تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


اقتصاد أوروبا على كف عفريت..والأميركي يعاني من العجوزات وتفاقم البطالة

اقتصاد عربي دولي
الأحد 8-1-2012
قاسم البريدي

صورة قاتمة للاقتصاد العالمي يحملها العام الجديد والسيناريوهات المحتملة الحدوث لا تدعو للاطمئنان وشرارتها كالعادة من قطبي الاقتصاد التقليديين.. أوروبا والولايات المتحدة..

فهل ستنقسم أوروبا.. وهل ينهار الدولار كعملة عالمية.. أم إن مفاجآت وأدوارا عالمية لدول العالم الثالث ستنقذ الموقف أو على الأقل تؤجله لفترة أطول؟‏

ويبدأ الاقتصاد العالمي عام 2012 وهو مصدوم من الضربات الموجعة التي لحقت به جراء أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو والولايات المتحدة الأميركية الأمر الذي يلقي بظلال قاتمة على المستقبل القريب.‏

وتكمن أكبر المخاطر في التأثيرات المضاعفة بين الديون السيادية وأسواق المال والاقتصاد الحقيقي وتوقع اقتصاديون حدوث انكماش بنسبة 1% في منطقة اليورو, وسيكون أخف إلى حد ما في ألمانيا، لكنه أكبر في إسبانيا وإيطاليا، بينما يتوقع أن يستمر التباطؤ في الولايات المتحدة بالمقارنة بعام 2011 بما يعني معدل نمو يتراوح بين 1.2 إلى 2% مع استمرار معدل البطالة المرتفع عند نحو 9%.‏

اليورو ولعبة الزمن‏

وتبرز في قائمة المعضلات الأوروبية حكومات متعثرة وبرامج تقشف مُؤلمة في وقت يحاول «المركزي الأوروبي» أن يوسع من عمليات إقراضه لتشمل جميع بنوك دول الاتحاد ال17 التي تستخدم اليورو، مع مطالبة هذه البنوك بتوفير الضمانات الكافية لتسديد هذه القروض قبل ثلاث سنوات، وهي الفترة التي يأمل الجميع, خلالها, عودة النمو لسابق عهده. وعلى أرض الواقع قامت بعض البنوك الأوروبية بإقراض الأموال لحكوماتها وربما تم إرغام بعضها للقيام بذلك. وتساعد هذه الخطوة على المدى القصير، حكومات منطقة اليورو في الحصول على التمويل المطلوب، وفي حالة بدء اقتصاداتها في النمو قبل موعد حلول سداد هذه القروض، من الممكن، حينها, الحديث عن نجاح البنوك المركزية الرامية لحل مشاكل التعثر المالي في القارة، وبالتوازي مع ذلك ينتظر أن تخفف الخطة من الضغوطات الواقعة على أسواق المال والبنوك في ظل الدعم الذي تتلقاه من حكومات أكثر ثراء ومصداقية.‏

أما السيناريو الآخر فيفترض التضحية باليونان واللجوء إلى إخراجها من منطقة العملة الموحدة، وفي مثل هذه الحالة يمكن أن تتفادى بقية دول اليورو الوقوع في أزمة مالية كبرى.‏

ومع ذلك تظل الاحتمالات الأكثر سوءا تشير إلى استمرار اقتصادات دول المنطقة الكبرى في التراجع لينعكس ذلك على دخل الفرد، وينعكس ذلك بشكل مباشر على إيطاليا التي أصبحت أكثر فقراً مما كانت عليه قبل 12 عاماً، ما يشير إلى احتمال بقائها على وتيرة النمو البطيء.‏

ولو سار هذا السيناريو، فإن المزيد من الاقتراض من «البنك المركزي» يعني زيادة وضع يصعب تحمله حيث لا يتوقع سداد القروض، وبالتالي لاتستطيع بنوك الدول الفقيرة في الاتحاد الأوروبي الحصول على المزيد من الأموال من القطاع الخاص وعند ذلك تنعدم الثقة، وتتجه دول إلى التخلي عن اليورو ومن ثم إصدار عملات خاصة بها للإيفاء بعهود المودعين وحاملي الأسهم.‏

وفي هذه الحالة ربما تكون النتائج كارثية ليس لأوروبا وحدها، لكن للاقتصاد العالمي كله..وقد يبرز الخطر الثاني في أوروبا في حالة فوز حكومة ما بالانتخابات، من غير الحكومات المناصرة لعملة اليورو ولكن نسبة حدوث ذلك ربما تكون 33% وفق دراسات للرأي.‏

المشكلة الأميركية المزدوجة‏

أما القطب الاقتصادي الآخر من الأزمة المتوقعة للعام الجديد وهي الولايات المتحدة الأميركية فليست حالها أحسن من أوروبا, إذ تواجه مشكلتين مثيرتين للقلق، هما عجز في الميزانية طويل المدى لا يقدر الشعب على تحمله من جهة, ونسبة عالية ومستمرة من البطالة من جهة ثانية، ويتطلب كل منهما رد فعل وسياسة مالية صارمة.‏

والسؤال اليوم في أميركا: هل من المجدي الانتظار بعد ظهور نتائج انتخابات الرئاسة المقبلة للتصدي لهذه المشاكل.. أم إن خطط حلها متوافرة وقابلة للتنفيذ ولو جزئياً؟.‏

وفي مسألة عجز الميزانية ليس هناك تخوف من النسب الحالية المتوقع لها أن تتراجع بشكل ملموس في ظل تعافي الاقتصاد، التخوف هو من المستقبل وعلى المدى البعيد بين 20 إلى 30 عاماً، إذ يتوقع أن يقود ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية والمعاشات، إلى عجوزات ضخمة تجعل مستويات النمو الحالية تبدو ضئيلة.‏

وإذا كانت لجنة «باولز سيمبسون» قد توصلت لخطة يتم بموجبها خفض الإنفاق، ينتج عنها خفض في عجز الميزانية يصل إلى 4 تريليونات دولار على مدى العقد المقبل اذا كان ذلك ممكناً، فإنه ليس بإمكان أميركا التركيز على حل مشكلة عجز الموازنة وحده، إذ يطرح موضوع استمرار البطالة نفسه بقوة لأنه يهدد معيشة الناس ويقضي على مستقبل أكثر من 13 مليون أميركي.‏

ومع ذلك يؤكد السيناريو المتفائل لحل هذه الأزمة المستعصية منذ سنوات أن برامج التحفيز المالية ساعدت في رفع معدل التوظيف، بشكل أفضل مما كانت عليه ويحتمل أن يعطي ذلك دفعة قوية في اتجاه الإنفاق وعودة الثقة.‏

كذلك ينتظر أن يسهم خفض ضرائب الأجور وتوفير التأمين للعاطلين عن العمل لفترات طويلة، في عودة الوظائف، غير أن ذلك يلقى معارضة نظراً لأن العديد من الناس يساورهم قلق من صرف أموال ضخمة للدولة وللحكومات المحلية عوضا عن استثمارها في البنية التحتية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية