تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التقليد الأعمى.... فن الضعفاء... ولكن...

مجتــمـــــع
السبت 22-10-2011
عدنان كدم

كل إنسان يتأثر بمن حوله وبما حوله من أشخاص وأحداث وأشياء، والإنسان المتزن يؤثر ويتأثر، وهذا يعني أن التقليد يمكن أن يكون طبيعياً حين يتأثر الإنسان بمن حوله بأفكارهم وسلوكهم وتصرفاتهم وثيابهم ويعتبر هذا نوعاً من التكيف الاجتماعي الناجح في حال كان بالجوهر وبالشكل معاً أما حين يكون بالشكل على حساب المضمون... يتحول هذا الأمر إلى تقليد أعمى مثل تقليد شخصية مشهورة أو مذيع ومذيعة أو فنان وفنانة أو مغن ومغنية..الخ.

ويرى علماء الاجتماع أن المقلد عموماً شخصية تشكو من النقص وعدم الثقة بذاتها ولا يمكن أن تحقق ذاتها وأن ترضى عنها من خلال أعمالها العادية وسلوكها و استقلاليتها وإنتاجيتها تكون عادة قلقة وغير مستقرة وتبحث عن ذاتها من خلال الآخرين فقط ولا يمكنها أن تنظر في أعماقها لتكتشف مواقع القوة والضعف بل تهرب إلى التفكير السطحي والكسب السريع والإطراء من الآخرين، كما أنها أقل نضحاً وتماسكاً وفعالية وهي تتأثر بسرعة وتتقلب وتفتقد إلى القوة الحقيقية والعمق والنجاح.‏

وحول ظاهرة التقليد قال أ. د. بلال عرابي أستاذ علم الاجتماع بجامعة دمشق التقليد كظاهرة موجودة في المجتمع منذ زمن طويل والأطفال يتعلمون أدوارهم عن طريق التقليد كتقليد الآباء و تقليد الأكبر سناً وقد تحدث ابن خلدون عن المحاكاة وتقليد المغلوب للغالب في تصرفه وملبسه ومشربه. وتابع ذلك تارد من الغرب ليقول إن تقليد الناس بعضهم لبعض كوسيلة يتبعونها للحصول على الأدوار الاجتماعية، حيث إن الأطفال خاصة يقلدون الكبار في أفعالهم وتصرفاتهم وأقوالهم. مضيفاً أن التقليد عموماً مرفوض لأن المقلد لا يتصرف من ذاته وإنما يتصرف كما يملى عليه أو كما يريد الآخرون.‏

فالتقليد الأعمى الذي يجري اليوم من قبل الشباب لبعض المطربين و المطربات كهيفاء وهبي أو نانسي عجرم أو عمرو دياب هو تقليد خاطئ ومرفوض لأن التصرفات يجب أن تنبع من شخصية الفرد والبيئة وتصرفاته تناسب هذا المجتمع الذي نحيا فيه، أما التقليد الأعمى لتصرفات المطربين والممثلين يعد ضياعاً لشخصية الشاب والدليل على ذلك أن خيارات الشاب غير موجودة ويريد تقليد فقط، ما يشاهده في التلفاز حتى إن بعض الشباب والشابات يقلدون مغنين أجانب (كمايكل جاكسون ومادونا) وهذا يعتبر الأسوأ لأن الفرد يقلد شخصيته من ثقافة بعيدة وغير متزنة ويعتبر ضياعاً للشباب الذي لا يعرف ما يريد فعلياً. موضحاً لا بد لشبابنا أن ينموا شخصياتهم المستقلة بواسطة المطالعة والاجتهاد الشخصي لكي يبنوا أنفسهم ويعرفوا ما يريدون وهذا ما نفتقده في مجتمعنا لأن المطالعة والتثقيف الذاتي أساس نمو الشخصية المتوازنة التي تبتعد عن التطرف البغيض واحترام الذات بزيادة ثقافة الفرد التي تمكنه من احترام الآخرين والحرص عليهم كما نحرص على أنفسنا.متابعاً أن سبب تقليد شبابنا للغرب هو أن الغرب بثقافته وعلمه وعمله يغرينا أن نقلده والتقليد الأعمى مرفوض والمقبول تقليدهم في علمهم ومخترعاتهم، ورفض ثقافة الغرب وأزيائه، أي بمعنى أخذ ما في الرؤوس وترك ما في النفوس والحل هو المحاولة قدر المستطاع بنقل العلم الغربي دون التأثر بانحلال الأسر الموجودة في الغرب لأن رغبة الإنسان العربي بالحفاظ على الشخصية والثقافة العربيتين ودون المساس بهما.‏

أخيراً لا بد للإنسان أن يبحث عن ذاته وأن يفهمها ويطورها ويغنيها بما يناسبها بالجد والكفاح والطموح والتحصيل في جميع المجالات المفيدة والبناءة بعيداً عن التقليد السطحي وعن القشور الهشة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية