إنها كتابة تناقش ظواهر الحياة في ديناميكيتها الإبداعية، وموقع الذات في كل من السياق الكوني، والسياق الاجتماعي بما يسمح بتكوين هامش إنساني يقوم على بناء موقف فلسفي وجودي ينبع من الذات، أو يتجاوزها ضمن نطاق اللاوعي الجمعي، وتتصل علامات النص أيضا بما وراء الحدود الوظيفية للمادة؛ وكأننا أمام كشف لروح العلامة في صورتها المجردة، والمناهضة لإيماءات المعاناة، واحتمالية الموت المتكررة.
وينزع نص ترانسترومر نزوعاً واضحاً نحو إبراز قيمة الإنسان، بما تحمله من تقدير للأخلاق، و الجمال في مجتمع آلي، أو طبقي لا تتضح فيه القيم الروحية التي تؤدي إلى الانسجام الذاتي، أو السلام الداخلي، أو الجمال الممتد بين الذات، وحركية الكون؛ ما يوحي بدلالات دينية خفية متصلة بالجمال الكوني في النص؛ و تبدو هذه التصورات بوضوح في ديوانه «من أجل الأحياء، والموتى»، وقد صدر ضمن الأعمال الشعرية الكاملة لترانسترومر، بترجمة قاسم حمادي، وتقديم أدونيس، عن دار بدايات للنشر، والتوزيع بدمشق 2005.
ويمكننا ملاحظة ثلاث ثيمات فنية رئيسية في الديوان؛ هي: جدل الموت، والكتابة. - من المعاناة إلى السلام الإبداعي.- أصالة الجمال الكوني.
إيماءات ثقافية واجتماعية
يتماس مشروع ترانسترومر الشعري مع الأبنية الثقافية، والاجتماعية للمدن الكبرى؛ مثل استوكهولم، وواشنطن؛ فيرصد ذلك الوعي الإنساني المنزوي خلف الآلية، والضخامة، والتراتبية الاجتماعية التي تؤدي إلى التهميش. في ذلك السياق الثقافي تختفي الحكايات الإنسانية الأصيلة في التفاوت بين ضخامة المدن، والذات المتوارية خلف التهميش القهري، وإن كانت تحتل موقع الأصل في اتصالها بالجمال، والإيمان الروحي خارج الأبنية الطبقية الثابتة.
إن القيود المكبلة للعوالم الداخلية تنتقل من الذات إلى السياق الاجتماعي نفسه؛ فيناله التلاشي، والهبوط، والموت أيضاً.