تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أساتذة وصحفيون مصريون للثورة: تطور الصحافة العربية رهن بحريتها وإمكانياتها وتدفق المعلومات

القاهرة
مكتب الثورة
دراسا ت
الأحد 10/7/2005م
إعداد: عبد الحميد غانم

الصحافة هي المرآة العاكسة لحركة أي مجتمع..وهي أداة تنويرية وتبصيرية

على ما يحدث في الخفاء وتكبيلها بترسانة من القوانين والتشريعات‏

وأحياناً الممارسات و يشل حركتها وانطلاقتها ويضعها في أزمة حقيقية بالشكل الذي تبدو فيه الصحافة العربية اليوم بحكم الواقع السياسي والاجتماعي .حول هذه المسألة أجرت الثورة عبر مكتبها في القاهرة استطلاعاً مع نخبة من الأساتذة ورؤساء تحرير الصحف المصرية:‏

الأزمة القائمة تعكس واقع المجتمع العربي وإن كانت أكثر بروزاً في الصحافة‏

رقابة ذاتية...!‏

د. انشراح الشال استاذ الصحافة والاعلام بجامعة القاهرة:‏

إن وجود أكثر من منبر أو تيار صحفي في الدولة يدخل تحت بند الديمقراطية ولكن ذلك مقيد , وهناك معوقات كثيرة تعيق حركة الصحافة العربية وتجعلها تعيش أزمة مستمرة.‏

فالصحفي لا يستطيع أن يقول كل شيء لأنه سيقع تحت طائلة القانون وبالتالي الصحفي مقيد بقوانين رادعة من ناحية وقوانين ذاتية من ناحية أخرى.‏

وأيضاً هناك مسألة أخلاقيات المهنة , فإذا كان الطبيب لا يستطيع أن يجري عملية جراحية إلا إذا كان طبيباً جراحاً والمهندس لا يستطيع تصميم مبن إلا إذا كان فعلاً مهندساً فمن باب أولى أن يكون الذين ينورون ويكتبون مؤهلين لذلك!‏

وإذا تحدثنا عن الديمقراطية والاستبداد وارتباط ذلك بأزمة الصحافة سنجد أن الولايات المتحدة نفسها التي تلقب نفسها بأم الديمقراطية هي نفسها نظام استبدادي يقف ضد حرية الصحافة والتعبير عن الرأي, فمثلاً هناك صحفيون شاركوا في تغطية حرب العراق تم فصلهم من صحفهم لأنهم قالوا الحقيقة ونقلوا الواقع وهذا يحدث في أكبر الدول الديمقراطية في العالم, أمريكا, فما بالك نحن دول العالم الثالث!‏

تكبيل الصحفيين‏

د. ناجي فوزي إعلامي ومخرج تلفزيوني‏

للأسف أنا من جيل تربى على صحافة مضللة في وقت من الأوقات وهذا التضليل سببه غياب الديمقراطية وحرية الصحافة العربية بشكل عام, لماذا?! لأن الحرية والشفافية هي أساس كل صحافة تنويرية, فتدفق المعلومات بسلاسة دون عوائق يتيح للصحفي سرد الحقيقة ,أما غياب الحرية فيعني الخوف ,يعني خطوطاً حمراء, يعني التضليل .‏

نحن كشعوب نحتاج إلى مراجعة أنفسنا, والنخبة المثقفة هي التي تتحمل وزر هذا التضليل, فمثلاً بعض الحكومات تجعل المواطن مغموساً في همومه ومشاكله الشخصية بحيث يتم استبعاده عن التفكير في المشكلة العامة وهذا يتم عن طريق إثقاله بالهموم وبث أخبار صحفية مضللة تزيد من همومه وبالتالي عندما يتخلص المواطن من مشاكله الشخصية يبدأ فوراً في البحث عن المشكلة العامة مثلاً فيلم (الأرض) كان المواطن محمد أبو سويلم يبحث فيه عن مشكلة شخصية وهي حماية أرضه من جبروت الباشا فلم يكن يبحث أو يفكر في كيفية إخراج أو مقاومة الاحتلال الانكليزي لمصر, بل كان همه هو حماية أرضه , وعندما تحقق له ذلك بدأ يفكر في مقاومة الاحتلال وإخراجه من مصر, اليوم ينشغل المواطن بكوارثه الخاصة لكن متى يفيق على الكارثة العامة للمطالبة بحرية صحافة وإصدار تشريعات وقوانين تمنع حبس الصحفي في قضايا النشر وتوفر الإمكانات التكنولوجية والمادية له لكي يؤدي رسالته على أكمل وجه وكذلك حرية تدفق المعلومات .‏

سيدة الموقف‏

د. شعبان شميس عميد كلية الإعلام بجامعة 6 أكتوبر:‏

حرية الصحافة في الوطن العربي تندرج تحت حرية الاعلام لأن الصحافة وحتى الآن رغم جمهورها الضيق إلا أنها ما زالت سيدة الموقف في توجيه الرأي العام حتى منتصف التسعينيات ثم بدأ التلفزيون والفضائيات تأخذ منها زمام المبادرة ولم تعد الدولة تتحكم في الرأي إلا من خلال رأيها.‏

مسألة الحرية والديمقراطية تندرج تحت ما يحدث في واقعنا من ممارسات سياسية واقتصادية وثقافية وبالتالي هي أزمة مدرسة وجامعة وصحيفة لأنها مفاتيح تنوير المجتمع فإذا كان الكل يؤدي دوره بشكل جيد ومحترم لن يكون هناك صحافة ضعيفة أو أزمة صحفية وبالتالي أيضا هي تندرج تحت فشل مؤسسات المجتمع!‏

هناك دول الرأي فيها مكبل - الصحافة - الإذاعة - التلفزيون لأن الحرية الصحفية نسبة وتناسب ,لبنان فيه حرية صحافة, مصر فيها حرية صحافة إلى حد كبير ولم يكن في يوم من الأيام صحيفة مثل الأهرام أن تجد فيها حرية الرأي والرأي الآخر, أيضا هناك تطور كبير في مجال حرية الصحافة في دول كثيرة, السعودية فيها حرية رأي, سورية فيها حرية رأي ورأي آخر الكويت ودول المغرب العربي وكذلك السودان رغم ظروفها الاقتصادية لكن الصحافة العربية ليست منظومة واحدة فهناك اتفاق واختلاف ومعارضة ,نحن نريد مزيدا من الحرية للصحافة وحرية الرأي والتعبير, نحن نستحق صحافة أكثر من ذلك لأننا كعرب كنا في وقت من الأوقات أساس تنوير العالم الغربي.‏

تقييد الحريات‏

الكاتب الصحفي أكرم القصاص مدير تحرير مجلة الموقف العربي:‏

الصحافة العربية في أزمة مثل الأزمة السياسية لأن ذات الصحافة الرسمية التي سادت أدت إلى اختفاء فكرة النقد فهي لا تنتقد الحكومة وبالتالي هناك تداخل شديد بين النظم والصحافة بحيث أصبحت تبعية الاعلام من صحافة وتلفزيون للسلطة!‏

هناك نقطة اخرى وهي أن فكرة الأحزاب وصحفها لا تبتعد عن هذه الدائرة وبالتالي الصحافة الحزبية وقعت في نفس الخطأ وسارت في نفس الطريق.‏

النقطة الثالثة: أغلب الدساتير والقوانين العربية تنص على حرية التعبير لكن الواقع والحقيقة عكس ذلك عند التطبيق فهناك ترسانة من القوانين التي تمنع حق التعبير وتجيز حبس الصحفي وتحمي السلطة والفساد وحاليا وبالعافية منذ 15 سنة تتحدث عن تغيير هذه القوانين المقيدة لحرية الصحافة والتعبير, فمثلا مصر تتشابه في كثير من القوانين مع الكثير من الدول العربية مثل قوانين النشر والقوانين الجنائية والاعلامية والصحفية لكنها محاصرة بترسانة اخرى من القوانين تعوق حركة الصحافة وحرية تدفق والحصول على المعلومات وحبس الصحفي فخلال سنة صدر أكثر من 10 أحكام بالحبس ضد صحفيين مصريين رغم أن رئيس الجمهورية أصدر قرارا منذ ما يقرب من 16 شهرا بإلغاء حبس الصحفي.‏

الصحفي احيانا يملك معلومات مؤكدة ولكن ليس لديه الوثائق وبالتالي إذا نشرها سيحبس وإذا لم ينشرها خالف ميثاق الشرف الصحفي وضميره ,هم يطلقون على الصحافة السلطة الرابعة لمواجهة السلطات الاخرى لأنها الناطق الرسمي باسم الحق والحقيقة ,نحن نحتاج إلى تحرير الاعلام والصحافة والنشر لأن الصحافة العربية أصبحت متخلفة عن صحافة دول العالم وبالتالي لابد من تحرير الصحف !‏

غياب القومية‏

الكاتب الصحفي عبد العال الباقوري وكيل نقابة الصحفيين المصريين السابق:‏

الصحافة العربية تعاني منذ فترة غير قصيرة أزمة متعددة الوجوه, المصدر الأول لهذه الأزمة في تقديري الشخصي أن الأمة العربية أصبحت تفتقد المشروع القومي المشترك بحيث أصبح الحديث عن القومية والوحدة الآ ن وكأنه رجس من عمل الشيطان ومن ثم فقد أصبحت الصحف العربية بشكل عام صحفاً قطرية ويندر أن نجد صحيفة عربية نعثر فيها على مايدور في الوطن العربي كله,رؤية موضوعية وقومية,ولم يعد هناك صحيفة عربية لها وزن على المستوى العربي اللهم إلا بعض الصحف المحترمة ذات الاتجاه القومي والوحدوي ,أيضاً هناك صحف مخططة لخدمة أنظمة معينة اعتمدت في بدايتها على طباعتها في الخارج ثم انتقلت الآن لتجد لها عدة طبعات في الدول العربية هذا جانب للأزمة.‏

هناك جانب آخر وهو التطورات العربية المتلاحقة سواء على مستوى العلاقات الدولية أو على مستوى تقنيات الصحافة والإعلام,فمنذ تسعينيات القرن الماضي وحتى الآن للأسف لم يعد لدينا سوى نسبة بسيطة من الصحفيين يواكبون أحدث النظم التكنولوجية العالمية.الجانب الثالث: هو جانب الحكومات والتي ترتبط بغياب المشروع القومي العربي أصبحت كل صحيفة متقوقعة وفي إطار الدفاع عن الحكومات التي فرضت قيوداً على الصحفيين ومقالات الرأي.أضف إلى ذلك أن ظهور الفضائيات والدور الذي أصبحت تلعبه أثر على عدد قراء الصحف وتراجع هذا العدد تراجعاً كبيراً ولا توجد للأسف أي مؤسسة عربية ترصد بموضوعية نسبة التراجع في الصحافة العربية في حين في الصحف الأوروبية بشكل خاص يحدث ذلك حيث تجرى عملية أبحاث صحفية متعددة سواء من جانب المؤسسات الصحفية المتعددة أو من جانب كليات الإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية.‏

هذه العوامل مجتمعة وضعت الصحافة العربية بشكل عام في أزمة والخروج من هذه الأزمة منوط أساساً بالجماعة الصحفية العربية بحيث تستطيع أن تبحث مشكلاتها بجدية دون مواراة وموالاة لهذا النظام وتضع الخطط والبرامج التي تمكنها من أداء رسالتها على الوجه الأكمل.‏

دائرة جهنمية‏

علي القماش رئىس تحرير مجلة المستقبل العربي وعضو مجلس نقابة الصحفيين المصريين:‏

الذي يحدد السقف الأحمر لنفسه هو الصحفي نفسه ولكنه سيدفع ضريبة ذلك لأن أصحاب الصحف أو بعض المستبدين منهم يعصفون بكل رأي أو تعبير قد يخالف وجهة نظرهم أي لا مجال لديهم لحرية الرأي والرأي الآخر!‏

أيضاً الاستبداد داخل الصحف وصل ذروته وهذا يؤدي إلى المزيد من الاستبداد داخل هذه المؤسسات وبالتالي هي دوائر وينتهي الأمر إلى أن الصحفي لا يستطيع الكتابة أو التعبير عن رأيه في صحيفته وكذلك المؤسسات الصحفية الحزبية وغيرها دخلت نفس الدائرة وبالتالي مناخ عدم الحرية يؤثر على الحركة الصحفية والذي يحدث في مصر يحدث في الدول العربية,لأن مصر قلب هذه الأمة وما يحدث هنا يؤثر هناك.‏

عندما أجد صحفاً في لبنان أعلى في سقف النقد من صحف مصرية ودول عربية وكذلك القنوات الفضائية فهذا شيء مقلق ومزعج على مستقبل الصحافة المصرية بوجه خاص والعربية بوجه عام وبالتالي وبدون ديمقراطية وحرية لا يمكن أن يكون هناك صحافة حقيقية وللأسف نحن نعاني أزمة في ثقافة الديمقراطية والحرية وعلينا أن نفكر ونبحث ونخطط لمواجهة ذلك لكي يكون لدينا صحافة حرة وقوية تمتاز بالشفافية والنزاهة.‏

حق الشعوب‏

الكاتب الصحفي محمد صلاح مدير مكتب صحيفة ( الحياة ) بالقاهرة:‏

لايوجد صحافة بمستوى جيد إلا في جو من الحرية والديمقراطية, فكلما زادت مساحة الحرية والديمقراطية كلما انعكس ذلك على تطور وازدهار الصحافة العربية لأن أكبر قيد يواجه وسائل الإعلام والصحافة ضيق مساحة الحرية المتاحة إضافة إلى عدم تدفق المعلومات الذي يتوقف بدرجة كبيرة على الحرية لأن المسؤول الحكومي يخشى أن يدلي بمعلومات قد تؤدي إلى عزله من منصبه وهذا من صعوبات المهنة وهي مواجهة السلطة بعد نشر خبر من شأنه إحداث ردود فعل عنيفة ضد الصحفي أو الصحيفة كذلك موالاة رؤساء التحرير للحكومة.‏

التحدي المهم هو مسألة غياب رؤية أو بيان كامل بأن الصحافة هي حق للشعوب ومن حق الصحفي الحصول على المعلومة وعدم اعتبار ذلك تطفلاً قد يسيء للمركز المالي والاقتصادي للدولة.‏

أيضاً المنافسة مع الاعلام الغربي الذي لديه امكانيات تكنولوجية عالية جداً أكبر بكثير من إمكانيات الصحف العربية وبالتالي الأمر يحتاج إلى مزيد من الحرية والدعم التكنولوجي.‏

حرب خفية‏

أحمد عبد الهادي رئىس تحرير صحيفة شباب مصر الالكترونية :‏

أزمة الصحافة العربية سواء الالكترونية أو الورقية ليست أزمة رئىس تحرير أو تضييق الخناق للسير في اتجاه معين والبعد عن الخطوط الحمراء ولكن أزمتها من الحكومات نفسها, من التشريعات والقوانين المكبلة لحركة الصحافة, فرغم التطور العالمي وسقوط الحواجز وتضييق المسافات بين الصحف والصحفيين على مستوى العالم في وقت واحد إلا أنه حتى اللحظة الراهنة لا يوجد دعم عربي حقيقي لحرية الصحافة ولا يوجد تشريع يدعم ذلك وإن كان هناك تشريع يدعم حرية الصحافة ورغم ذلك فكل التشريعات العربية سيوف مسلطة على رقاب الصحفيين.‏

أيضاً هناك خطوط حمراء في الأعراف والتقاليد داخل المجتمعات العربية ممنوع الاقتراب منها ولو حدث يتم محاصرة الصحفي بترسانة القوانين,أضف إلى ذلك هناك حرب خفية بين الحكومات والصحافة والتحكم فيها من خلال الاعلانات والتمويل..في كثير من الدول العربية لا تدعم الصحف التي تخالف وجهة نظر الحكومة وبالتالي لابد من تحرير الصحافة من كل هذه القيود‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية