تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المجتمع الإسرائيلي يدعم المستوطنين

هآرتس
ترجمة
الأحد 23-10-2011
 ترجمة ليندا سكوتي

ما إن تطل علينا ذكرى حرب يوم الغفران حتى يتبادر إلى أذهاننا سؤال طالما كررناه على أنفسنا في مثل تلك المناسبة وعلى مدار السنوات التي مرت بعد تلك الحرب ألا وهو لمَ لم نلاحظ أو نأخذ بالمؤشرات

التي كانت تلوح في الأفق لتنذرنا باقتراب موعد تلك الحرب؟ لكننا لم نتعظ من الدرس الذي تلقيناه، ولم نتعلم بأنه كما للحرب نذرها ومؤشراتها فإن للأحداث السياسية والاجتماعية إنذاراتها ومؤشراتها المسبقة، لأنها أيضا لا تنقض علينا انقضاض الصاعقة بشكل مفاجئ من السماء.‏

ثمة توجه لدى الأحزاب اليمينية للنأي بأنفسها عن «دفع الثمن» لما يقوم به السفاحون، وأخذ صفة البراءة من أعمال الشغب، ومن ممارسات الأشخاص والمجموعات التي اتخذت لنفسها صفة الطليعة في حركة الاستيطان القائمة بالأراضي. وبالرغم مما لاحظناه من كون الغالبية العظمى ممن يعيشون على الجانب الآخر من الخط الأخضر قد أبدوا استياءهم من حرق أحد المساجد، لكننا لا نذكر البتة بأننا سمعنا أحدا منهم قد خرج للتظاهر احتجاجا على المذبحة التي وقعت في أناتوت نهاية الأسبوع الماضي أو أن أيا منهم قد أدان أو استنكر ما يحدث من مضايقات يومية يتعرض لها المزارعون الفلسطينيون من اقتلاع لأشجارهم، أو حرقها، أو من الأعمال الإرهابية التي تحدث بشكل يومي في مدينة الخليل. ذلك لأنهم يعتبرون حرق المساجد أمرا ليس له من داع ضروري بل إنه يلحق الأذى بهم، لكنهم لا يتوانون بالإعراب عن تأييدهم ومؤازرتهم للقهر اليومي الذي يمارس على الفلسطينيين لما له من دور في المساعدة على بقاء وديمومة الاحتلال.‏

ثمة عصابات ذات مستوى عال من القدرات تلعب دورا هاما في خدمة المستوطنات، وإن ممارساتها وتصرفاتها خير دليل على تعذر إحداث أي تغيير في الأراضي المحتلة، إذ إن تلك العصابات هي من يتخذ صفة سلطة الحكومة فيها، لذلك فإنه حتى لو تغير الحكم اليميني وتولت جهة أخرى رئاسة الحكومة واضطرت الدولة إلى الاستسلام تحسبا من عقوبات دولية قد تطبق عليها فإن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية لن تتغير بشكل جذري لأن أعمال الشغب التي تقوم بها المجموعات تلقى مزيدا من الدعم والتعاون من رجال الأمن والجيش في ظل صمت جماعي، ذلك لأن لديهم كل الأوراق، وهم على استعداد للقيام بثورة ضد أي حكومة لاتخدم مصالحهم.‏

في ظل هذه الظروف، فإن إجراء مفاوضات سواء كانت بشكل مباشر أم غير مباشر للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين ليس سوى أمرا مثيرا للكآبة والسخرية لأن المجتمع الإسرائيلي ومؤسساته الحكومية تقف مكتوفة الأيدي وعاجزة في وجه الأنظمة التي يطبقها المستوطنون القائمة على الإرهاب والابتزاز.‏

ثمة ذراع آخر للكماشة يساعد في تضييق الخناق على إسرائيل وهو ما يسمى «باليمين الرزين» ويتمثل هذا الذراع بشكل رمزي بشخص وزير العدل يعقوب ينئمان ذي التوجه الديني في الإدارة الحالية ويعتبر من أثرياء إسرائيل، ووزير الخارجية أفغيدور ليبرمان الذي يعطي لنفسه صفة «الموجه الاجتماعي» على الرغم مما لديه من قناعات بضرورة تطبيق التعاليم الدينية اليهودية على الدولة.‏

إن ما يثير الاستغراب هو أن كلا من المجتمعين الديني والعلماني القومي المتشددين لديهما ذات الأهداف المشتركة حيث إنهما يؤمنان بالتفوق اليهودي ويعتبرانه الأساس الوحيد للصهيونية ولوجود دولة إسرائيل مثلهم في ذلك مثل القوميين المتشددين في أوروبا الذين ظهروا خلال العقود المظلمة من القرن الماضي أو المتطرفين الأوروبيين في هذه الأيام، وهم أيضا يحاكون غلاة القوميين الإسرائيليين الذين دأبوا على تصعيد الصراع العرقي بكل الوسائل المتاحة من تخويف من غير اليهود وبث الكراهية والحقد للآخرين.‏

من وجهة نظرهم، فإن المجتمع الذي يضم مواطنين من نوعية أخرى (ويقصدون في ذلك العرب) هو مجتمع مصطنع مثله في ذلك مثل منح المواطنة التي ليس لها أسس راسخة، لذلك فهم يرون بأن مثل هذا المجتمع يعتبر أقل تماسكا من المجتمع الديني الذي يعتبرونه المجتمع الحقيقي لأن الدين هو الذي يمكنهم من تمجيد هذا العرق المتميز واعتبار كل ما هو غيره أقل شأنا منه، ولاريب، فإنه في إطار هذا المفهوم، ستكون حقوق الإنسان والقيم الكونية مبادئ غير مجدية ولاقيمة لها، ماسيقود إلى تفكك المجتمع بشكل عام، ويؤكد هذا التوجه ما صدر من تشريعات تناهض الديمقراطية التي سبق وأن صادق عليها الكنيست بدعم من حزب كاديما والتشريعات المزمع صدورها التي ستفضي إلى تعديل سلبي لنظام الدولة التشريعي الأمر الذي يتيح طرد أولاد الأجنبي المولودين في إسرائيل، تلك الممارسة التي تختلف عن توجهات العالم الغربي.‏

لذلك نرى بأن الديمقراطيات التقليدية القائمة قد أخذت تنظر بعين الشك والريبة إزاء الراديكالية القومية الإسرائيلية المتشددة وعلينا أن ننتظر منها الأسوأ في المستقبل.‏

بقلم زئيف ستيرنهيل‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية