تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من معاني العيد

مجتمــــع
الإثنين 20-8-2012
إعداد: أنيسة أبو غليون

العيد مظهر من مظاهر الدين، ومن شعائره المعظمة التي تنطوي على حكم عظيمة، ومعان جليلة، وأسرار بديعة لا تعرفها الأمم في شتى أعيادها.

العيد في معناه الإنساني‏

يوم تلتقي فيه قوة الغني وضعف الفقير على محبة ورحمة وعدالة من وحي السماء، عنوانها الزكاة والإحسان، والتوسعة، يتجلى العيد على الغني المترف فينسى تعلقه بالمال، وينزل من عليائه متواضعاً للحق وللخلق، ويتذكر أن كل من حوله إخوة له، فيمحو إساءة عام بإحسان يوم، ويتجلى العيد على الفقير المترب فيطرح همومه ويسمو من أفق كانت تصوره له أخلاقه، وليس مكارم العام ومتاعبه، وتمحو بشاشة العيد آثار الحقد والتبرم من نفسه، وتنهزم لديه دواعي اليأس على حين تنتصر بواعث الرجاء.‏

العيد في معناه النفسي‏

حد فاصل بين تقييد تخضع له النفس، وتسكن إليه الجوارح، وبين انطلاق تفتح له اللهوات.. وتتنبه له الشهوات.‏

العيد قطعة من الزمن، خصصت لنسيان الهموم، وإطراح الكلف، واستجمام القوى الجاهدة للحياة، أما في معناه الاجتماعي، يوم الأطفال يفيض عليهم بالفرح والمرح والسرور، يوم الفقراء يلقاهم باليسر والسعة، ويوم الأرحام يجمعها على البر والصلة، ويوم المسلمين يجمعهم على التسامح والتزاور، ويوم الأصدقاء يجدد فيهم أواصر الحب، ودواعي القرب، ويوم النفوس الكريمة تتناسى أضغانها، فتتجمع بعد افتراق، وتتصافى بعد كدر، وتتصافح بعد انقباض، في هذا كله تجديد للرابطة الاجتماعية على أقوى ما تكون من الحب، والوفاء، والإخاء، وفيه أروع ما يضفي على القلوب من الأنس، وعلى النفوس من البهجة، وعلى الأجسام من الراحة، وفيه من المغزى الاجتماعي أيضاً تذكير لأبناء المجتمع بحق الضعفاء والعاجزين حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت وكل أسرة وإلى هذا المعنى الاجتماعي يرمز تشريع صدقة الفطر في عيد الفطر، ونحر الأضاحي في عيد الأضحى، فإن في تقديم ذلك قبل العيد، أو في أيامه إطلاقاً للأيادي الخيرة في مجال الخير، فلا تشرق شمس العيد إلا والبسمة تعلو كل شفة، والبهجة تغمر كل قلب، في العيد يستروح الأشقياء ريح السعادة، ويتنفس المختنقون في جو من السعة، وفيه يذوق المعدمون طيبات الرزق، ويتنعم الواجدون بأطاييبه.‏

في العيد أحكام تقمع الهوى، ومن ورائها حكم تغذي العقل، ومن تحتها أسرار تصفي النفس، ومن بين يديها ذكريات تثمر التآسي في الحق والخير، وفي طيها عبر تجلي الحقائق، وموازين تقيم العدل بين البشر، ومقاصد سديدة في حفظ الوحدة، وإصلاح الشأن، ودروس تطبيقية عالية في التضحية والإيثار، والمحبة، في العيد تظهر فضيلة الإخلاص مستعلنة للجميع، ويهدي الناس بعضهم إلى بعض هدايا القلوب المخلصة المحبة، وكأنما العيد روح الأسرة الواحدة في الأمة كلها، في العيد تتسع روح الجوار وتمتد حتى يغدو البلد العظيم وكأنه لأهله دار واحدة يتحقق فيها الإخاء بمعناه العملي، في العيد تنطلق السجايا على فطرتها، وتبرز العواطف والميول على حقيقتها.‏

لذلك فالعيد سكينة ووقار، وتعظيم للواحد القهار، وبعد عن أسباب التهلكة، فهو ميدان استباق إلى الخيرات، ومجال منافسة في المكرمات، لذلك فإن من شعائر العيد ما يدل على جلالها في الروحانيات، لها ريحها الهابة بالخير، والإحسان، والبر، والرحمة، ولها أثرها العميق في التربية الفردية والجماعية، فلنجعل من أيام العيد أياماً لا تنسى في عمل الخير والاستقامة، وتمتيناً للروابط الروحية والاجتماعية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية