اجماع رسمي وحزبي وشعبي روسي على رفض أي تدخل خارجي في شؤون سورية أياً كان شكله، وأي قرار في مجلس الأمن يفضي إلى تكرار السيناريو الليبي أو زعزعة الاستقرار فيها.
وفي هذا الإطار حذر نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين من أن أي تدخل في الوضع الداخلي السوري المعقد سيؤدي الى كارثة لا يمكن تفاديها.
ودعا روغوزين خلال مؤتمر صحفي في بروكسل أوردت قناة روسيا اليوم مقتطفات منه الى مساعدة جميع الاطراف في سورية لايجاد مخرج نحو الحوار السياسي مؤكدا ضرورة أخذ العبرة من التدخل الاجنبي في ليبيا.
في غضون ذلك انتقدت الخارجية الروسية التعديلات الغربية على المسودة الروسية لقرار مجلس الامن الدولي بشأن سورية واعتبرت بانها تفرغ المقترح الروسي من مضمونه.
وقال غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي في تصريح لوكالة انترفاكس الروسية للاسف ان الموقف الغربي يختلف جذريا عن موقفنا وانطلاقا من مضمون التعديلات التي قدموها فان هذه التعديلات تستهدف تغيير النظام في سورية وافراغ المقترح الروسي من مضمونه.
واوضح غاتيلوف ان الموقف الروسي يتلخص في دعوة الطرفين الى انهاء العنف وبدء عملية سياسية دون اي تدخل خارجي ودون حل القضايا السورية الداخلية بالقوة بينما يركز موقفهم على ان الحكومة السورية مذنبة جملة وتفصيلا ويجب التغاضي بكل الوسائل عن الاعمال التي ترتكبها المعارضة المسلحة.
واشار غاتيلوف إلى انه وبالرغم من موقفهم غير البناء فان روسيا على استعداد لمواصلة المشاورات بشأن نص مسودة القرار لكي يكون عاكسا بموضوعية للوضع في سورية لافتا إلى اجراء الجولة الجديدة من المشاورات خلال الايام القادمة.
واكد غاتيلوف ان روسيا لن تغلق الابواب امام مواصلة المشاورات وعلى استعداد للحوار مع كل الاطراف في مجلس الامن لغرض التوصل الى نص مقبول لدى الجميع.
وحول عمل بعثة المراقبين العرب في سورية اشار غاتيلوف إلى ان روسيا تدعم عمل المراقبين العرب الموجودين حاليا في سورية وتعتبره عاملا مساعدا في الاستقرار والتوجه نحو التسوية السياسية وهي تطالب باستمرار عمل المراقبين وتنفيذ المهام التي حددها تخويل الجامعة العربية.
إلى ذلك أعلن فلاديمير جيرينوفسكي زعيم الحزب الليبرالى الديمقراطي الروسي وقوف حزبه الى جانب سورية وقال ان كتلة حزبه في البرلمان الروسي مستعدة لدعم الاجراءات التي من شأنها منع تكرار السيناريو الليبي في سورية.
وأوضح جيرينوفسكي في تصريح لقناة روسيا اليوم أن كتلة الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي مستعدة لطرح مشروعات وثائق ترمي الى منع أي تدخل دولي في سورية وانزال اي قوة في أراضيها لافتا الى العلاقات والمصالح الاقتصادية والعسكرية التي تربط سورية وروسيا.
وفي السياق ذاته أكد الاكاديمي والسياسي ورئيس الوزراء الروسي الاسبق يفغيني بريماكوف أن بلاده لن تسمح بتكرار السيناريو الليبي في سورية من خلال مجلس الامن الدولي.
ونقلت قناة روسيا اليوم عن بريماكوف قوله خلال ندوة في موسكو أمس ان الآلية التي طبقها حلف الناتو في ليبيا تمثل سابقة خطيرة للغاية حيث استخدم قرارا غير واضح لمجلس الامن الدولي لاضفاء الشرعية على التدخل العسكري من أجل دعم طرف في حرب اندلعت في دولة مستقلة.
واضاف بريماكوف: لا أعتقد أن روسيا والصين اللتين لم تعارضا قرار مجلس الامن الخاص بليبيا ستسمحان بأن يكذب عليهما مرة ثانية معربا عن قناعته بأن صناع السياسة الخارجية في روسيا سيأخذون في الحسبان هذا الامر.
وأوضح بريماكوف أن ما جرى في المنطقة بدأ ضد حكام اعتمدت عليهم الولايات المتحدة وأوروبا ولكن الغرب استغل الاحداث لشن حملته لاسقاط الدول العربية التي لا تروق له..
بدوره انتقد فاتشيسلاف ماتوزوف رئيس جمعية الصداقة الروسية مع البلدان العربية محاولات الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الرامية إلى التأثير على عمل بعثة المراقبين العرب وتحويلها إلى وسيلة مساعدة في تخريب الدولة السورية.
ورأى ماتوزوف في اتصال هاتفي مع التلفزيون العربي السوري أمس أن رفض واشنطن لدور البعثة العربية نابع من معرفتها بأن المراقبين سيكشفون كذب ما كانت تنشره وسائل اعلام غربية وأمريكية عن الاحداث الجارية في سورية والتي تحاول أن تظهر للرأي العام العالمي أن سورية قلقة وغير مرتاحة وذلك بشكل مغاير تماما للحقيقة التي يسجلها المراقبون العرب.
وعبر ماتوزوف عن ارتياحه لعدم استجابة بعثة المراقبين للضغوطات الامريكية والغربية لافتا إلى أن البعثة مستمرة في مهمتها لتثبت الحقيقة التي تقع على عاتق ضمير أعضائها في ارسال تقارير واقعية ومشاهدات حقيقية إلى الجامعة العربية. وحذر ماتوزوف من أن سياسة الادارة الامريكية ترمي إلى تقسيم المجتمع السوري من أجل تسهيل السيطرة عليه معتبرا أن أي عمليات عسكرية ضد سورية تعد عدوانا فاضحا وارهابا دوليا لا يمكن لأي دولة في العالم الموافقة عليه.
ولفت ماتوزوف إلى أن سورية تواجه قوة جبارة وعلنية تسعى للسيطرة على العالم تمثلها دول غربية تشجع المعارضات المسلحة وغير المسلحة للقيام بأمور عسكرية وسياسية بغرض اسقاط الانظمة التي تصطدم مع المصالح الامريكية الرامية إلى بناء مشروعها الكبير المتمثل بالشرق الاوسط الكبير الجديد.
بدوره حذر رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين من أن روسيا سترد على أي عمليات أحادية الجانب تقوم بها الدول الغربية على الساحة الدولية إذا لم تأخذ في الاعتبار المصالح الروسية.
وقال بوتين في برنامجه الانتخابي للاقتراع الرئاسي في روسيت المقرر في آذار المقبل ونشره موقع حملته الانتخابية الالكتروني: نحن نسعى إلى التعاون المثمر المتبادل والحوار بشأن مكافحة الإرهاب الدولي والرقابة على التسلح وضمان الأمن الجماعي ولكن إجراءات شركائنا أحادية الجانب لا تأخذ في الاعتبار رأي روسيا ومصالحها وذلك في إشارة إلى القوى الغربية، مؤكداً أن مثل هذه الإجراءات الأحادية ستخضع للتقييم الضروري وللرد المناسب.
ووعد بوتين بأن يكافح كل محاولات الغرب لفرض إرادتهم على روسيا مؤكداً استحالة اتخاذ قواعد لعبة السياسة والاقتصاد الدولية على حساب روسيا أو بالالتفاف على مصالحها .