تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الحامل التاريخي للتضامن الأممي مع سورية

شؤون سياسية
الخميس 20-10-2011
بقلم: علي الصيوان

كان لزيارة وفد «ألبا» إلى سورية أهمية استثنائية ليس من كون مجموعة هذه الدول: كوبا- فنزويلا- بوليفيا- إكوادور - نيكارغوا، تقع على ضفة الأطلسي الغربية

، بل لأن الخط السياسي الذي تمثله قرينةعلى أن العالم منقسم شاقولياً وليس حسب المسطحات الجغرافية التي تستدعيها مفاهيم رائجة في شأن التضاد بين الغرب والشرق .‏‏

وفي صلب الأهمية الاستثنائية لهذه الزيارة التضامنية مع سورية ، تقع قضية النضال من أجل الحرية التي تتحد فيها بقاع في الغرب مع بقاع في الشرق ضد القوى الامبريالية والرجعية الظلامية ، أياً يكن موقعها الجغرافي .‏‏

وليس مثل الشعوب التي اكتوت بنار العدوانية الامبريالية العابرة للقارات ، من يولي التضامن مع سورية التي تقاوم حالياً هذه العدوانية ، ما يجب من اسناد.‏‏

ثمة من يحاول تقزيم هذا التضاد برده إلى لغة المصالح ، كتفسير استخدام روسيا والصين لحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ، بكون الدولتين العظميين تبحثان عن منافع تقاس بالدولارات بتضامنها مع سورية .‏‏

وهذا صحيح جزئياً ، لكنه يعجز عن الإحاطة بمخرجات النفع المتبادل بين الدول والأحزاب والشعوب ذات المصلحة الواحدة في ردع الوحش الامبريالي.‏‏

إذ يمكن لبيانات الميزان التجاري أن تفسر جانباً من هذا النفع المتبادل . لكن هذه البيانات قاصرة عن الإحاطة بالأساس الذي شيدت عليه . وهو الرؤية السياسية التي تعاين المصالح الآنية والآجلة لقوى هذا العالم المنقسم في الاقتصاد والاجتماع ، ليس إلى شرق وغرب ، بل المنقسم بين قوى امبريالية دينها الارهاب والنهب بالإكراه المسلح وبالأبلسة في الابتزاز ، وبين الشعوب صاحبة المصلحة في الانعتاق من تعسف الامبرياليين ومن يقع في براثنهم من أدوات وسط هذه الشعوب .‏‏

والحال ، فإن إجابة سؤال : من العدو ؟ هي المعيار الذي تقاس به العلاقات الدولية التي تتطور على منظومة وقائع وبيانات تشكل حاملاً تاريخياً عابراً للتلاوين السياسية المتعاقبة .‏‏

كانت سورية ، بعيد استقلالها 1946 ، منسجمة مع مصالحها العاجلة والآجلة ، وهي تبادر منفردة بين الدول العربية ، إلى إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع موسكو 1947 ، وبكين 1957 حين كانت علاقات كهذه من زاوية واشنطن رجساً يتوجب سخطاً وعقاباً لم تحجم الأخيرة عن ممارسته بوسائل شتى . وهو عقاب ممتد طيلة ما بعد استقلال سورية ، استتبع إحجام أي رئيس سوري عن زيارة الولايات المتحدة ، ويفسره السخط الأميركي المزمن على سورية ، أي أن كلامن واشنطن ودمشق وضعت الأخرى في حقل إجابة سؤال : من العدو؟.‏‏

وهذا ينطبق على هافانا وكاراكاس ولاباز وكيتو وماناغوا . إذ إن شعوب هذه البلدان اكتوت كدمشق بعدوانية الامبرياليين في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية ، مباشرة أو مداورة: سواء بالغزو السافر أو المقنع بانقلابات القوى الرجعية المرتبطة بالاستخبارات المركزية الأميركية كما في العدوانية الامبريالية الراهنة على سورية ، المقنعة بالقوى الظلامية .‏‏

وهنا مكمن الآصرة التي حملت التدافع الأممي إلى سورية من بلدان «ألبا» أي بلدان المد اليساري في أميركا اللاتينية ، ومن بلدان مثل أوكرانيا وروسيا، ولاسيما بعد عودة الوعي في هذين البلدين الصديقين ضد هجمة التدخل الامبريالي المقنع بـ«الديمقراطية» و«ثورة القرنفل».‏‏

المثال الأصلي للسياسة العدوانية الامبريالية على الشعوب قاطبة ، هو حرب الأفيون التي قادتها بريطانيا 1840 لإرغام الصين على تعاطي الأفيون ، يتكرر في كل حركة وسكنة من الامبرياليين منذئذ، وإلى أن تتحد شعوب العالم وراء مهمة خلع أنياب الوحش الامبريالي.‏‏

أليست السياسة الأميركية التدخلية في سورية حالياً استنساخاً للسياسة التدخلية في إيران1953 والكونغو 1961 ، وفي أندونيسيا والبرازيل والإكوادور 1965؟ وشيلي 1973؟ وأفغانستان 1979؟ حين رفع زبغينيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأميركي راية التحالف مع الإسلامويين . وهي الراية نفسها التي يحملها «البيت الأبيض» في التحالف مع الظواهري والسلفيين التكفيريين لتخريب سورية ؟‏‏

يقيناً إن الصراع مع الامبرياليين سجال :تتكبد فيه الشعوب هزائم، تبعاً لعجزها عن تعيين العدو الحقيقي وتحرز فيه انتصارات كذلك تبعاً لتحديد خندق نضالهاوموطئ قدمها في مجابهة عدو الشعوب المشترك وهو النظام الامبريالي العالمي ومن يقع في حبائله ويجري في ملعبه.‏‏

ولا ريب في أن تعيين العدو هو الخطوة الحاسمة في الطريق إلى الترتيب الصائب للأولويات في الاقتصاد والاجتماع وفي العلاقات الدولية ، وبما تتجنب معه الشعوب في القارات كلها هدر الوقت والجهد في البحث عن «مصالح» متوهمة مع أي نظام امبريالي ، أثبت بما يكفي من المرات أنه خزان للعدوانية المتصلة والتدخلية .‏‏

siwan.ali@gmail.com‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية