فالدولة لاتودع في السجن، ولكن تظل تغرق أكثر فأكثر في الديون دون محاسب لها.
وحرب الخليج عامي 1990-1991 أسست لسلسلة درامية من النزاعات حيث تطفو فيها مصالح القوى العظمى ومعها أقزام، والولايات المتحدة التي تساندها دول حلف الأطلسي لاتتردد في التدخل عسكرياًفي محاولة منها لإنقاذ جلدها، وهي لم تعد تستطيع مواجهة الأمم الأخرى وحدها لذلك حركت دول الناتو، وأوروبا تعيش زلزالاً مالياً وحالة اقتصادية متقهقرة حتى الانهيار بسبب سياسات الهيئات المالية العالمية مثل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي في معظم بلدان العالم الثالث والثاني من إفريقية إلى أميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وبعض بلدان الاتحاد السوفياتي السابق.
فقد أدت الأزمة المالية في الغرب إلى عولمة الحروب العسكرية والاقتصادية وتفشى التضليل في أمور كثيرة والذي تمارسه هيئات دولية في تقاريرها والإعلام الذي يطبل وراءها فهناك تعتيم على حقيقة الفقر في العالم وهدر لحقوق الأطفال والنساء وانهيار للبنى التحتية، من انهيار أنظمة اقتصادية بكاملها حتى ليقال عنها إنها مجازر اقتصادية، إضافة إلى محاولة تحويل بلدان العالم الثاني إلى دول عالم ثالث، ودول العالم الثالث إلى دول من القرون الوسطى، بسبب دولرة الأسعار وهيمنة البنوك والشركات متعددة الجنسيات والجشع الذي يسعى إلى عولمة البطالة وفرض الاقتصاد الجمعي من خلال تدويل السياسات الاقتصادية الجمعية ولننظركيف تضرب الفوضى الخلاقة الأميركية: مجاعة وحروب أهلية في دول عدة منها الصومال مثلاً وليبيا من خلال تفكيك الدولة ودفع مؤسساتها إلى استهلاك القطع لفرض الحماية الأميركية بتمويل أطراف الحروب الأهلية حتى يتسنى لصندوق النقد الدولي التدخل لإعادة البناء والمصالحة بعد الحرب فتدفع كل الأطراف المتصارعة في تلك الحروب الأهلية الفاتورة من نفطهم وثرواتهم المعدنية، وعملية التدخل هذه تسمى في العرف المناهض للعولمة جراحة صندوق النقد الدولي، كالجراح غير الشرعي الذي يخطف إنساناً من أجل سرقة أحد أعضائه الحيوية ويتاجر بها، ولو انهار التنوع الحيوي «بسبب البحث عن اليورانيوم» وتعميم البذور المعدلة جينياً التي تدخل في الموازنات التي تفرضها واشنطن على الدول المغلوب على أمرها والتي توضع تحت وصاية الممولين ورقابة الـ« سي آي إيه» ليظل اقتصادها اقتصاد حرب حيث تختنق فيه التجارة الداخلية، وكم من دول كانت في معدلات تنمية عالية ورائعة ولاديون عليها ولكن تدخل الولايات المتحدة فيها والغرب جعل رأسمالها الوطني ينهار مثلما فعلت فيتنام عندما اضطرت لتسديد ديون«سايغون» إضافة إلى انهيار الاستثمارات العامة، والتسبب بالجوع وسوء التغذية وتقويض النظام التعليمي والبيئي والصحي مثلما حدث في ليبيا، وصربيا، وأوغندا وفي أماكن من آسيا وتفكيك يوغسلافيا وإعادة استعمار البوسنة والهرسك، والمعونات التي تقدم من صندوق النقد إنما هي برامج لإفلاس الدول ولم تستطع أي إصلاحات أشرف عليها صندوق النقد الدولي أن تنجح لأن بيع الصناعات الاستراتيجية وتدمير قسم منها في الحروب ثم الاستيلاء على البنى التحتية كلها تدخل في إطار الجريمة المنظمة التي ترتكبها دول العولمة والناتو التي تستثمر في الأعمال غير الشرعية والاختراع الأخير للعولمة الامبريالية إبعاد جنودها وعسكرها عن ساحة المعارك والتدخل من خلال طيران يقصف من الجو وبوارج من البحر مع مرتزقة متعددي الجنسيات على أراضي الدول المستهدفة ويزعمون أن هناك ثورة اجتماعية ولكن السؤال هل الثورات الاجتماعية يمكن أن يقودها مجرمون منظمون وإرهابيون متطرفون تحميهم آلاف عمليات القصف الجوي، والغريب أن هذه الثورات الاجتماعية المزعومة يقودها برلسكوني وكاميرون وميركل وراسموسن، وما أسهل التفريق بين غزو للأطلسي وبين ثورة اجتماعية حقيقية،فأهل الثورة الحقيقية لايقبضون أموالهم ورواتبهم من أمراء وملوك هم عنوان التسلط والديكتاتورية حيث لادساتير في إماراتهم، والحلف الذي ضرب ليبيا واغتال رئيسها هو حلف إمبريالي يضم 42 دولة سارقة تعمل بالتضليل عن طريق فضائيات صفراء وصحف مثل لومند والأكسبرس وليبراسيون ، وتيلي فرانس ، والمحطة الصهيونية آر.ف. آي الخ..الخ.
فليبيا فقدت نظامها التعليمي والصحي والبيئي وأعيدت إلى القرون الوسطى من أجل ذهب ليبيا وسرقته لا من أجل حقوق الإنسان كما يزعمون وهيهات حقوق الإنسان...