ضمن هذا المنظور فإن مؤتمر مستجدات العمل المصرفي في سورية يستحق الوقوف عنده بعد إقامته في دمشق خلال الفترة /2-3/الشهر الجاري.
فالمؤتمر هو الثالث ضمن قائمة المؤتمرات التي نظمتها مجلة البنك المستثمر في سورية ومن التوصيات التي أصدرها المؤتمر تطوير عمليات التسليف المصرفي وتعزيز وتحديث العمليات المصرفية بأسرع طريقة ممكنة والاستعانة بالخبرات والاسراع في تأسيس مركز التدريب.
والتأهيل المصرفي وتطوير وتدريب الكادر البشري في المؤسسات المصرفية والمالية المعنية وتأهيله وإعطائه الحوافز المالية المناسبة والكافية.
إن مقارنة هذه التوصيات بالتوصيات التي صدرت عن المؤتمرين السابقين يظهرلنا جلياً أن معظمها قد تكرر وهذا دليل عدم الاستفادة الكافية من توصيات المؤتمرين السابقين ونرجو ألا يكون ذلك ينطبق على توصيات المؤتمر الثالث بانتظار أن يتم الاستفادة منها.
وإذا ما نظرنا إلى واقع العمل المصرفي في سورية من خلال /مصرف التسليف الشعبي/ كنموذج فإننا قد نكون بعيدين عن دائرة التفاؤل في حال استمراره بالصيغة التي يعمل فيها الآن.
من المعروف أن عدد المتعاملين مع المصرف يتجاوز /500/ ألف متعامل وإن معظمهم من أصحاب الدخل المحدود بين هذه الشريحة والمصرف يقتصر على الاستفادة من قروض المصرف مقابل الفوائد لكنه في الوقت الذي يسعى فيه هؤلاء للاستفادة من القروض يصطدمون بعوائق روتينية وبيروقراطية أثناء تعاملهم مع المصرف بدءاً من الازدحام الشديد والذي يقدر يومياً بمئات المراجعين بفرع واحد مثل فرع دمشق وهذا يرجع إلى قلة عدد الموظفين وهذا ناجم عن الاهمال بالمطالبة في زيادة الملاك العددي لموظفي المصرف بالرغم من تزايد أعداد الراغبين والمضطرين للقروض, كما أن المعاملات الورقية هي السائدة بالمصرف بسبب محدودية أعمال الأتمتة بالمصرف وعدم القيام بدورات تدريبية كافية لموظفي المصرف عليها وعدم الربط بين أقسام المصرف بحيث يضطر المتعامل مع المصرف الانتقال من قسم إلى قسم آخر لانجاز معاملته مما يربك الموظف وكذلك الزبون.
وأكثر ما يؤكد البطء في عمليات الإقراض أن الراغب بالقرض قد يحتاج إلى شهر للحصول على قرض بالرغم من أن الضمانات والأوراق تكون كاملة لديه وبعد عملية الاقراض وفي حال رغبة الزبون بالسداد المسبق على دفعات أو دفعة واحدة للأقساط المستحقة عليه فإنه يصطدم بعوائق كثيرة منها الحصول على موافقة مدير الفرع على ذلك وفي حدود /5/ أقساط بينما صلاحية المدير العام هي /8/ أقساط وهذا ما يفسح المجال واسعاًَ أمام الوسطات والمحسوبيات فمن يعرف أحد هؤلاء يسمح له بالسداد وإلا فالأمور صعبة وإذا ما كان الراغب بالسداد المسبق عليه أكثر من -8- أقساط فالتسديد هنا ممنوع إلا في حالات وشروط محددة منها أخذ إجازة بلا أجر أو السفر خارج القطر وأخذ قرض زواج وغير ذلك.
وهذا ما يجعلنا نتساءل : هل سمعتم أن مصرفنا يرفض أن يسدد له المقترض أمواله التي اقترضها مع الفوائد بشكل مسبق قبل أن يحين موعد السداد?!!!
ولعل أكثر ما يثير الاستغراب هو أن المصرف يلزم المتعامل معه بكتابة تعهد بعدم طلب أي قرض منه في حال قبول التسديد المسبق منه بنفس الوقت الذي تلهث فيه المصارف لاقناع الزبون بالحصول على قرض منها والتعامل معه بكل احترام, وهذا مايذكرني بحادثة حصلت في إحدى المصارف الاجنبية عندما أراد أحد المقترضين منها أن يسدد قرضاً دفعة واحدة بشكل مسبق, فجاء مدير المصرف متعذراً إن كان قد بدر من المصرف أي تقصير أو سوء تصرف تجاهه فأجابه المقترض أنه يريد أن يبرىء ذمته لأنه مضطر للسفر إلى بلد آخر, عندها أبدى مدير المصرف كل أسف لأنه خسر زبونا يتعامل معه وأبدى له رغبته بأنه في حال عاد ورغب بالحصول على قرض فإن أبواب المصرف مفتوحة أمامه بكل سرور.
بقي أن أشير اخيراً إلى أن الحصول على براءة ذمة من مصرف التسليف في حال السداد المسبق تتطلب /12/ توقيعا
رغم ذلك فنحن لا نملك سوء التفاؤل بتنفيذ توصيات مؤتمر مستجدات العمل المصرفي في سورية وكذلك الارتقاء بالعملية المصرفية ليس فقط من أجل الزبون وإنما لدورها الهام في عملية التنمية والاقتصاد الوطني .