تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ليبيا ومتاهات التدخل الخارجي

شؤون سياسية
الخميس 20-10-2011
غالب محمد

كثيرة هي العراقيل التي تواجه ليبيا فالمعارك السياسية والعسكرية لاتزال تنتشر وعلى أكثر من جبهة، ولايزال الميدان بعيداً عن السيطرة ولاتزال السيادة منقوصة على الصعيد العسكري

حتى الآن، والمجلس الانتقالي يعاني من خلافات سياسية حادة ومفتوحة، كما أن الوضع العسكري في سرت يزيد الموقف تصعيداً وتعقيداً خصوصاً أنه يرتبط بطبيعة العلاقة المتوترة بين المجلس الانتقالي ووجهاء القبائل والعشائر .‏

الأمر الذي يضعنا أمام سؤال مهم وملح ويفتح ملفاً مهماً وشائكاً وهو مدى قبول وتقبل الأهالي في المدن والمناطق الليبية عموماً للوضع الجديد الناشئ .‏

ومع تصريح قائد القوات الأطلسي في إفريقيا بقرب انتهاء العمليات العسكرية في ليبيا يجد المجلس الانتقالي نفسه في مواجهة عبء جديد،لاسيما عدم القدرة على اعتقال القذافي واستمرار قواته في القتال.‏

أمام هذا الوضع وفي محاولة جديدة لتمرير الوقت أعلن المجلس الانتقالي عن تعديلات في صفوفه وفي تشكيلة المكتب التنفيذي الذي يعد بمثابة حكومة انتقالية .‏

لقد كثرت في الآونة الأخيرة المطالبات داخل المجلس بإبعاد محمود جبريل الذي يعتبره البعض عقبة في طريق تشكيل حكومة مؤقتة في ليبيا حيث يواجه جبريل انتقادات حادة من الأوساط الإسلامية خاصة، مادفع الأخير إلى التصريح بأنه لن يشارك في الحكومة الجديدة.‏

لاشك بأن المعضلات التي تجابه الحكومة الانتقالية قد تركت بصماتها على التعديل المحدد والذي جرى خصوصاً فيما يتعلق بوزارة النفط وقد أعلن رئيس المجلس الانتقالي أنه سيوكل إدارة شؤون النفط إلى مؤسسة النفط بعد تفعيل دورها من جديد، وسوف يشكل قطاع النفط حيزاً مهماً وسيلعب دوراً جوهرياً ومفصلياً في مستقبل الحياة الليبية القادمة. وذلك فيما يتعلق بالموارد المالية اللازمة لإدارة البلاد، وثانياً إن إدارة القطاع النفطي ستعكس طريقة تعاطي السلطة القادمة مع الأطراف الخارجية لاسيما ماتردد عنه صفقة عقدت بين المجلس وفرنسا تقضي بمساعدة باريس للمجلس بالإطاحة بالقذافي، مقابل حصة محددة من النفط الليبي ، كما ستعطي إدارة قطاع النفط إشارات قوية لجهة مدى قدرة السلطة الانتقالية على معالجة الملفات المصيرية والمعقدة التي تنتظر ليبيا في القريب العاجل، حيث هناك الملفات الداخلية الاقتصادية، مثل توزيع الموارد وموازنة المخصصات بين المجالات المختلفة ، فضلاً عن عمليات إعادة البناء والتطوير التي يحتاجها قطاع النفط بعد تدمير أغلب منشآته الأساسية .‏

ويبدو أن المجلس الانتقالي لايعاني من خلافات داخلية وحسب لكن والأهم من هذه الخلافات هو عدم قدرة هذا المجلس على التعامل معها وإدارتها.‏

في الوقت الذي لاتؤخذ أي مؤشرات من داخل المجلس بقرب انتهاء هذه الخلافات .‏

هناك خلافات أخرى لاتزال قائمة على الصعيد الميداني.‏

وأبرزها الفجوة المتزايدة بين شرائح وجماعات المعارضة الليبيين بعضهم بعضاً من جانب، مقابل العلاقة المتوترة بينهم وبين بعض القبائل .‏

إضافة إلى حالة التوتر وعدم الثقة الحاصلة بين السكان المدنيين في كثير من المناطق وبين المعارضين الذين سيطروا عليها.‏

بعض شيوخ القبائل يرون أن المعارضين يتعاملون مع بعض المناطق التي دخلوها بالقوة بمنطق الفتح والتحرير من الاستعمار.‏

ويعاملونهم بمنطق الاستعلاء دون مراعاة الاعتبارات القبلية والعائلية السائدة.‏

الأمر الذي شكل شقاً جوهرياً في فشل المفاوضات بين هؤلاء وبين وجهاء العشائر في سرت وبني وليد.‏

وهناك مشكلة تجسدت في منطقة «غدامس» على الحدود الجزائرية حيث إن الطوارق لايثقون بالمجلس الانتقالي الليبي، رغم الاتفاقات التي أبرمت بينهم وبين المجلس.‏

من جهة أخرى هناك مشكلة تكمن في الاختلافات وعدم التنسيق بين الجماعات المسلحة المنتشرة في أنحاء ليبيا خصوصاً فيما يتعلق بدمج مايسمى بالمجموعات الأمنية المختلفة.‏

من الواضح أن العلاقة بين السكان المدنيين والمجلس الانتقالي في كثير من المناطق الليبية مرشحة للتوتر في أي لحظة، وذلك أن الوجود المستمر للمسلحين في المدن أصبح مثار انتقاد من قبل سكان هذه المدن، ويأتي على رأسها سكان مدينة طرابلس العاصمة.‏

في مواجهة كل هذه المشكلات ووسط هذه الأزمات يتوقع أن يكون المجس بحاجة ماسة إلى دعم سياسي كي يستطيع تجاوز أزماته الداخلية أولاً ومساندة عسكرية أيضاً للخروج من الموقف غير المستقر في مدينة سرت وبني وليد الأمر الذي يعيدنا إلى التدخل الخارجي مجدداً ودور هذا التدخل سواء في دعم سياسات وتوجهات المجلس الانتقالي الداخلي أم في مساعدته عسكرياً لاستكمال سيطرته على كل مدن وأراضي ليبيا.‏

فيما يتعلق بالوضع العسكري من المفترض وحسب تصريحات الجنرال كارتر هام فإنه من المتوقع أن تقوم القيادة العسكرية الأميركية برفع تقرير حول انتهاء العمليات العسكرية، وقد أشار هذا القائد إلى ضرورة وأهمية قيام المجلس والقوات التابعة له بفرض سيطرتها على المناطق السكنية قبيل انتهاء مهمة الناتو.‏

هذا يعني أن الناتو لايعني وقد لايرغب في لعب دور آخر في بقية العمليات الجارية في سرت وبني وليد، ومفاد ذلك أن المجلس الانتقالي سيشعر مبكراً بفقدان الغطاء العسكري ولكن هذه الإشارة لم تصدر حتى الآن عن الناتو ذاته، مايعني أن ثمة احتمالاً بعدم الأخذ بتوجيه قائد القوات الأميركية في إفريقيا في كل الأحوال فإن تصريحات الجنرال كارتر ترسل إشارات سلبية في مايتعلق بالعثور على القذافي قريباً فضلاً عن تقويض قدرة قواته على الاستمرار في القتال وخوض حرب استنزاف طويلة الأمد مايعني استمرار الأزمة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية