تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


صحائف قاتمة

آراء
الخميس 27 -10-2011
حنان درويش

يحاكمونهم. يطلقون عليهم رصاص الاتهامات.

يقولون: إنهم خونة، مزورون للتاريخ، داحضون للحقائق، مزيفون للسامية. كتاب عالميون يكشفون نيات اليهود السوداء وجرائمهم في كل زمان ومكان.‏‏

لم يأت الكتاب بشيء جديد، إنها تراكمات القرون يشار إليها بالبنان. فهم وإن تدثروا بالنفاق، صنوا الضغينة والافتراء، يذرون الرماد في العيون وينشرون الظلم أينما حلوا. مذابح، مجازر، أحزان، كوارث، اضطهادات. العالم يضج بما ارتكبته أيديهم ولاتزال. أفعال شائنة، ناقصة، واضحة النيات، بينة الخبايا والمحرمات قاب قوسين منها أو أدنى.‏‏

يبيحون لأنفسهم البطش والقتل والإرهاب ويلصقونه بغيرهم. الحقيقة تقول: إنهم كوّنوا التاريخ لمصلحتهم..‏‏

فالأحمر صار أصفر والأبيض صار أسود، والأخضر صار رمادياً ولوقلبنا أوراق صحائفهم القاتمة، لوجدناها مثقلة بالضحايا والابتزاز.. فهم ومنذ الأزل يستغلون الأحداث لمشيئتهم فما زالوا يحملون الشعب الألماني أوزار ادعائهم ضد (هتلر) النازي، حين قالوا: إنه قد أوقد النار لستة ملايين يهودي من أجل الاستمتاع برائحة شوائهم والتمحيص الدقيق أثبت كذب وافتراء الادعاءات لأن كثيراً من قادتهم كانوا ضباطاً لدى (هتلر). وقبل ذلك بزمن طويل قرأنا وسمعنا أن (نيرون) كان رجلاً مجنوناً أحرق روما وراح يتلذذ بمرأى النار تلتهمها بينما الموسيقا الحالمة ترافق جلسته الرومانسية. ووجد من كشف النقاب عن حقيقة بطلان هذا الكلام ذاكراً أن نيرون كان فناناً أراد أن يعيد بناء روما على طراز جديد فاقترحت عليه زوجته اليهودية (بوبايا) بحرق المدينة وإلغاء آثارها بحجة أن الرومانيين لن يقبلوا تغيير معالمها إلا في حال دمارها.‏‏

وكان هذا الاقتراح بوحي من المؤرخ اليهودي (يوسفيوس) لكن نيرون لم يخضع لمشيئتهم فحرقوا المدينة وبثوا في أوراق التاريخ أن نيرون هو السبب.‏‏

كارهون للبشرية جمعاء حاقدون على الحب والخير والسلام.‏‏

ينثرون الضيم والحتف، يسلطونه فوق رقاب البشر وفوق رقاب الشجر الذي واعد مواقيته المعلنة للقطاف، وأعطى تباشير نضوجه جنة سافرة المحيا، نبيلة التآخي مع أصابع سعت مبكرة إلى جني مسبوق بنيات عشق الأرض.‏‏

الفلاحون في فلسطين حرقتهم المواجع وهم يشاهدون الأشجار تساق إلى ترميد أكيد. السلال الحزينة ظلت فارغة، ناحت عجباً في بساتين صار وجهها ملعباً واسعاً للفقد والبؤس وملاذاً لأسئلة تفتقر إلى كثير من الإجابات.‏‏

بعض الأغصان قضت وبعضها الآخر ظل يعانق قبور الأوفياء. في كل ساعة تتهاوى مملكة من ممالك الحقول تنداح مواويل في حضرة القاتلين تبرعم الأناشيد:‏‏

الغيوم تضم التلال‏‏

وتحصن عيد السلال‏‏

الكروم نضوج خجول ولحن قطاف يطول‏‏

العمر يمضي.. البشر يمضون.. الجذور أزلية والإيمان باق وأقلام الكتّاب الذين يدافعون عن ذاكرة المكان بمرجعية صادقة باقية أيضاً.. الحق بيّن ومن أجله سيبقى صاحب كل فكر نظيف متأهباً للدفاع عن نور الشمس ولو وقفت في وجهه أباطيل العالم كله.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية