تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مئــات القــرارات مجمــدة وضحيتهــا الأولــى القضيــة الفلســطينية

قاعدة الحدث
الخميس 20-10-2011
إعداد: سائد الراشد

المجتمع الدولي وجد لإعادة الحقوق وإنصاف الدول الضعيفة من الدول صاحبة النفوذ هذا هو التعريف السائد، والأمم المتحدة ودورها في تسوية الخلافات على أساس الشرعية الدولية،

الشرعية التي فقد شرعيتها وأصبح يلفها الغموض المتعمد، والازدواجية في التعامل الأميركي والغربي مع قراراتها، وخصوصاً المتعلقة بالشرق الأوسط، فالولايات المتحدة ومن ورائها إسرائيل لهما فهم خاص للشرعية الدولية، تنبع من واقع شرعية الأقوى، وليست الشرعية الدولية التي كانت تناصر الضعفاء أو على الأقل تعبر عن توازن في التعامل مع الدول، والمجتمع الدولي الذي اختطف مجلس أمنه المزعوم صلاحيات منظمة الأمم المتحدة وجمعيتها العمومية، حيث غدت إرادة هذا المجلس مرتهنة لإرادة وابتزاز حكام واشنطن الذين يشكلون مع حلفائهم في تل أبيب بؤرة الشر والعدوان الحقيقية، وقوة الإرهاب الدولي الأشد شراسة ووحشية، وممارساتهم التي أدت إلى المزيد من زعزعة الاستقرار العالمي ونشر أجواء الكراهية والتطرف في العالم بدل الحوار والتسامح والتعاون؟!‏

فأغلبية ما صدر عن المجتمع الدولي بخصوص ما سمي الصراع في الشرق الأوسط هي توصيات غير ملزمة أو قرارات تباينت التفسيرات حولها دون آلية للتنفيذ، صحيح أن العديد من توصيات الجمعية العامة وقرارات مجلس الأمن تعترف بحقوق للفلسطينيين وتعترف بهم كشعب بل تعطيهم الحق بالمقاومة، إلا أنها مع ذلك لا ترقى إلى درجة الاعتراف الواضح بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وكل هذه القرارات لم تكن ملزمة لإسرائيل، إلا إذا استندت إلى مواد «الفصل السادس والسابع والثامن والثاني عشر» من ميثاق الأمم المتحدة، حسب محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن الدولي.‏

بينما صدرت قرارات تستند إلى الفصل السابع ملزمة للعرب فقط، ولمصلحة إسرائيل منها: القرار رقم /50/ تاريخ 29/5/1948 القاضي بوقف العمليات العسكرية لمدة أربعة أسابيع خلال حرب عام 1948، والقرار رقم /54/ تاريخ 5/ 7/ 1948 تضمن دعوة مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار بين العرب واليهود وغيرهما.‏

لقد صرح «روب مالي» مستشار الرئيس الأميركي السابق كلينتون في ندوة عقدت في غزة حيث قال: إن على الفلسطينيين أن ينسوا الشرعية الدولية كمرجعية لاستعادة حقوقهم لأن مراكز القرار في الولايات المتحدة لم تعد تعتمدها كأساس للتسوية، وبعد غزو أميركا للعراق ضد قرارات الشرعية الدولية، لم تعد أميركا متحمسة مع أي صراع انطلاقاً من الشرعية الدولية أو قرارات الأمم المتحدة.‏

الولايات المتحدة الأميركية التي تجسد دور وسيط السلام، في الواقع تشجع إسرائيل على رفض الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية وعدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي من خلال ممارساتها الفعلية باستعمالها لحق النقض الفيتو 53 مرة لإجهاض الحقوق العربية، و43 مرة لمصلحة «إسرائيل» في مجلس الأمن، ضد كل قرار يدعو إسرائيل للالتزام بقرارات الشرعية الدولية، وأيضاً سكوتها عن الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وتخليها عن دور الوسيط النزيه في المفاوضات. يرى البروفيسور الأميركي «ويليام كوك» أستاذ اللغة الإنكليزية بجامعة لافيرن في كارولينا الشمالية، أحد المختصين بالموضوع الفلسطيني أن: «... الولايات المتحدة لا يمكن أن تكون وسيطاً موضوعياً في عملية السلام، وعليها أن تتخلى عن هذه المسؤولية إلى الأمم المتحدة، باعتبارها الهيئة القيّمة على جميع دول العالم، والمسؤولة عن تنفيذ قراراتها التي تحدتها إسرائيل بشكل صارخ خلال الأعوام الثلاثة والستين المنصرمة.... وما دامت الأمم المتحدة أقرت التشريعات المتعلقة بالشروط الوجودية لدولة إسرائيل فإن عليها أن تعيد فرض سلطتها كي تبرز دولة فلسطين للوجود..»، وأضاف: «تقف إسرائيل بوجه جميع الدول الأعضاء كمدافع وحيد عن حالتها الراهنة، وهي حالة يصعب الدفاع عنها، خاصة وقد انضمت إسرائيل إلى التنديد بدول أخرى تحدت قرارات شبيهة، فخلال الفترة 1967- 2000 كانت العراق موضع تنديد 69 قراراً صدرت عن مجلس الأمن؛ بينما كانت إسرائيل موضع تنديد 138 قراراً».‏

وأثناء اجتماع لجنة التوفيق الدولية في «مؤتمر لوزان» بتاريخ 26 / 4/ 1949 أصرّت الدول المجتمعة على عدم قبول إسرائيل عضواً في منظمة الأمم المتحدة، إلا بعد تنفيذ قرار التقسيم / 181/ والقرار / 194/ بعودة الشعب الفلسطيني لفلسطين، فوافقت دولة الكيان الصهيوني على ذلك، ولكن بعد قبول عضويتها بالأمم المتحدة، رفض قادتها تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، بل تحدى رئيس وزراء العدوان الصهيوني الأسبق «دافيد بن غوريون» بقوله: «هذه ليست نهاية كفاحنا، ولكننا بدأناه اليوم، ويجب أن نستمر في كفاحنا لتحقيق الدولة اليهودية من الفرات إلى النيل». إنه رفض لقرار تلاه مئات القرارات الدولية بخصوص القضية الفلسطينية والقدس لإلزام العدو الصهيوني بعودة الفلسطينيين منها على سبيل المثال لا الحصر 242 – 338 – 2253 – 2535 - 2546 – 2628 – 2649 – 2672 – 2727 - 2778 – 2851 – 2963 – 3005 – 3092 الخ، كلها ما زالت حبيسة أدراج مكاتب مجلس الأمن، وقد كانت الأمم المتحدة تجدد قلقها حول عدم تنفيذ هذه القرارات، ولكنها لم تتخذ أي خطوات عملية لتنفيذه.‏

لا تزال «إسرائيل» في إطار تحديها واستخفافها بإرادة المجتمع الدولي، وعدم احترامها للأعراف والقوانين الدولية تضرب عرض الحائط بكل قرارات الأمم المتحدة، والهيئات ذات الصلة والتي تطالبها بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، ووقف الاستيطان في هذه الأراضي واحترام حقوق الإنسان فيها، وفيما يتعلق باحتلالها للجولان العربي السوري المحتل، ومحاولاتها المستمرة بفرض قوانينها وإداراتها عليه، مدعومة من الدولة التي تدعي الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان.‏

وآخر تحديات هذا العدوان، عندما دفع صمود شعب غزة البطولي واتساع دائرة الاحتجاج العالمي في أوروبا والأميركيتين، وخاصة تظاهرات الغضب التي اجتاحت شوارع البلدان العربية كافة والتي تواصلت وشملت تركيا وإيران وأغلبية البلدان الإسلامية إلى إصدار قرار من مجلس الأمن بإجماع أعضائه مع امتناع الولايات المتحدة عن التصويت، يقضي بالوقف الفوري لإطلاق النار على أن يقود إلى انسحاب القوات الإسرائيلية ووضع آلية لفتح المعابر.. إلخ، فإن تل أبيب قد رأت أن امتناع واشنطن عن التصويت، يعني إطلاقاً ليدها وتشجيعاً لها على تحدي هذا القرار الذي يفترض أنه واجب التنفيذ، وهذا ما فعلته وواصلت عدوانها كأن شيئاً لم يكن!‏

إن قرارات المنظمات الدولية بخصوص القضية الفلسطينية، بقيت حبراً على ورق، ولم تُرجِعْ الحقوق لأصحابها،‏ إنها مشكلة شعب فلسطين بأسره الذي يعاني الاحتلال منذ عقود، ويمتلك الحق في اعتماد مختلف الأساليب لمقاومته والخلاص منه، والحل هو في تنفيذ القرارات الدولية، وهو ما ترفضه إسرائيل بدعم من واشنطن وبموافقة أو صمت من الدول الغربية المنصاعة لها والحريصة على إرضاء تل أبيب، وهو ما اصطلح البعض على تسميته بغير وجه حق المجتمع الدولي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية