وتقديم مطالبها إلى المجلس الأعلى للدول الحلفاء, وفي الثاني من تشرين الثاني 1917 قبل سقوط القدس المتوقع بأسبوع واحد أعلن على العالم تصريح بلفور الأحادي والمصيري,رغم معارضة بعض اليهود الانكليز وبعض كبار المسؤولين في الخارجية ووزارة الهند.‏

كان ستورس يبذل كل جهده من أجل تنفيذ وعد بلفور, وطوال هذه الفصول لا نشعر بأننا تجاه حاكم بريطاني أو مسؤول انكليزي, ولكننا أمام مسؤول صهيوني صرف, يذكر أنه ذهب ليبارك الحصاد الجديد من مستعمرة -ريشون صهيون- وكان معه المندوب السامي, وأخذ المندوب الانكليزي يقرأ بالعبرية مقتطفات من الشريعة اليهودية ويقول إنه رأى الزهو في عيونهم والدموع الوقورة تترقرق في مآقي المسنين, ويتساءل: (من يجرؤ على الشك في قدراتهم البدنية وعبادتهم للأرض?).‏

يقع ستورس في تناقض كبير حيث يؤكد أن اليهود نعموا بالتسامح في الحضارة الإسلامية والعربية وأنهم هاجروا من اسبانيا وجاؤوا إلى المنطقة وعاشوا بين أهلها بترحاب ويقول إن اليهود (عائدون لا قادمون) وذلك وفقاً لنبوءة التوراة طبعاً.‏

لكن وفقاً لهذا التصور كما ينبه هو فإن ذلك يفتح الباب لأمور كثيرة منها مطالبة العرب بالعودة إلى الأندلس خاصة وأنهم عاشوا بها ثمانية قرون وأسسوا حضارة عظيمة, عرفت بالتسامح ويرد هو على ذلك بالقول: (إن اسبانيا العربية لا تعني شيئاً للعالم فيما عدا موقعين أو ثلاثة مواقع, بينما فلسطين العبرانية تعني تراث إسرائيل..).‏

ويتساءل ستورس متهكماً: (هل كان من الممكن تغيير موعد ذلك الاحتفال مراعاة ليوم الجمعة عند المسلمين? وإذا كان هناك إصرار من جانب المسلمين على تغيير موعد الاحتفال ولم يتم ذلك, وغاب أعيان المسلمين عن المشاركة فيه لاعتبروا مقصرين في التعبير عن احترامهم للملك الذي يجب عليهم التعبير عن الولاء له).‏

وبدأ التوسع التدريجي في استخدام العبرية في فلسطين, وبكلمات بسيطة يقول: (اتخذت كل الخطوات اللازمة لتنفيذ تصريح بلفور) وبعد ذلك صدر صك انتداب انكلترا على فلسطين, وجاء في نص المادة السادسة أن الإدارة سوف تعمل بالتعاون مع الوكالة اليهودية على تشجيع توطين اليهود بالأراضي, بما في ذلك أراضي الدولة -الميري- والأراضي البور التي تفيض عن حاجة الأعمال العامة.‏

ولم تكتف الوكالة بتلك الأراضي فقط, حيث كتب الدكتور -وايزمان- للمندوب السامي في 20 نيسان 1926: (أن الوكالة اليهودية سوف تنظر بعين التقدير لإتاحة الفرصة لها لفحص أراضي الدولة التي لم يتم تحديدها بصراحة حتى يتسنى لها الحصول على أراض لتوطين اليهود).‏

وتطور الفكر الصهيوني ليكون البحث عن دولة يهودية بدلاً من الوطن القومي الذي نص عليه وعد بلفور, وكان العرب يشعرون بالمرارة ولديهم إحساس بالغبن ولم يكن قد فارق الذاكرة رد حاييم وايزمان في مؤتمر الصلح عام 1918 حول معنى الوطن القومي لليهود فقال: (إنه يعني عدم وجود شروط تحول دون أن تكون فلسطين -في نهاية الأمر- يهودية تماماً كأميركا عند الأميركيين وانكلترا عند الانكليز).‏

تعليقات الزوار

حاتم جاد |  hjadelkrem@yahoo.com | 02/02/2009 11:48

المذكرات رائعة ولكن لي طلب حد يعرف المكتبة اتي نشرت مذكرات د / حاييم وايزمان وكذلك مكرات جون فلبي و مراسلات الباب العالي للحجاز لسهيل صابان و كتاب حاضرالعالم الاسلامى اللي يعرف اي حاجة عن الكتب دي يرسلس ايميل علي hjadelkrem@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية