في اجتماعات مجلس الجامعة العربية، وكيف تجسد صدى هذا الحدث المشين في تاريخ الجامعة العربية في الشارع السوري، على امتداد جغرافيا الوطن.
هذا الحدث، من حيث المبدأ يعتبر نقطة سوداء في سجل الجامعة التي كان لسورية دورها الوطني والقومي في تأسيسها بعد الحرب العالمية الثانية، ولكنه من حيث المبدأ أيضاً يعتبر نقطة انطلاق نحو تمتين معالم التلاحم بين الشعب وبين قيادته وإن كان لهذا التلاحم حضوره من قبل على ساحات الوطن عموماً أي منذ أن تبين لأبناء شعبنا أن وراء الأكمة ما وراءها من حيث تلاعب الأيدي الخفية بمصير البلاد، وذلك رداً على مواقفها في مواجهة أخطار القضاء على الحلم الفلسطيني منذ عام التقسيم 1948وكذلك في مواجهة أخطار تقسيم لبنان إلى كانتونات في ضوء تداعيات الحرب الأهلية عام 1975 وما بعد، فضلاً عن محاولات تجزئة التضامن العربي الذي أفرزته حرب تشرين التحريرية عام 1973 وكل المواقف الوطنية والقومية الأخرى التي أثبتت فيها سورية ما بعد حركة التصحيح عام 1970 أنها في موقع التصدي بالفعل لا بالقول لمؤامرات أعدت لتنفيذ مخططات دول الاستعمار الحديث والتي تجلت بوضوح منذ فترة في ضوء ما تبين للقارئ العربي على الخارطة التي بينت ما هو مبيت لمنطقتنا العربية عموماً في مجلة استراتيجية عسكرية أميركية.
في ضوء هذه الخارطة لم تسلم سورية الحالية من شبق التقسيم الذي يراود نفوس المستعمرين الجدد وفي ظنهم أن ما تحقق في بدايات القرن الماضي على أرضية اتفاقية سايكس - بيكو يمكن أن يتحقق مجدداً ولهذا الاعتبار كانت البداية بشن الحرب الإعلامية على أهلنا في سورية تحديداً لهزمهم نفسياً أولاً وذلك بعد أن نالوا من كرامة أهلنا في بلدان عربية أخرى في شمال أفريقيا، عنيت تونس ومصر وليبيا بأمل النيل من حاضر ومستقبل سورية جراء صمودها في وجه تيار الاستعمار الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وأتباعها في أوروبا.
إن سورية اليوم غدت بالفعل لا بالقول الأقوى مما كانت عليه والأكثر صلابة وقدرة على تقويض أحلام المستعمرين الجدد ولترسم خارطة المنطقة بما يرضي طموحات أبناء شعوبها العربية، وهي قادرة على ذلك ما دام الشارع ملتفاً حول قيادته وما دامت الشعوب العربية في مواقعها في حالة يقظة وطنية وقومية، ودائماً نردد في أدبياتنا الشعبية إن الله تعالى مع الحق لا مع القوة دائماً ومن يملك الحق ينتصر ولا يقيم وزناً لكم أو لتضحياتكم.
وسورية خبرت مراحل التضحيات التي قدمتها وصولاً إلى استقلالها وكانت الرائدة في هذا السياق وإن وجهت إليها هذه الأيام سهام الغدر لا من الأعداء فحسب بل من الأشقاء أيضاً، ولهذه الفئة من «الأشقاء» نقول تذكروا سورية التاريخ في حرب التحرير الجزائرية، وفي زمن العدوان الثلاثي على مصر، ويوم إبرام اتفاقية الإذعان في لبنان، وأيام الاعتداءات المتكررة على الأراضي الفلسطينية، فقط تذكروا ثم اعملوا ولا تدعوا ضمائركم نائمة حتى لا توقظكم صفعة مباغتة من يد هذا المستعمر الذي تثقوون به أو ذلك.
اليوم صار واضحاً أن سورية خرجت من محنتها أقوى وأقوى بوحدة أبناء شعبها وتصميمهم على الالتفاف حول قيادتهم.
dr-louka@maktoob.com