تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قامت على أنقاض عصبة الأمم.. و«51» دولة وقعت ميثاقها

قاعدة الحدث
الخميس 20-10-2011
إعداد: عزة شتيوي

وضع الرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين دي روزفلت اسم «الأمم المتحدة» على هذه المنظمة الجديدة التي قامت على أنقاض ما كان يسمى عصبة الأمم المتحدة حيث استخدم اسم هيئة الأمم المتحدة عند ما تم الإعلان عنها لأول مرة بتاريخ1 كانون الثاني

عام 1942خلال الحرب العالمية الثانية عندما أخذ ممثلو 26 دولة من حكوماتهم تعهداً بمواصلة القتال معاً ضد قوات المحور.‏

تعد الأمم المتحدة نتاج تفاعلات دولية متصلة بدأت منذ القرن السابع عشر للميلاد، واتسمت بعدة مظاهر أهمها وجود الصراعات والحروب والتنافس السياسي بين الوحدات السياسية المختلفة خصوصاً تلك القائمة على أساس الدولة - الأمة في القارة الأوروبية.‏

ولقد أوضحت كتب التاريخ الدبلوماسي أن كثرة الصراعات والحروب قد أدت إلى عقد العديد من المؤتمرات والمعاهدات التي سعت إلى إحلال السلام وبالتالي كان لها دور كبير في تطوير وبلورة قواعد وأصول التنظيم.‏

ويأتي في طليعة هذه المؤتمرات الدولية مؤتمر وستفاليا الشهير الذي عقد عام 1648م، معلناً ولادة النظام الدولي الحديث في مركز الثقل السياسي على الساحة العالمية, والتي كانت أوروبا حينها وعلى أساس وجود الدول القومية المتساوية في السيادة، والمستقلة عن أي سلطة عليا روحية كانت أم زمنية.‏

لقد تطورت فكرة التنظيم الدولي باضطراد منذ ذلك الحين، وذلك من خلال المؤتمرات التي عقدت في القرون اللاحقة مثل مؤتمر فيينا لعام 1815م، الذي عقد بعد انتهاء الحروب النابليونية وإثر هزيمة فرنسا على يد ائتلاف مكون من بريطانيا، هولندا وإمبراطورية النمسا - هنغاريا، اسبانيا، روسيا وبروسيا في معركة واترلو عام 1815م.‏

وتلا هذا المؤتمر مباشرة، مؤتمر إكس لاشبيل الذي عقد عام 1818م، والذي نظم أسس العلاقات الدبلوماسية الدائمة ووضع أهم أصول وقواعد المهنة الدبلوماسية.‏

لقد استطاعت الدول الكبرى - وهي المهيمنة على الشؤون الأوروبية وبالتالي على معظم أنحاء العالم المعروفة ترسيخ السلام الدولي لا عبر المؤتمرات الدبلوماسية والاتفاقيات الدولية فحسب، بل كذلك من خلال تثبيت عدة مبادئ سياسية تحكم كيفية نظرتها للشؤون الدولية مثل مبدأ توازن القوى الذي أصبح الإطار الذي حكم العلاقات الدولية حتى قيام الحرب العالمية الأولى.‏

وحال انتهاء هذه الحرب التي تبعها إنشاء عصبة الأمم في مؤتمر فرساي عام 1919م، تراجع مبدأ توازن القوى نتيجة ظهور مبدأ الأمن الجماعي الذي تبنته العصبة وبُني على أساس أن أمن الدولة العضو المحبة للسلام هو جزء لا يتجزأ من أمن بقية الدول الأعضاء في العصبة، وأن أي تهديد للدولة هو تهديد لمجموع الأعضاء الذي ينبغي أن تتعاون وتتساند لصده وردعه.‏

وتمثلت حينها أهداف عصبة الأمم بعدة مبادئ نص عليها ميثاقها، وأهمها تشجيع السلام والمحافظة عليه، ومحاولة منع الحروب وتعزيز التفاهم بين الدول الأعضاء، والابتعاد عن الدبلوماسية والاتفاقات السرية وذلك عن طريق تسجيلها وإيداعها لدى المنظمة، هذا إضافة إلى تناول العديد من المسائل الاقتصادية والاجتماعية التي تهم الإنسانية كلها.‏

ورغم أن العصبة لم تستطع تحقيق أهدافها عموماً، إلا أنه يمكن القول إن قيام العصبة كان في وقته أحد أهم المحاولات الدولية الجادة في مجال تنظيم الساحة الدولية في ضوء النتائج المريرة التي سببتها الحرب العالمية الأولى.. لذلك تعد العصبة قفزة نوعية في مجال التنظيم الدولي لأنها كانت التجربة الأولى في تاريخ البشرية التي تم فيها إنشاء منظمة دولية سياسية ذات طابع عالمي ومزودة بأجهزة دائمة.‏

لكن الآمال التي عقدت على العصبة من حيث استتاب الأمن والسلام الدوليين ومنع الحروب اعتماداً على مبدأ الأمن الجماعي، والتزام الدول الأعضاء بعدم اللجوء للقوة في نزاعاتها، وباحترامها القانون الدولي ومبادئ الحق والعدل الدوليين، سرعان ما تبخرت في ضوء العديد من الوقائع على الساحة الأوروبية.. إذ تبلورت منذ عام 1919م، العديد من العقائد المتطرفة التي حاولت تغيير الأوضاع القائمة في أوروبا والعالم اعتماداً على شعارات وأساليب عمل بنيت على التعصب الفكري والاجتماعي والقومي وتمثلت في النازية والفاشية.‏

ونتيجة السياسات التي اتبعها أنصار هذه العقائد والتحالفات فيما بينهم أصبح هناك خلل واضح في استقرار الأوضاع على الساحة الدولية عموماً وعلى الساحة الأوروبية بوجه خاص، ما أضعف من جدوى الترتيبات السياسية والقانونية والأرضية التي عكستها نتائج الحرب العالمية الأولى، وأدى إلى وجود هوة كبيرة بين مصالح الدول المتطرفة ومتطلبات الاستقرار والأمن والسلام الدولي، الأمر الذي أشعل لهيب الحرب العالمية الثانية وأذن رسمياً بموت عصبة الأمم كهيئة دائمة تستطيع تحمل أعبائها التي أنيطت بها.‏

لقد دفع قيام الحرب العالمية الثانية بالدول المتحالفة ضد ألمانيا وإيطاليا الفاشية بقيادة كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي التفكير بإيجاد منظمة دولية جديدة تحل محل عصبة الأمم التي انهارت حال اندلاع الحرب.‏

وتبلورت فكرة الأمم المتحدة إثر عدة اجتماعات عقدت أثناء الحرب لعل من أهمها اجتماع واشنطن عام 1942م، الذي ضم 26 دولة متحالفة تعهدت آنذاك بأنها ستواصل الحرب ضد دول المحور.. وقد تلا ذلك إعلان موسكو، عاصمة الاتحاد السوفييتي، بتاريخ 30 تشرين الأول، 1943م، والذي اتفق عليه بين وزراء خارجية الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وبريطانيا والصين.. ولقد أوضح الإعلان تعهد الدول الأربع ببذل الجهود لإنشاء منظمة دولية شاملة تقوم على أساس السيادة والمساواة بين كل الدول المحبة للسلام، وتكون مفتوحة العضوية لجميع الدول كبيرها وصغيرها، من أجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.‏

واستمرت المشاورات بين الحلفاء لبلورة فكرة إنشاء المنظمة الدولية بشكل اكتسبت معه أهمية ملحوظة وذلك حين أدرجت على جدول أعمال اجتماع طهران في 28تشرين الثاني 1943م، الذي عقد بين الرئيس الأميركي روزفيلت والسوفييتي ستالين ورئيس الوزراء البريطاني تشرشل.‏

وفي عام 1944م، دعت الولايات المتحدة الأميركية لعقد مشاورات حول الموضوع نفسه في دومبرتون أوكس في منطقة واشنطن، العاصمة الأميركية، وفي هذا اللقاء الذي شاركت فيه كل من بريطانيا والصين والاتحاد السوفييتي، تمت مناقشة صيغة مشروع الميثاق العتيد لهذه المنظمة، ووضعت مسودة له وزعت على الحلفاء في الحرب.‏

وشكلت الصيغة المقترحة لمسودة الميثاق من الدول الأربع الكبرى أساس المناقشات التي تمت في مؤتمر سان فرانسيسكو الذي عقد في عام 1945م، الذي نجم عنه التوقيع على ميثاق الأمم المتحدة من قبل إحدى وخمسين دولة، معلناً بذلك ميلاد الأمم المتحدة، المنظمة الدولية العالمية الطابع.‏

وكانت المملكة العربية السعودية إحدى الدول المؤسسة للأمم المتحدة، حيث شاركت في هذا المؤتمر وإلى جانبها بعض الدول العربية وهي مصر والعراق ولبنان.‏

ومنذ إنشائها كبديل من العصبة أضحت الأمم المتحدة إطاراً مؤسسياً دائماً له ثقله الواضح على الساحة الدولية بسبب عدة مزايا مهمة منها أنها كانت عالمية العضوية في المنظمة,و ابتعدت عن الهيمنة الأوروبية,ولجأت لمبدأ الاقتراع العلني.وقامت على احترام لمقتضيات الإجماع والأغلبية, إضافة لتمتعها بمرونة واضحة بالنظر إلى الأجهزة الرئيسية التابعة لها والمهام المناطة بهاو اهتمامها بكثير من الأمور الاقتصادية والاجتماعية والحضارية إلى جانب الشؤون السياسية الدولية.‏

وينبغي التنويه كذلك بحرص الأمم المتحدة على تعزيز المناداة بالعديد من المبادئ الأساسية في المجتمع الدولي لعل في طليعتها حق تقرير المصير للدول، وحقوق الإنسان التي شكلت فيما بعد أهم أولوياتها السياسية والاجتماعية على الساحة الدولية.واعتماد مبدأ المساواة بين جميع الدول واحترام التكتلات الإقليمية واحترام رغبة الشعوب.‏

جسدت الأمم المتحدة أهدافها بالحفاظ على الأمن والسلام العالميين ومنع الحروب وحفظ الأمن الغذائي وتنمية العلاقات الودية الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتشجيع التعاون الدولي لحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.‏

وحق الشعوب في تقرير مصيرها والمساواة بين جميع الدول في السيادة والامتناع عن التهديد بالقوة إضافة إلى حل النزاعات الدولية سلمياً وتقديم المساعدات الاقتصادية والمالية، وتنمية التجارة الدولية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية