تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الحرية نقيض الخراب والتدمير ونشر الفوضى

شؤون سياسية
السبت 22-10-2011
أحمد برغل

تحت عناوين الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير يبيع الغرب بزعامة الولايات المتحدة الوهم للفقراء والضحايا في عالمنا العربي والهدف واضح نشر الفوضى

وتفتيت الدول إلى دويلات وإدارات مذهبية تتقاتل فيمابينها لكي تحيا إسرائيل التي تتخبط في ضعفها ووهنها وتداعي ركائزها الأمنية. مايسمى بـ الربيع العربي كشف بوضوح أن موجة الاحتجاجات التي يشهدها عالمنا العربي هي في غالبيتها نتاج مخطط غربي يجري تنفيذه عبر أدوات محلية جعلت من نفسها مطية لقوى خارجية قررت فرض إرادتها وهيمنتها على المنطقة تحت شعار الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.‏

النفط كان العامل الأقوى الذي سال له لعاب الغرب في ليبيا كما في العراق ويكاد يتفوق على العوامل الأخرى، التي تتفاعل داخل هذه الدولة أو تلك حيث الغرب الاستعماري يتهافت على سرقة النفط فيما الليبيون يغرقون بدمائهم وتدمر مدنهم وقراهم ومؤسساتهم وبنيتهم التحتية طلباً للحرية.‏

تحت شعارات الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان والدفاع عن حرية التعبير دمرت الولايات المتحدة العراق وقتلت وجرحت وشوهت وهجرت الملايين، ولايزال العراق معرضاً للتقسيم والاقتتال الطائفي والمذهبي، والعدوى مرشحة للانتقال إلى ليبيا وهو نفس السيناريو الذي تعمل عليه في سورية عبر أدوات رخيصة باعت نفسها للشيطان مقابل حفنة من الدولارات تسمي نفسها معارضة وتعيش في الخارج وتحمل جنسية البلد المتواجدة فيه، وتحرص على تدمير بلدها وقتل شعبها وهذه المرة ليس من أجل النفط وإنما من أجل إسرائيل وترتيب الأوضاع السياسية التي تخدم مصالح الكيان الصهيوني ومصالح الولايات المتحدة التي تسعى لفرض هيمنتها على مقدرات العالم مستخدمة أمراء النفط الذين ينفذون تعليماتها بدقة متناهية والذين يعملون على ترسيخ مصالحها مقابل الحماية لعروشهم متجاهلين أن المعيار الحاسم لكل سياسة تتبعها الإدارات الأميركية في الشرق الأوسط هو إسرائيل والتزام هذه الإدارات لضمان مستقبلها كدولة آمنة يهودية وديمقراطية .‏

ذلك الالتزام الذي يشكل خيطاً مشتركاً ينتظم كل الإدارات الأميركية وهو ماأكده السفير الأميركي الجديد في تل أبيب دانييل شابييرو أمام معهد سياسة الشعب اليهودي الذي يرأس مجلس إدارته دينيس روس المستشار الخاص لدى الإدارة الأميركية في الخليج وجنوب غرب آسيا.‏

وهذا المعيار كماجاء على لسان السفير الأميركي يوضح مدى التعاون الأمني غير العادي وموقف الإدارة الأميركية ضد نزع الشرعية عن إسرائيل وجهودها بشأن إيران ورد فعلها إزاء الربيع العربي ومساعيها في موضوع المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية.‏

ومن هذا المنطلق كما يقول شابيرو انسحبت الولايات المتحدة من مؤتمر مكافحة العنصرية الذي عقد في ديربان في جنوب أفريقيا واستخدمت الفيتو ضد جهود الأمم المتحدة المتعلقة بإسرائيل والتي كانت ستقر لولا ذلك الفيتو.‏

شابيرو أوضح في خطابه أن ردود فعل الإدارة الأميركية على انتفاضات الربيع العربي مبنية على مصالح إسرائيل ومخاوفها من تلك الانتفاضات.‏

إن الغضب العميق نحو الولايات المتحدة في العديد من المجتمعات الإسلامية لايخدم المصالح الإسرائيلية ومن هنا جاءت محاولة التقارب مع العالم الإسلامي لتنفيس ذلك الغضب.‏

وقد أوضح الرئيس أوباما بحسب شابيرو أنه يجب على من يقبلون يده الممدودة أن يفعلوا ذلك، مدركين أن الولايات المتحدة ستظل مدافعاً شرساً عن شرعية إسرائيل وتهيب بالآخرين أن يقيموا علاقات معها.‏

ومع انتشار ماسمي بالربيع العربي أدركنا الفرصة التي يوفرها احتمال ظهور حكومات أكثر انفتاحاً وميلاً للسلام والتي تشكل جيراناً أفضل لإسرائيل بينما نظل يقظين تحسباً من المخاطر التي قد تجلبها هذه التغيرات.‏

مجلس إسطنبول الذي يستدعي التدخل الأجنبي في سورية لإسقاط سورية وتدميرها خدمة لإسرائيل لن يحصد سوى السراب والخيبة، فهم يعتقدون أن طلب العون العسكري من حلف الأطلسي على الطريقة الليبية سيمكنهم من الوصول إلى السلطة وتوقيع اتفاق استسلام مع إسرائيل متجاهلين أن الظروف الإقليمية لاتسمح بهذا التدخل كماحصل في ليبيا خصوصاً وأن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ليست مستعدة لتحمل الخسائر المادية حيث لاثروة نفطية في سورية مثل ليبيا ليسترد الأطلسي ماينفقه في الحرب ويزيد أرباحه من إعادة الإعمار بأموال النفط مثلما حصل في العراق.‏

باراك أوباما خيب آمال العرب بسبب رضوخه لسياسة إسرائيل الرافضة أي حل للقضية الفلسطينية رغم كلامه المتكرر عنها طمعاً في تجديد رئاسته للمرة الثانية واسترضاء لإسرائيل الممسكة بالبيت الأبيض والكونغرس عبر اللوبي الصهيوني المسيطر على مفاصل الإدارة الأميركية.‏

ومع هذه الخيبة تستمر الأنظمة العربية المرتبطة بالمؤامرة على سورية إعلامياً وسياسياً ومالياً معوّلة على مجلس اسطنبول اللاوطني إسقاط سورية بالاشتراك مع شيوخ الفتنة لتشريع القتل وإراقة الدماء السورية خدمة للمشروع الأميركي.‏

كان الأجدر بهذه الأنظمة الفاقدة للسيادة في ظل الهيمنة الأميركية على قرارها وهي الأنظمة القمعية والشمولية بامتياز أن تمنح الحرية لشعبها الذي تفرض عليه قوانين متخلفة عفا عنها الزمن.‏

ليس المستهدف النظام أورئيسه كما يزعمون وإنما المستهدف هو سورية بتاريخها وحضارتها ومواقفها القومية الثابتة، لأنها الأساس الراسخ لمنعتنا وقدرتنا على تجاوز الأزمة وتحطم المؤامرة التي تستهدفنا جميعاً، والإصلاح لايفرض من الخارج بل يتم عبر الجلوس إلى طاولة الحوار بدل أن ندمر ذواتنا خدمة لمصالح الغرب الاستعماري.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية