تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الأرقــــــش والغجــــرية

ملحق ثقافي
الثلاثاء 24/1/2006
حـنــــــــــا مينـــــــــا

فيه مكر ودهاء وفيه أيضاً محاولة للايقاع بيني وبين الأرقش، الأقوى فينا صاحب الأمر والنهي سيكون المفضل لديها.. تحب الأرقش وتعرض علي الزواج لوقلت: أنا هنا صاحب الكلمة النافذة!» لكررت العرض، أماذا قلت إن الأرقش هو صاحب هذه الكلمة فإنهاستتملقه، ولن تعدم الوسيلة لذلك حقاً «إن كيدهن لعظيم» وهذا الكيد يتجلى بمقطرة بشكل أوضح» سألها الحكيم بشير:

- هل يعنيك هذا الأمر؟ أجابت:أبداً - تكذب - أنا أرى أنه يعنيك. - لو كان يعنيني لسألت قمطرة عنه. - تكذب أيضاً - وما هو تقديرك أنت؟ - أنا تعبة جداً ياحكيم، وكل ماأريده أن أضع رأسي على ركبتك وأنام. « هل هي تعبة حقاً؟ قديكون ذلك لكن لماذا تضع رأسها على ركبتي أنابالذات؟ ولماذا لاتضعه على ذراعها فوق هذه الصخرة؟ أو لماذا لا تفترش الأرض، كما نفعل جميعاً؟ العشب، هنا سميك وممهد وصالح لراحة الحسد المتعب، فهل فاتها ذلك؟ محال! الصيادون جميعاً يفترشون الأرض، وهي تفعل مثلهم، فعلام الرغبة في وضع رأسها على فخذي؟ وما السبب في هذا الاختيار الآن بالذات؟ خائفة وتريد الاحتماء بي؟ ومم تخاف؟ ارتكبت ذنباً لا أدري ما هو؟ ترغب في اثارة اشتهائي؟ نعم! هذا هو: الانثى تتحرش بالذكر، غير مبالية بكل الموجودين هنا وفي هذه الحالة ماذا علي أن أفعل؟ أوافق؟ أرفض؟ وأيهما الأصح؟ إن بي ميلاً إلى الموافقة، إلى الاستمتاع بملامسة عنقها فخذي، وإلى تخلل أصابعي شعرها الذي طالما أغراني وهو ينسدل على كتفيها..» قال لها الحكيم بشير: - كما تشائين يارئيفة، أنت في غاية التعب، وركبتي مريحة على ما أظن. وضعت بغير كلام،رأسها على ركبته، وضعته أبعد قليلاً من الركبة نحو الجذع، فأحس بحرارة جسد تسري في أوصاله وبصورة تلقائية ألقت بذراعها على فخذه قريباً من الحوض، تاركة لشعرها الطويل الخرنوبي أن يتهدل، بعفوية على جانبي رأسها وراحت تئن، تتنهد زافرة، شاهقة، فكأنما تطمر هامها على وسادة في غرفة نومها التي هجرتها منذ زمن بعيد، وبعد هنيهة، بصوت أقرب إلى الضجيج،سألته بغنج انثى في حضن ذكر: - هل أضايقك يا حكيم؟ أجابها الحكيم بنبرة اهتياج أقرب إلى الهمس: أبداً يارئيفة، ياصغيرتي المسكينة! - أخاف أن أضايقك، فأنا اضغط من شدة التعب. اضغطي ما دام ذلك يريحك.. - أشعر كأنني أنام على ركبة أمي.. آه ما أشهى أن تضع البنت رأسها على ركبة أمها.. وأن تطوقها بذراعها.. أرجوك أن تغفر لي إذا فعلت ذلك،كي استريح تماماً. قال الحكيم: - خذي حريتك، تصرفي كما يحلو لك، استرخي تماماً، كفي عن الكلام. - أنا أتصرف على سجيتي، أعانق ركبتك كما أعانق ركبة أمي لكن النوم يجفوني، فماذا أفعل لأنام قليلاً؟ قال وراحته تمسد شعرها: - اغمضي عينيك، عدي إلى المئة.. راحت رئيفة بصوت يكاد يسمع، راح الحكيم بشير يعد معها أخذت تضغط برأسها، تطوق ما فوق الركبة بذراعها، بدأ الحكيم يرتعش، مستشعراً لذاذة غير معتادة متمنياً أن يدوم ذلك، أن يكون جريئاً فيضع كفه على ذراعها،أن يسألها «هل ترتاحين إلي يارئيفة؟ هل تطمئنين وأنت مسترخية على هذا النحو؟ ماذا بك!؟ مم تشكين؟ولماذا الخوف، إذا ما كنت خائفة؟ بوسعي صدقيني أن أحميك، أن أدفع كل أذى عنك، كوني واثقة من ذلك، اغمضي عينيك، دعيني أغمض عيني، ولنبحر معاً في قارب الهناءة وإلى بعيد جداً. قالت رئيفة: - لن نستطيع ذلك ياحكيم، لن نستطيع لا تنس أننا امرأة ورجل! توقعا لحكيم أن تكمل، أن تسأله:« هل تتزوجني ؟ لوسألته لقال لها:«نعم»، وقبل أن تغرب الشمس، عندئذ نكون رجلاً وامرأة، بشرع الله نتعانق كيف نشاء، ونذهب إلى أعماق الغابة دون عذول أو رقيب، لكن رئيفة سألته بغتة: - وإذا لم نتزوج، هل تعانقني ولاتخاف الأرقش؟ - وأنت، تحبينني أم تحبين الأرقش؟ - أحبك أنت، وأخاف الأرقش بوقت واحد.. نسيت أنني أطلقت عليه النار؟ - وبعد إطلاق النار، هل أزعجك في شيء؟ هل قيدك؟ هل وضع عليك حراسة ما؟ الغابة أمامك، اهربي إذا شئت. وهل تهرب معي؟ - لا طبعاً، هذا مستحيل.! - ولأنه مستحيل،فإن هناك سبباً لاستحالته، هو خوفك من الأرقش. - وإذا قتلت الأرقش؟ - نصبح أنت وأنا أحراراً. - والذئب الأسود؟ - الأرقش هو الذئب الأسود. -لا! الأرقش ليس الذئب الأسود، ولن أقتله،أو اسمح لأحد بأن يمس شعرة في رأسه. - إذن أنت هنا لا شيء.. الأرقش هوكل شيء. رازها الحكيم بتأن وقال: - إلى أين تريدين الوصول؟ جلست رئيفة وقالت بحقد: إلى قتلك وقتل الأرقش! - أفعى! - لوذقت تفاحة الأفعى! قالت قمطرة من وراء ظهر الحكيم: - سيذوقها يا رئيفة، فلا تتعجلي. قالت رئيفة بغضب: - كنت تتلصصين علينا إذن!؟ قالت قمطرة دون اكتراث: - أنا لا اتلصص، لكنني أعرف.. عودي إلى الاسترخاء على ركبة الحكيم، أو اهربي إذا كان الهرب يطيب لك.. ولن يعترضك أحد، اضمن الا يعترضك أحد.. إنني يارئيفة، لست عدواً وسأعمل كل ما في وسعي للتخفيف عنك.. انظري هناك، إلى اليمين، تجدي ما يشبه العرزال، هذا لك ولي إذا كنت لا أضايقك، لكنك في الهاجس الذي يدور في رأسك تذهبين بعيداً تقولين إنني اقاسمك العرزال لالتسليتك،أو التخفيف عنك وإنما كي أضعك تحت حراستي.. هذا في مثل وضعك ، وارد تماماً، ولوكنت في مثل ورطتك، لفكرت نفس تفكيرك.. المحكوم بالاعدام يخاف من جر الحبل.. هتفت رئيفة بخوف نابع من أعماقها: - عن أي إعدام تتحدثين!؟ - خفت؟ إنه مثل لاأكثر، مثل كسائر الأمثال، انزلق به لسانه دون ارادة، دون وعي.. وهو لا يخصك أبداً. صاحت رئيفة: - بل يخصني، يخصني وحدي، ولم ينزلق به لسانك أنا أعرف مصيري، أعرفه هيا اعدموني، أريحوني من عذابي.. لماذا تؤجلون اعدامي؟ إلى متى!؟ إلى متى!؟ قالت ذلك وغرغرت بالدمع، بكت بحرقة بخوف هز كيانها هزاً، تصورت نفسها موقف الشادوف، والرصاصة تخترق قلبها ، والأرقش يسحب مسدسه، مصوباً إلى صدغها وعلى هذا الصدغ يطلق طلقة الرحمة،فانتابها الذعر، رجت كيانها نوبة هستيرية ارتبكت معها قمطرة التاشت لم تعد قادرة على معالجة الموقف تركت ذلك للحكيم بشير الذي رفعها عن الأرض، أوقفها أخذها بين ذراعيه ، مشيراً بيده إلى الأرقش كي يأتي ويهدىء من روعها، غير أن الأرقش لم يأت، كان قاسياً ولم يأت تركها وشأنها، أشاح بوجهه عنها كأنه لا يعرفها وكأنها ليست المرأة التي أحبته وبسبب خيبتها في هذا الحب فعلت كل الذي فعلته وعندئذ أطلق الحكيم كلمته التي ندم عليها نظر إليه وقال: - وغد!!!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية