هل في الأمر هدف أبعد من ذلك... هل فيه إشباع للروح... توقاً لإطلاقها إلى أفق أبعد... أوسع... أعم وأشمل...؟
أليس السبيل إلى ذلك يسلك عبر (النظر) يعني العين خلاصةً؟
عبر عملية مزاوجة جميلة بين عدسة آدمية وعدسة أخرى آلية، يتم تثبيت اللحظة، الاحتفاظ بما تحتويه من أمداء جمالية.. لاتقوى الذاكرة على تخزينها طويلاً.
توسيع هوامش الجمال، التقاطها، ثم العمل على تكبيرها، وتظهير جاذبيتها، يبدو هدفاً لايخفيه رئيس جوالة الأرض محمد حاج قاب في المعرض المقام حالياً لأعضاء الفريق في المركز الثقافي (أبو رمانة) بعنوان: (تحية للفنان المرحوم أيمن الجمل)، لدى سؤاله عن كون المعرض ينحاز بوضوح إلى جانب جمالي... فماذا عن الجانب التعريفي الذي من المفترض أن يقوم به فريق جوالة... بوضع عناوين أو أسماء للوحات المعروضة...؟
برأيه هي حركة مقصودة ليرى الملتقي جمال بلادنا ثم ليكون ذلك بمثابة(طعم) يصيده فيأتي راغباً الانضمام إلى الفريق مؤكداً أن المعرض يبتعد عن الحالة التوثيقية.. فلا لزوم لملصقات تعريفية ترافق اللوحات المشاركة.
فريق جوالة الأرض تأسس عام 2005م، يضم مجموعة من المصورين الفوتوغرافيين والمهتمين بشؤون البيئة، يتبع للاتحاد الرياضي.
ولأن فكرة المعرض تأتي توءمة عمل تجوالي، أول ما يتبادر إلى الذهن إلقاء الضوء على مواقع معروفة... تبدو نقاط علام مشهورة في بلدنا، المعرض يبتعد عن ذلك، ما خلا البعض القليل جداً من اللوحات، كواحدة من المجموعة تصور بوابة الجامع الأموي.
ميزته... إظهار التمايز بين بصمات المصورين المشاركين.. وبالوقت ذاته كأنما جميع لوحاته شُغلت بنفَس واحد.. بعين واحدة.
بعض المشاركين ركز على الطبيعة النباتية...وآخرون سحرهم صمت المكان الذي وكما لو أنه نطق جمالاً.. لفت الانتباه فصادته العين.
غيرهم جذبه اللون... والبعض انحاز إلى مواجهة وجوه أبطاله الآدميين.
ملاعبة الضوء..
الضوء والظل الثنائية الأساس في التصوير الضوئي ومع ذلك تتفاوت نسبة التلاعب بكليهما بين صورة وأخرى.
بعض لوحات الجوالة كانت تعتمد بوضوح ملاعبة الضوء حيث المكان الغارق بعتمة يخترقها النور مثل صورة الضوء الذي يكسر ظلمة أحد الممرات في إحدى القلاع وصورة النافذة التي تنعكس على الأرض.
أجملها لوحة (النظارة) المنعكسة على لوح زجاجي بإضاءة ذات تدرجات حمراء.
جذع آدمي...أم جذع نباتي
أبرز لوحات المعرض تظهر جذع شجرة يتفرع إلى فرعين اللافت أن حركة هذين الفرعين تأتي للأسفل بدلاً من الصعود، كما المعتاد..
هل كان مقصوداً أن يتم عكس طبيعة النمو..؟ وصولاً إلى نقطة تشابه بين هذا الجذع النباتي وجذع الإنسان الذي يظهر أعلى ساقيه..؟
غالباً... مالفت عين المصور هي تلك (الوقفة) التي تبدو (آدمية) وستجسدها وقفة شاب أو صبية (ببنطال) بني اللون...، (مقشش) أيضاً.
وهنا تبدو قدرة فن التصوير على المخاتلة، احتراف التمويه، وخداع البصر صيداً للدهشة التي هي خطوة أولى طرقاً لبوابة الجمال.
لوحة بطابقين
إطار واحد .. اشتمل على صورتين...أم تراها صورة واحدة بشقين أو بطابقين.
السفلية كانت لأصابع يد، ثلاثة أصابع ذات هيئة متعبة وكأن صاحبها أو صاحبتها من ذوي الأعمال أو المهن اليدوية الصعبة.
يد... صورتها عين الكاميرا لتخزن جمال تعبها... شقاءها... وربما صبرها.
الشق العلوي من اللوحة تظهر فيه (قطب) هل هي قطب عمل جراحي لذات اليد السفلية وبالتالي تأكيد أصل (الكدح والجد).
الصورة جاءت بتدرجات الأبيض والأسود وكأنها إيماءة من المصور إلى نزع أي معنى ترفيهي تحياه تلك اليد.