مرة ثانية قادتهم جرأتهم الجبانة ، وخذلانهم المخزي ، إلى اختراق هدوء صباحاتنا الدمشقية ، و طالت أصابعهم الغادرة قدسية إيماننا و بيوت عبادتنا ورجال أمننا ، من جديد .. مارسوا هوايتهم كمصاصي دماء ، فأطلقوا غربانهم لتنعق بالخراب و تغتال الأمان .
لم نستفق بعد من هول الصدمة الأولى ، و لم تبرد بعد دماء من شيعنا بمواكب الشهداء ، ولم تجف دموعنا بعد على من فارقنا من أحباب ، و إلى الآن لم ننتهِ من لملمة الجراح ، و مع ذلك سارع طيور الظلام إلى فتح جروح سيطول أمد التئامها ، و إلى إضافة أسماء جديدة إلى قوائم الشهداء الأشراف ، و إلى رمي ثوب الحداد لتكتسي به دمشق على الدوام .
بكلمات من وجع يأبى أن يهوي بنا إلى الانكسار ، و من حزن لن يجرنا إلى الانهيار ، و بغضب يغلي حنقاً رافضاً للإرهاب ، و من هلع و خوف و جزع لن يدفعنا للانكفاء ، سنتوعدهم بمزيد من الصمود ، و بالإصرار على الثبات بوجه ُصناع الموت ، لأننا ُصناع الحياة .
و مهما طال أمد استهدافهم لسلامنا و استقرارنا ، وكيفما تلونت مؤامراتهم بألوان شيطانية ، ستبقى سورية أكبر من الأزمات و لن تتشح يوماً بالسواد ، ولن تستغرق أبداً بالأحزان ، لأننا سنكون مشاريع شهداء ، لرسم ملامح حرية بيضاء ناصعة نقية غير ممزوجة بدماء الأبرياء ، ولتشرق الشمس من جديد ، و نعود لممارسة طقوسنا الدمشقية الأصيلة في أيام الجمع الفضيلة ، من عبادة و تراحم و إحسان ، لا طقوساً إرهابية تدعو للقتل و الكراهية و الدمار، سنكون الخير في مواجهة الشر ، و لا أظن أن التاريخ سجل يوماً انتصاراً للشر ...