أوباما وعملاً بالمثل القائل كلام السياسة يمحوه الميدان، أعلن بالأمس القريب، وبدون أي مقدمات، أنه ليس في وارد إرسال قوات برية إلى سورية، بل اعتبر الإقدام على مثل هذه الخطوة أمراً خاطئاً، ليعود بالأمس، وبنفاقه المعهود، ليقول إنه يعتزم إرسال250 عسكرياً أميركياً إضافياً إلى سورية، فعلى من يخاتل الرجل؟!.
في لعبة التأرجح على حبال التصريحات المتناقضة، والمتلونة، والتي تحمل أكثر من تفسير ووجه، بحيث تتناسب مع مستجدات المواقف السياسية، وتتكيف مع تطورات الظروف الميدانية، وحده أوباما وإدارته وأجهزة استخباراته من يتسيد الأروقة الدبلوماسية، من أوسع أبواب الخباثة السياسية.
فالشيطان الأميركي، وإن كان دائماً يكمن في التفاصيل، إلا أن الواقع، يدلل أن ما بين التصريح والتصريح، عشرات التصريحات التي تدفع بذلك الشيطان إلى الواجهة وتحديد تلك التي تناقض ما قبلها، وتخالف ما بعدها.
المعطيات الراهنة تؤكد أن البيت الأبيض غير معني بإنجاح مفاوضات جنيف 3، كما أنه غير مهتم بما يكابده الشعب السوري من إرهاب عاصف مختلف التسميات والتصنيفات والرايات، إرهاب ما كان ليعمل آلته الإجرامية، لولا التسليح والدعم الأميركي، والتعليمات الأوبامية التي تم تنفيذها كلمة كلمة وحرفاً بحرف دون زيادة أو نقصان.
وسواء أرسل أوباما المزيد من قواته إلى سورية، أم لم يرسل، فإن هذا لن ينفعه في شيء، فالشعب الذي صمد في وجه آلاف الغيلان التكفيرية، والقطعان الوهابية، سيبقى مقاوماً وسيستمر في تصديه للإرهاب، فكثير يصرخون ويعلو ضجيجهم فيما القافلة السورية بخطى ثابتة تسير.