دون مساعدة من يشرف عليه، بل كم أثار حنقك عبثه الطفولي بأدوات التجميل الخاصة بك وإفساده لأقلام الحمرة والكحلة التي راح يخربش بها في غفلة منك على المرايا والجدران معتقداً أنها نوع فاخر من أقلام التلوين.
ولطالما اشتكت أخته الأكبر إليك عبثه الجنوني بألوانها المائية التي لطخ بها دفاترها وكتبها وأغطية السرير، ناهيك عن بعثرته محتويات صحنه أو رش رذاذ زجاجة الحليب في كل ركن من أركان المطبخ أو غرف النوم.
كل ذلك وسواه كثير قد يستنفرك باستمرار للسيطرة على هذه المواقف -المضحكة المبكية- التي تصدر عن طفلك المشاغب الصغير الذي يصر -وهو يهرب متملصاً منك أمامك- على لمس كل شيء يصادفه بيديه الملوثتين الجدران والأبواب والستائر وأرائك الضيوف وحتى المناشف والثياب النظيفة.
هل فكرت حقاً كيف تواجهين استفزاز هذه المواقف بلا تذمر أو شكوى أو غضب أو حنق أو حتى ردة فعل عنيف «كالصفعة» أو وضع يدي الطفل (كما تصرفت إحدى الأمهات) للحظة عابرة تحت صنبور المياه الساخن كي لا يكرر فعلته مرة أخرى.
إن معالجة الأمر من وجهة نظر -الاختصاصي- في إدارة وتوجيه سلوك الطفل سهل للغاية إذ يؤكد لكل أم أن نظافة طفلها من نظافتها الشخصية وما عليها سوى التدرج في تعليمه وتعويده ممارسة أصول وقواعد النظافة بالإيحاء حيناً وتقديم القدوة له أحياناً بمساعدة مشرفي الروضة أو المدرسة، إما عن طريق القصص والأغاني والأناشيد الهادفة وإما بمتابعته مع أقرانه الفيديو كليب وسيديات الألعاب التي تعلم الطفل كيفية استعمال الفرشاة ومعجون الأسنان مثلاً أو غسل اليدين وآداب استخدام الحمامات وترتيب غرفته وكتبه وألعابه وحقيبته المدرسية بعيداً عن التلقين بالأسلوب المباشر المشبع بالمواعظ والأوامر ومباشرة الأمر كلعبة مسلية تبدأ بفقاعات الصابون الملونة وتنتهي بوشاح أحمر يشبه وشاح مصارع الثيران أو مطبوع عليه أي صورة من صور أبطاله المحببين إليه في أفلام الرسوم المتحركة يربطه حول عنقه كلما أراد تناول وجبة من وجبات الطعام وحتى علب البيض البلاستيكية تستطيعين -لو شئت- تحويلها بعد تنظيفها جيداً إلى -مازجة ألوان نموذجية- لطفلك بفضل عمقها واستيعابها، كما يمكن السماح له بالرسم والتلوين بها على زجاج طاولة سهل التنظيف مؤكده له أن للرسم طقوسه وجلسته الحميمية الخاصة التي لايجب أن تخرج عن ركنه الشخصي.