افتتح الأستاذ غسان كامل ونوس رئيس الجلسة هذه الندوة مشيراً الى أن الشعر هو روح العالم وكذلك هو لغة القلب والروح والوجدان ثم شرح الأستاذ غسان كيفية وصول الشعر للمتلقي فرأى أن هناك مستويات للتلقي وذلك تبعاً لتنوع الثقافات وعلى هذا الأساس لا بد من القيام بالعديد من الدراسات والبحوث التي تقارب التجارب الشعرية مفرداتها وعناصرها.
ثم تحدث الدكتور جودت إبراهيم ( أستاذ في جامعة البعث, له 13 كتاباً وله عشرات البحوث المنشورة) عن ماهية لغة الشعر العربي الحديث في سورية متسائلاً هل هناك لغة واحدة للشعر العربي الحديث? وهل الشعراء يكتبون بلغة واحدة? أمّ هناك لغات متعددة? فرأى أنه للإجابة عن هذه الأسئلة يستوجب كتابة عدد كبير من الدراسات.
وأشار الدكتور جودت الى أن اللغة الشعرية مع الحداثة تحولت من لغة الوصف الى لغة الخلق ومن لغة الإيضاح الى لغة الاشارة وكذلك من المنطق الى اللاوعي ولكل تجربة شعرية لغتها الخاصة. ثم أوضح الدكتور جودت معنى الكلمة في اللغة الشعرية مستعيناً بقول أدونيس (بأنها أكبر من حروفها وموسيقاها ولها دم خاص ودورة حياتية) وعلى هذا الأساس لم تعد الكلمة محصورة برسمها الشكلي إنما أصبح لها دلالات مفتوحة وبالتالي لها أكثر من تأويل.
(رأى الدكتور جودت في لغة الشعر أنها لغة الناس وإن الشاعر السوري يستخدم لغة شعرية مستمدة من لغة الناس وبالتالي فهو يستخدم روح اللغة الجماعية وتحقق هذا بفضل الحداثة الشعرية التي انطلقت من الايمان بوحدة الوجود وأنهى الدكتور جودت كلامه متحدثاً عن اللغة الثالثة والتي تفضي عن ثنائية اللغة (العامية والفصحى) والتي هي حسب قول نزار قباني تأخذ من اللغة الأكاديمية منطقها وحكمتها ومن العامية حرارتها وشجاعتها وأن لهذه اللغة الثالثة نحن نكتب اليوم.
ومن لبنان تحدث الدكتور محمود حمد سليمان وهو يحمل شهادة الدكتوراه في اللغة العربية من جامعة لبنان له عدد من النشاطات والمؤتمرات الأدبية ومن أعماله الكتابية (الشيخ نديم الجسر) و)القصيدة الدينية العربية).
تحدث الدكتور محمود عن الحركة الشعرية السورية بين الأصالة والحداثة, فتوسع في شرح الحداثة والأصالة والمعاصرة وأشار الى أن بعض الباحثين والنقاد يرون بأن للمعاصرة والحداثة دلالة واحدة ولكن وفق الدكتور محمود لكل مصطلح معنى خاص فالحداثة تدل على المحتوى الذي هو متميز عما سبقه وأما المعاصرة تدل على الزمن المعين الذي نعيشه وما ينتجه من فلسفات ونظريات سواء أكانت تقليدية أم لم تكن. وأما الأصالة فهي تمثل النهج الذي لجأ إليه البعض في مقاومة الحداثة ولاسيما من حيث التمسك بالشعر القديم وعلى هذا الأساس لا يجب رفض القديم بالمطلق ولا قبول الحداثة على علتها ولا بد من تحليل علمي لأحوال العصر وتحدياته لنخرج منه بنظرية مرسومة الغايات وعلى ضوء النظرية نأخذ من الأصالة والحداثة ما يلائم النظرية.
واكبت التحديات
ثم أوضح الدكتور محمود كيف أن القصيدة الشعرية السورية واكبت تحديات الأمة في معارك الوحدة والاستقلال ومواجهة الاستعمار والتجزئة والظلم وذكرنا الدكتور محمود كيف هبّ الشعراء لمساندة يوسف العظمة في معركته في ميسلون ومن هنا كانت القصيدة السورية رداً مقاوماً للوصول الى فجر الحرية وذكر من هؤلاء الشعراء سليمان العيسى وشفيق جبري (مع حفظ الألقاب) الذين عبروا بكلماتهم وأشعارهم عن انتصارات الأمة.
وفي نهاية كلمة الدكتور محمود أوضح كيف أن الحركة الشعرية السورية متعددة الروافد والاتجاهات وإن هذه الحركة غزيرة المعارف وقوية الجذور وتصب في محيط الحركة الشعرية العربية بشكل عام وبالتالي هي من أهم روافد الأدب القومي العربي.
ومن الجزائر تحدث الدكتور رشيد شعلال وهو حاصل على ماجستير في اللسانيات من جامعة الجزائر وهو أستاذ فيها وله عدد من الكتب قيد الإصدار, تحدث الدكتور رشيد شعلال في معالم الحداثة في الشعر العربي المعاصر في سورية ورأى أنها مناسبة جيدة للدخول مباشرة في السياق الأدبي الغزير.
وقد اتخذ الدكتور رشيد من الشاعر خالد محي الدين البرادعي أنموذجاً للحديث عن معالم الحداثة في الشعر السوري وقد اختاره بالذات بسبب سهولة الحصول على أعماله الشعرية وكذلك بسبب ازدواجية الأدب الشعري في شخصيته ,رأى الدكتور رشيد في أن مدار النص الشعري عند خالد تأليف خرافي تتشكل فيه طاقة شعرية قوية وكذلك تأليف المفردات التي تسوغه الضوابط النحوية ومن هنا فقد تعامل الشاعر خالد مع اللغة تعاملاً شعرياً معيناً وبالتالي فإن اللغة ليست أداة فحسب بل كائن وحتى كانت كائناً حيّاً تتكيف مع نظيراتها في الزمان والمكان.
وفي نهاية الجلسة كانت هناك مداخلة من الشاعر التركي ( شعبان أباك) الذي يعتبر من كبار شعراء تركيا المحدثين أشار فيها الى أنه يشعر بفخر كبير كونه يوجد بين شعراء سوريين وعرب كبار وتمنى حصول تبادل وزيارات ثقافية بين دمشق واستنبول.