تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


السياسة التركية... إلى أين؟!

شؤون سياسية
الأحد 23-10-2011
وضاح عيسى

من يراقب السياسة التركية تجاه بعض الملفات الإقليمية والدولية سرعان ما يكتشف الانقلاب الجذري في السياسة الخارجية التي كانت تعتمدها تركيا قبل مايسمى بـ (الربيع العربي)

وخطر ذلك الانقلاب على مستقبل العلاقات التركية مع جيرانها على وجه الخصوص وباقي الدول بشكل عام.‏

ولعل أبرز مؤشرات الانقلاب تمثلت بالسياسة التي انتهجها حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان تجاه سورية وشعبها من خلال ماتكشف عن ضلوعه بشكل مباشر بما يجري في سورية من أحداث والتحريض المستمر على تأجيج الأوضاع كلما هدأت على أمل أن ينظر الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة بعين الرضا إلى سلوك أردوغان، وبالتالي مساعدته على تحقيق تطلعاته في أن يكون الزعيم الوحيد في هذه المنطقة.‏

إن مايقوم به حزب العدالة والتنمية سيأخذ البلاد والمنطقة إلى المجهول من خلال المواقف والسياسات التي يتبناها، ولاسيما بعد انقلابه على التزاماته التي قطعها مع جيرانه عموماً وسورية خصوصاً، بعد أن وضعت قيادته نفسها وبلادها تحت تصرف الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين خدمة لأطماعهم الاستعمارية على حساب شعوب المنطقة عموماً والشعب التركي خصوصاً مقابل أوهام رسمتها في مخيلتها لن تتحقق نظراً لتعارضها مع المصالح الاستعمارية الغربية أولاً ومع مصالح شعوب المنطقة بما فيها الشعب التركي ثانياً.‏

فبعد أن وصلت علاقات التعاون السياسية والاقتصادية وحتى الثقافية بين سورية وتركيا إلى أوجها ونالت إعجاب الشعبين السوري والتركي اللذين صفقا لهما كثيراً، تخلت القيادة في تركيا عن التزاماتها تجاه سورية التي تشكل بالنسبة لها عمقاً استراتيجياً كبيراً لايمكن الاستغناء عنه بأي حال من الأحوال، خدمة لأغراض استعمارية لن تجني تركيا منها سوى الويلات ودفع أثمان لاتحسد عليها.‏

وما يثير في الأمر هو كثرة التساؤلات حول تغير الموقف التركي تجاه سورية، بعد أن كان الحساد ينظرون بعين ثاقبة لما حققه البلدان من تعاون مثمر على كافة الصعد حققت من خلاله تركيا أثماناً باهظة كان يمكن أن تستمر لولا الانقلاب غير العقلاني الخطير في السياسة التركية الذي قاده حزب العدالة والتنمية الذي سيدفع ثمن هذه الخطيئة الكبرى أثماناً مضاعفة جراء ما قام به من انحرافات في سياسته التي بدأها منذ البداية في تركيا والتي أوصلته إلى السلطة.‏

فتركيا التي تحاول إعادة رسم خريطة المنطقة وفقاً لما يريده الغرب طمعا بكسب رضا الإدارة الأميركية وأملاً بانضمامها للاتحاد الأوروبي مقابل عدائيتها لدول الجوار، ربط رئيس وزرائها تصعيد عدائيته تجاه سورية بقبض الثمن الذي طلبه من باراك أوباما عبر وعده بتسهيلات أمنية للجيش التركي في شمال العراق.. إلا أن الولايات المتحدة.. بالتأكيد لن تفرط بأولوية مصالحها في العراق كرمى عيون الحكومة التركية التي لاتثق واشنطن بقدرتها على اتخاذ قرارات حاسمة، وسترفض بحسب خبراء طلب أردوغان بزيادة التسهيلات الأمنية لقواته ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني ولاسيما أن العدائية التركية لسورية لم تعد ذات فاعلية مؤثرة بعد التطورات الميدانية المهمة التي حققتها سورية، وفي ظل التأزم التركي الداخلي حول الموضوع السوري وتداعياته المحتملة.‏

وتواجه الحكومة في تركيا تحديات كبيرة بعد رفع وتيرة العداء مع دول الجوار حيث يشكل إيجاد حل لقضية قبرص تحدياً وضغطاً كبيراً لها وعائقاً أمام انضمام تركيا لاحقاً إلى الاتحاد الأوروبي، ومع العراق تواجه أيضاً تحديات كبيرة، لاتقل حدة مع جارتها إيران ودول آسيا الوسطى وغيرها من الدول التي تتاخم تركيا، ولاسيما بعد ضلوعها بتأزيم الأوضاع في سورية، التي وسعت من دائرة الانتقادات في الداخل التركي قبل الخارج لسياسة حزب العدالة والتنمية وبدأت تطول رئيسه والشعارات التي وضعها ورفعها وزير خارجيته أحمد داوود أوغلو.‏

لقد كان من الأفضل لتركيا أن تبتعد عن الدور الرئيس الذي كلفتها به الولايات المتحدة والغرب في رفض الحلول السلمية والدفع في تصعيد الأزمة السورية ولاسيما أن واشنطن تريد إنهاء التعاون بين تركيا وسورية وإيران، والأخطر من هذا أن البعض يريد أن يدفع تركيا إلى تدخل في شؤون سورية الداخلية.‏

بالفعل لقد أصاب بعض المراقبين عين الحقيقة عندما رأوا أن صورة تركيا كانت في السنوات الماضية تلك الواثقة من نفسها والقادرة على تجاوز الحدود والقيام بوساطات بين الجميع والتحدث معهم، لكن منذ نحو سنة ونصف السنة بدأت تهب رياح معاكسة لهذا المناخ تفسد اللوحة التي ارتسمت لتركيا على الأقل في موضوعات السياسة الخارجية، وبات العديد من الدول التي كانت تحسب في خانة النجاح للسياسة الخارجية التركية في خانة المعادي لها، مثل القبارصة اليونانيين وأرمينيا وسورية وإيران واليونان وغيرها، وذلك بسبب الأخطاء في السياسة الخارجية التركية، لتتحول تركيا في ظل ارتضائها أن تكون رأس حربة في التآمر على سورية، وقبولها نشر (الدرع الصاروخية) للناتو على أراضيها من صفر مشكلات إلى صفر علاقات.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية