ورغم التاريخ العريض لفريد في الغناء والتلحين لكنه لم يستطع الوصول بألحانه لأصوات معينة كبيرة جداً منها أم كلثوم وفيروز وعبد الحليم حافظ ومحمد عبد المطلب وهدى سلطان وغيرهم.. كما أن هناك فريقاً يرى أن ألحان فريد لا يتعامل معها إلا فريد نفسه فهناك تكرار في جمله الموسيقية وعدم تجديد في إبداعاته التي قدمها بصوته أو التي غناها غيره.. وأن هناك ملحنين عاصروه وجاؤوا من بعده تفوقوا عليه مثل عبد الوهاب والسنباطي وزكريا أحمد ومحمد الموجي وكمال الطويل وبليغ حمدي وغيرهم.
صحيفة «الجمهورية» المصرية فتحت هذا الملف مع محبي وعشاق الأطرش في ذكراه:
بداية يقول عادل السيد رئيس جمعية محبي فريد الأطرش: إن فريد عاش مضطهداً ومات مضطهداً من كثيرين ممن كانوا يأكلون في بيته وعلى مائدته ويتظاهرون بحبه وصداقته.. لكنهم في الحقيقة كانوا يضمرون له الحقد والغل دون سبب وجيه إلا لأنه لم يكن مصرياً.. فهو سوري الأصل وهذه لم تشفع له إطلاقاً وظلت الحرب معلنة ضده بالرغم من حصوله على الجنسية المصرية عام 1970 من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وقد أثرت هذه الحرب على إبداعات فريد وظل يعاني من آثارها حتى رحيله.
تكتلات السبعينيات
< د. محمود علي فهمي دكتوراه في النقد الفني والفنون المسرحية وواحد من أكبر عشاق فن فريد الأطرش.. يرى أن عدم غناء عبد الحليم و(ثومة) تحديداً من ألحان فريد لا تحسب على فريد وإنما لصالحه لأن فترة الستينيات والسبعينيات تحديداً شهدت تكتلات ضد بعض رموز الفن والأدب لأسباب لا علاقة لها بأعمالهم وإبداعاتهم.. فالمشكلة أن هناك من تعامل مع الأطرش على أنه غير مصري ولذلك تجنبوا منحه الفرصة لوصول ألحانه لقمة في حجم ثومة وعبد الحليم ولو كان قد وصل إليهما لحقق نجاحاً كبيراً معهما.. ففريد كان قمة في إبداعاته وألحانه وهو لا يقل مهارة وكفاءة عن عبد الوهاب وزكريا والسنباطي والقصبجي بل كان مدرسة مستقلة بذاته ولو غنت أم كلثوم من ألحانه لحققت إضافة كنا نريدها وننتظرها منذ زمن طويل!
< هشام عابدين عضو جمعية محبي فريد الأطرش يقول: فريد أنجز بالفعل لحنين لأم كلثوم هما: «كلمة عتاب» الذي ظهر بصوت وعود فريد بعد وفاته وغنت كلمات الأغنية بلحن بليغ حمدي الفنانة وردة.. أما اللحن الثاني فوطني وهو «وردة من دمنا» ورفضت أم كلثوم أن تبدأ في غناء أول لحن لفريد لها ويكون أغنية وطنية..ولعبد الحليم كان فريد يجهز له أغنية «يابو ضحكة جنان» ولحن آخر «يا مسهر عيوني ليلاتي وعيونك فداها حياتي» وتعثر تعاون حليم وفريد لأسباب بعيدة كل البعد عن فريد الذي كان يحب الجميع ويتمنى أن يلحن للجميع ويضيف: فريد أعد قبل رحيله مجموعة ألحان لفيروز وهدى سلطان وعبد المطلب لكنها لم تر النور لوفاته المفاجئة بعد انتهائه من آخر أفلامه «نغم في حياتي» ولو اهتم ابن أخيه فيصل فؤاد الأطرش بهذه الأعمال لأخرجها من خزينة عمه وقدمها لأصوات جديدة يمكن أن تغني أعمال فريد وتقدمها بالشكل الذي يرضي عشاقه في كل مكان.
< مشيرة كامل نائب رئيس الإذاعة المصرية لها وجهة نظر في كفاءة فريد الأطرش الموسيقية فتقول: على المستوى الشخصي عندما كان يهل عليّ فريد وأنا طفلة مع والدي المؤرخ الموسيقي الراحل محمود كامل كنت أشعر براحة نفسية كبيرة لم أشعر بها مطلقاً مع أي شخص آخر إلا بعض المقربين مني.. أما على المستوى الفني فهو صوت حنون جبار وطاقة إبداعية لا نظير لها بين أبناء جيله أو حتى من جاءوا بعده.. فمن هو الذي يطول قامة فريد في ألحانه: «بنادي عليك» و«أول همسة» و«الربيع» و«نجوم الليل» و«سألني الليل» وحتى في شعبياته.. «ما قاللي وقلت له» و«نورا نورا» و«وياك» وغيرها.. أما مقولة أن ألحان فريد لايغنيها إلا فريد نفسه فخاطئة تماماً.. وإلا لما نجحت ألحانه لغيره وأبرزها: «يا واحشني رد عليّ» لمحرم فؤاد. و«بقى عايز تنساني» لسعاد محمد. و«عشرية» لمحمد رشدي. و«أرضي يا حلوة» لليلي مراد. و«يا حلاوتك يا جمالك» لفايزة أحمد. وغيرها.. ففريد إبداعاته لا نظير لها وهو يتفوق على ملحنين أكبر وأصغر منه سناً بألحانه الخالدة والجميلة والتي لا نظير لها الآن على أرض الواقع مع الأسف والألم الشديدين.
أوبرا الإسكندرية تحتفل بذكراه!
احتفلت فرقة أوبرا الإسكندرية بذكرى رحيل الفنان فريد الأطرش وأقامت حفلاً مساء يوم الجمعة الماضي على مسرح أوبرا دمنهور بقيادة المايسترو عبد الحميد عبد الغفار.. وتضمن البرنامج باقة من أجمل ألحان الموسيقار الراحل التي تغنى بها والتي قدمها لكبار المطربين منها: لحن الخلود وياويلي من حبه, وروحي وروحك, ومش كفاية, وياواحشني رد عليا, وعلشان ماليش غيرك, وبقي عايز تنساني.. وأول همسة.. بأصوات نجوم الفرقة.