تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هل تخجل من ذكر اسم أمك..؟

مجتمع
السبت 29 -10-2011
أنيسة أبو غليون

فريال، كريمة، حسنة، خديجة، فضة، فاطمة.. أسماء أمهات لم يخجل الناس أبداً من ذكرها، بل افتخروا بها بين الناس، اعترافاً بالجميل لمن حملتهم وهناً على وهن، خصوصاً أن كل الشرائع السماوية كرمت الأمهات،

لكن البعض يعتبر اسم أمه عيباً لاينبغي الإفصاح عنه، وآخرون يرون في التصريح به مدعاة لإثارة المشكلات، خصوصاً بين صغار الشباب.. وحول هذا الموضوع أجرينا اللقاءات التالية:‏

تأييد نسائي‏

لاتجد النساء حرجاً في ذكر أسماء أمهاتهن، بل تتباهى بعضهن بأسماء أمهاتهن ويعتبرنه امتداداً لأسمائهن.. تقول السيدة منى وهي ربة منزل: كنت أتعجب عندما كنت أسمع والدي ينادي والدتي بـ (أم محمد) وهو شقيقي الأصغر، ولم أسمعه ذات يوم يناديها باسمها، وزاد تعجبي عندما وجدت زوجي فيما بعد يناديني بالاسم ذاته، في حين أني لم أكن قد أنجبت حينها!.‏

ويبدو الأمر مختلفاً لدى سمر (موظفة) والتي تقول: ذكر اسم الأم أو عدمه مشكلة موجودة لدى الوسط الذكوري، أما بالنسبة لي فهو لايسبب لنا أي نوع من الإحراج أو المضايقة، بل هو مصدر فخر واعتزاز لأبنائها أمام الجميع، وقد يكون التخلف الاجتماعي هو السبب في إخفاء اسم الأم الذي مازال يسبب بعض المشكلات للشباب.‏

وتضيف الدكتورة (أمل) على ذلك بقولها: تعود ذيول هذه المشكلة إلى الموروث الاجتماعي الذي ينظر إلى اسم الأم على أنه عورة، ويلجأ إلى بدائل أخرى، منها (الحاجة) وتلك مشكلة اجتماعية بحتة لاعلاقة لها بالدين، لذلك على المجتمع أن يعمل جاهداً لإزالة هذه الأفكار التي أصبحت بالية مع تطور ورسوخ مكانة المرأة في المجتمع.. وهذه الظاهرة باتت محصورة ولم تعدموجودة إلا بين الطبقات الاجتماعية التقليدية، وأن الجيل الجديد المتعلم تخلص من آثارتلك الظاهرة التي كانت مسيطرة على تفكير آبائنا وأجدادنا.‏

تأييد ذكوري‏

يقول السيد هيثم (موظف) اسم أمي أعتز به، وأعتز بذكر اسمها علانية أمام الجميع، لأني فخور بأمي وبأنها نجحت في تربية نشىء صالح، كما أضافت لي كثيراً من القيم الراسخة وكانت سبيلي لكثير من النجاحات في حياتي.. وبهذا تكون أهم شخص في حياة الإنسان يمكن أن يذكر اسمه على الإطلاق.. وقد يكون ذكر اسم الأم عيباً في بعض المجتمعات الريفية والقبلية، ولكنه ليس من ثقافة الدين في شيء.‏

ويوافقه الرأي زميله في العمل أيضاً السيد (سامر) بقوله: أفتخر باسم أمي التي حملتني وهناً على وهن، وتعبت في تربيتي لأكون شخصاً مرموقاً.. وقد اهتم علم الأنساب قديماً بتدوين أسماء أمهات وآباء الصحابة والصحابيات، فلماذا نجد حرجاً في ذكر اسمها الآن؟ كما أن النسب الأسلم والأصح يتم عن طريق الأم.‏

ويضيف صديقهما أيضاً السيد (أحمد) بالقول: الذين يستحون من ذكرأسماء أمهاتهم لايعرفون شيئاً عن الثقافة بشكل عام.. وعن الثقافة الإسلامية التي كان فيها جميع الصحابة يذكرون أسماء أمهاتهم وبناتهم، لهذا أستغرب من خجل الكثيرين من ذكرأسماء أمهاتهم.‏

أما الطالب الجامعي (سعيد) فقد قال: لم يكن ذكر اسم أمي يشكل لي أي إحراج، لكن مع دخولي الجامعة أصبحت ألاحظ أن الشباب من حولي لايذكرون اسم أمهاتهم، ومن يذكر اسمها يتعرض للسخرية، لذلك فضلت أن أتعامل بالطريقة ذاتها.. وهذا لايعني أني لا أفتخر بوالدتي وباسمها، لكنه حكم المجتمع من حولي والذي هو أقوى منا أحياناً.‏

في حين رأى زميله خلدون/ أن هذه القضية تعود إلى نظرة المجتمع وللتقاليد السائدة فيه، لذلك علينا مسايرة هذه العادات والتقاليد‏

ولا أعتقد أن أحداً سيلومني إذا أخفيت اسم والدتي، لأنه قد يسبب لي إحراجاً أمام أصدقائي ومعارفي، لأنه أمر غير مألوف لدينا.‏

ويؤيده زميله زياد ويتساءل: ألا ترون معي أنه قبل الحكم على أمر ما علينا معرفة المصلحة منه؟ فما المصلحة من ذكر اسم الأم أو الأخت أمام أصدقائي والآخرين؟.‏

لكن زميلهم نبيل خالفهم الرأي بقوله: ليس لدي أي مشكلة في ذكر اسم والدتي، فحين أسأل عن اسم والدتي لا أرى حرجاً في التصريح عن اسمها وأغلب أصحابي يعرفون اسم أمي، واعتبر ذلك أمراً عادياً.. وبالمقابل لا أنفي أن الكشف عن اسم الأم مازال أمراً غير معتاد لدى الكثيرين.‏

بينماتحدث الطالب (حسن) في المرحلة الثانوية بموقف مع أحد زملائه قائلاً: ذات ليلة سألني صديقي عن اسم أمي أثناء دراستنا في المنزل، وبتلقائية قلت أن اسمها «هدية».‏

وعندما ذهبت في اليوم التالي إلى المدرسة وجدت كل الزملاء في الصف ينادوني «ياابن هدية» وكان هذا بالنسبة لي أقسى أنواع السباب، لذلك كان درساً لن أنساه.‏

يؤكد المعنيون بهذا المجال أن الأسباب الحقيقية وراء تفشي ظاهرة عدم ذكر الأشخاص لأسماء أمهاتهم، خصوصاً بين الشباب المراهقين يرجع ذلك إلى أسباب عدة، يأتي في مقدمتها التربية من قبل الآباء الذين يجعلون أبناءهم لايذكرون أسماء أمهاتهم أو أخواتهم في الوسط المحيط بهم، انطلاقاً من مراعاة الفكر السائد في المجتمع بأن ذكر اسم المرأة يعتبر عيباً كبيراً.. ولعل تأثير ذكر اسم الأم في الكبر أعمق من الصغر،لأن لاسم الأم تأثيراً واضحاً في الأطفال، وتزيد شدته عندما يكبرون فالأطفال يكونون قد تشربوا هذا الأمر من العادات، ثم تزيد حدته عندما يدخل ذلك الابن مرحلة الشباب والمراهقة، إذ يصبح رد فعله أعنف عند ذكر اسم أمه.. ومن الناحية الشرعية فإن عدم ذكر اسم الأم لون من ألوان التخلف الشرعي، لأن الدين لايرى في المرأة نقيصة.. ومن يجد في ذلك حرجاً فقد سلك سلوك الجاهلية وأن الإنسان ينادى باسم أمه يوم القيامة، لأن الأم هي المصدر الأساسي للإنجاب، ولايمكن التشكيك في نسب الطفل إليها، فهي التي حملت ووضعت وبالتالي لاتشكيك في أمومتها.. لذلك فإن اسم المرأة ليس بعورة وليس من الأمور التي يستحي منها الناس، وخصوصاً الرجال؟ وذكراسم الأم دلالة على أهميتها وعظم قدرها والعناية بها ، وهذا شيء محبب ومطلوب في الأديان السماوية.. فهل بعد كل ذلك نجد عيباً في ذكر أسماء أمهاتنا؟.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية