أي نتيجة الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها (رجل أسود) للمرة الأولى في التاريخ الأميركي.. من سبق له أن قرأ الأحداث التي جرت خلال السنوات الماضية من حكم طاقم جورج دبليو بوش - الجمهوري المحافظ أي طاقم المحافظين الجدد لا بد أن يستنتج أمراً مهماً جداً: إن السياق يجب أن يتغير إن أمراً ما يجب أن يحدث ليتوقف هذا الجنون الساري ركضاً وربما عشوائياً في طول الكرة الأرضية وعرضها, يجب أن تتوقف النزعة العدوانية الشريرة المهيمنة على البيت الأبيض الأميركي والتي جرت العالم إلى ماهو عليه اليوم: اختلاط الأمور والفوضى والأعمال العسكرية والعدوانات والاحتلالات وفرض العقوبات من طرف واحد هو الولايات المتحدة على أكثر من ثلث دول العالم إلى جانب إغراق العالم في متاهة الأزمة الاقتصادية العاصفة. الإدارة الأميركية بقيادة جورج بوش تصرفت من واقع أنها القوة الوحيدة المهيمنة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً على العالم بل إنها رأت أن على العالم كله أن يكون ذا لون واحد وطعم واحد, وفي حالة واحدة هي (الركون) والخضوع لما تراه الإدارة الأميركية, سوى ذلك سيكون الطرف المعني (إرهابياً أو راعياً للإرهاب أو مارقاً أو من أعضاء مثلثات الشر).
تصنيف العالم على هذا النحو واقترانه أي هذا التصنيف بأعمال عدوانية واستعلائية ومتغطرسة خلق الكثير والمزيد من العداء والرفض والبغض للسياسات الأميركية (ربما لم يحرق علم في التاريخ كما حرق العلم الأميركي في شوارع العالم خلال الأعوام الثمانية من حكم طاقم (جورج بوش), حاولت الإدارة الأميركية منذ البدء فرض قالبها على العالم ووقعت أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 لمنح الطاقم (الضوء الأخضر) للقيام بفتح صنابير الموت والدمار ونيران الحروب والاحتلالات على الآخر وأمعن الطاقم في الكذب والافتراء والتخويف , فلتبرير الحرب على العراق واحتلاله ذكر أن الطاقم فبرك وكذب أكثر من خمسمئة وستين مرة (بحسب إحصائية من داخل الولايات المتحدة الأميركية) وإلى جانب ذلك أمعنت وأوغلت في درب الجريمة والقتل في العراق حتى بعد تهاوي وسقوط الذرائع والادعاءات التي بموجبها برمجت للحرب والاحتلال, قتل الاحتلال الأميركي أكثر من مليون عراقي وشرد أكثر من خمسة ملايين وأعاد العراق إلى عصور كان العراق قد تجاوزها بكثير. آخر ما أعلن من جرائم المحتلين في العراق هو ما أعلنته اليونسكو قبل أسبوع: إن خمسة أعوام من الاحتلال أوجدت خمسة ملايين أمي في العراق بعد أن كان العراق عملياً قد احتفل أو على وشك الاحتفال بدفن الأمية فيه والسبب هو فقدان الأمن والخوف من مغادرة البيوت إلى المدارس منذ أن فرض الاحتلال نفسه وحاول أن يفرض على العراق أجندته الصهيونية, كثيرة وأكثر من أن تحصى جرائم الإدارة الأميركية خلال السنوات الماضية. مانستطيع تقديمه هنا ليس سوى قطرات من بحر أو هي مجرد غيض من فيض وصل إلى أن يتغذى على أحشائه بالذات, أجل إن الأزمة الاقتصادية العالمية - المالية- ما كانت عالمية بل كانت أميركية كون أميركا قائدة للرأسمالية في الذروة -الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية- وأميركا صارت إمبريالية, كل ما حدث في العالم كان بجريرة الإدارة الأميركية وخطاياها ولكن التخويف الدائم من غول (الإرهاب) ما عاد يفعل فعله في الشارع الأميركي الذي تأكد أن عليه هو أن يقوم بالتغيير.
لقد تلقف الأميركيون (الديمقراطيون) في البداية الشعار (التغيير) فاكتشفت فيه الأميركيون معظمهم في الأقل أنه المطلوب وأن لا أحد سواهم يقدر عليه وحتى حين حاول ماكين الابتعاد عن صورة بوش وسياسته فإنه لم يقنع أحداً.
الأميركيون قاموا بتحول تاريخي يمكن أن يقال إنه دراماتيكي حين صوتوا لرجل أسود ليكون رئيساً عليهم في البيت الأبيض وليقوم هو بإدارة عجلة التغيير لتكون الحادثة تاريخية بالمدلول الإيجابي فليس شرطاً أن يكون الحدث تاريخياً حين يكون ذا أثر إيجابي, فقط ولذلك نحن من موقع إنساني صرف نشد على اليد التي تحاول أن تحفر مجرى آخر أفضل وأكثر عدلاًً وأكثر إنسانية وتعقلاً, في التاريخ الإنساني تاريخ من غير استعلاء وحروب وإذلال واحتلال واغتصاب وفرض عقوبات وضغوط الخ.
نحن مع عالم يتجه إلى العدالة والسلام -عالم متعدد القوى والأقطاب يسود فيه التوازن, محكوم بنواظم الاحترام التام للشعوب وخياراتها وإراداتها عالم ينتصف فيه الضعيف والمظلوم من الجبابرة واللئام عالم يؤكد أن الإنسان في قيمه العليا أعظم وأرق وأبهى من لون البشرة حسب.. ففي العمق كل البشر سواء في اللحم والدم والعصب والعظم .. والفوارق هي حكر على المشاعر والسلوكيات العامة أو الخاصة انسجاماً مع الانتماء وصدق أو كذب التمسك بتلابيب الإنسانية في سعيها إلى الحرية والعدل والأمان.
nawafabulhaija @ yahoo.com