تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دعوات لواشنطن... لتبني سياسة أكثر توازناً نحو الفلسطينيين

شؤون سياسية
السبت 14-1-2012
حسن حسن

الانحياز الأميركي الأعمى إلى «اسرائيل» ليس بحاجة إلى دليل، وحسب المرء أن يتذكر أعضاء الكونغرس وهم ينهضون ليصفقوا لرئيس وزراء «اسرائيل» بنيامين نتنياهو، وما يكادون يجلسون حتى يهبّوا واقفين من جديد.

ولا يعدم الإعلام الأميركي بين الحين والآخر، صوتاً يدعو ولو على استحياء إلى بعض التوازن في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، حتى من بين المتعاطفين مع «الدولة» الصهيونية. ولعل ما كتبه الصحفي نيكولاس كريستوف في صحيفة نيويورك تايمز يدخل في هذا الباب.‏

يقول كريستوف: يكشف سلوك الكونغرس بصورة دورية ثآليل الديمقراطية، بل يفضح بين حين وآخر قبائحها وتشوهاتها، التي ربما تجلت ذروتها في أزمة سقف الدين الأخيرة، ولكن هنالك منطقة تفوق العراقيل التي يخلقها الكونغرس فيها، العراقيل التي اعترضت سبيل أزمة سقف الدين، ألاّ وهي منطقة الشرق الأوسط.‏

ويمضي الكاتب قائلاً: يسعى الفلسطينيون إلى كسب اعتراف بدولتهم في الأمم المتحدة، وهي خطوة صغيرة لن تنجز الكثير لأحد، ومع ذلك، صوّت مجلس النواب الأميركي بأغلبية 407 أصوات مقابل 6 أصوات لدعوة ادارة أوباما إلى استخدام رأس مالها الدبلوماسي لمحاولة وقف هذه المبادرة، بينما هدّد كذلك بقطع التمويل عن الفلسطينيين إذا استمروا في السعي إلى اقامة دولة. وكذلك الأمر، عندما اجتاحت «اسرائيل» قطاع غزة عام 2008 فقتل أكثر من 1300 فلسطيني . ومع تدفق الدماء في غزة، أثنى هذا المجلس نفسه بأغلبية 390 صوتاً مقابل 5 على الغزو «الاسرائيلي» معتبراً «حق» «اسرائيل» في الدفاع عن نفسها.‏

ويتابع الكاتب قائلاً: إن مثل هذه الحماقة، تحيّر أصدقاءنا، وتبدد رأس مالنا الدولي، كما أنها تشجع تعنت حكومة رئيس الوزراء «الاسرائيلي» بنيامين نتنياهو، وتقلل فرص التوصل إلى تسوية سلمية.‏

جيرمي بن آمي، وهو موظف حكومي سابق، ظل يحاول في أثناء السنوات الأخيرة تغيير الدينامية السياسية في واشنطن من خلال منظمة جديدة هي «جي ستريت» تضغط على الكونغرس والبيت الأبيض لكي يبديا مزيداً من التوازن. وقد نشر بن آمي كتاباً بعنوان «صوت جديد من اسرائيل» يشكل مطالبة قوية بمعقولية أميركية في الشرق الأوسط.‏

ويكتب بن آمي في كتابه: إذا لم تتغير الأمور في القريب العاجل، فإن فرص تحقيق حل الدولتين للصراع «الاسرائيلي» الفلسطيني سوف تتسرب من بين أصابعنا.. ومع حدوث ذلك، يتبخر بالتدريج حلم الشعب اليهودي بأن يكون حراً في دولته.‏

بن آمي الذي عمل في البيت الأبيض في عهد بيل كلينتون، ينحدر من سلسلة طويلة من الصهاينة، كما أن أجداده ساهموا في تأسيس تل أبيب.. ولكنه مذهول من الطريقة التي تعزز بها الولايات المتحدة، السياسات الاسرائيلية المتشددة، التي تجعل السلام أقل احتمالاً، ولأن أولئك اليهود يصوتون ويتبرعون بناء على رغبة «اسرائيل» هم محافظون بصورة غير متناسبة. يقول بن آمي: إن «الثمانية في المئة من يهود الولايات المتحدة، وهم الفئة المتنفذة، قد اختطفوا الجماعات اليهودية للضغط من أجل سياسات لا تمثل عامة اليهود، ولا المصالح المثلى لـ «اسرائيل».‏

ويرى البعض هذا النفوذ للمنظمات اليهودية على السياسة الخارجية، فريداً و شريراً، ولكن الكونغرس كثيراً ما يخضع لأصوات صاخبة، لأصحابها شكايات معينة في السياسة الخارجية، ويدّعون وجود جماعات كبيرة تقف وراءهم. وفي حالة «اسرائيل» لا يشكل الرأي اليهودي الأميركي تلك الوحدة المتراصة، كما يقول الكاتب . ففي استطلاع للرأي أجرته عام 2008 اللجنة اليهودية الأميركية، سئل اليهود عن أهم قضية يريدون من المرشحين مناقشتها فذكر معظمهم الاقتصاد و3 في المئة قالوا «اسرائيل». كما توجد بعض الأدلة على أن اليهود الأميركيين الشبان، يتحررون شيئاً فشيئاً من الوهم، مع تحول المجتمع «الاسرائيلي» نحو اليمين.‏

ويسأل بن آمي: ماذا يحدث مع استمرار «اسرائيل» في أن تصبح أكثر تديناً وأشد محافظة؟ وماذا يحدث للعلاقة بين اليهود الأميركيين و«اسرائيل» مع تحول وجه «اسرائيل» من وجه اسحق رابين وسيمون بيريز إلى وجوه المستوطنين الدينية القومية، ووجوه الحاخامات المغالين في التعصب؟!‏

ويضع نيكولاس كريستوف كلمات آمي بصيغة أخرى، فيسأل: عندما يصبح «غلين بك» (مقدم البرامج التلفزيونية والمؤلف والمعلق السياسي الأميركي المحافظ)، أفضل أصدقاء الحكومة الاسرائيلية، ويدعى للحديث في الكنسيت، ماذا يفعل الليبراليون؟ بعضهم ينسحب. وآخرون ينضمون إلى الجماعات اليسارية مثل جماعة «الصوت اليهودي من أجل السلام» التي تؤيد حملات سحب الاستثمارات من الشركات التي تجني الأرباح من المناطق الفلسطينية المحتلة. ويقول الكاتب في نهاية مقالته: مع الربيع العربي، تملك الولايات المتحدة فرصة لبداية جديدة في المنطقة، ولكن ذلك يتطلب من واشنطن أن تتبنى سياسة أكثر توازناً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية