تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كيف خالف قرار تعليق عضوية سورية المادة 18 من الميثاق؟

قاعدة الحدث
الخميس 24-11-2011
إعداد: سائد الراشد

في خطوة تعكس خضوع إدارة العمل العربي المشترك لأجندات أميركية وغربية،  يأتي قرار مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري،

تعليق مشاركة وفد سورية في اجتماعات مجلس الجامعة اعتباراً من 16-11-2011 وإلى حين قيامها بالتنفيذ الكامل لخطة العمل العربية لحل الأزمة السورية، وأقر إجراءات أخرى منها فرض عقوبات اقتصادية وسياسية ضد سورية، ودعوة الدول العربية إلى سحب سفرائها من دمشق مع اعتبار ذلك قراراً سيادياً لكل دولة، إضافة إلى توفير الحماية للمدنيين السوريين وذلك بالاتصال الفوري بالمنظمات العربية المعنية، وفي حال عدم توقف أعمال العنف يقوم الأمين العام بالاتصال بالمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بما فيها الأمم المتحدة، كما دعا القرار الجيش السوري إلى عدم التورط في أعمال عنف ضد المدنيين.‏

القرار لاقى ترحيب الرئيس الأميركي باراك أوباما الفوري، كما رحب الاتحاد الأوروبي بالقرار ودعمه التام له، علماً أن كلاً منهما قد دعت قبل ذلك إلى اتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية ضد سورية ومنها فرض عقوبات اقتصادية، وتصعيد الضغوط على سورية، وهذا ما تمت تلبيته في «الجامعة».‏

قرار تعليق العضوية ضد سورية وهي دولة مؤسسة للجامعة مخالف لميثاقها الذي يعتبر دستور الجامعة ونظامها الداخلي وقانونها الأساسي ويحدد آليات ونطاق عملها، فالجامعة وبعض الدول الأعضاء خالفوا هذا الميثاق بالطلب من سورية إقرار (إصلاحات داخلية) تتعلق بإجراء تغييرات أساسية في شكل ومضمون نظام الحكم القائم، وتعليق عضوية سورية في المجلس بحجة عدم القيام بإصلاحات داخلية قانونية محددة، ودعوة بعض الدول العربية المباشرة الرئيس السوري إلى الاستقالة، هي شروط ودعوات تعتبر انتهاكاً سافراً لنص المادة 8 من ميثاق الجامعة: (تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول، وتتعهد ألا تقوم بأي عمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها).‏

أما في المادة 18: (إذا رأت إحدى دول الجامعة أن تنسحب منها، أبلغت المجلس عزمها على الانسحاب قبل ذلك بسنة، ولمجلس الجامعة أن يعتبر أي دولة لاتقوم بواجبات هذا الميثاق، منفصلة عن الجامعة، وذلك بقرار يصدره بإجماع الدول الأعضاء عدا الدولة المشار إليها). فإن فصل أي دولة من عضوية الجامعة، مشروط ومحدد بعدم التزامها بمواد الميثاق فقط، وبما أنه لم يرد في حيثيات القرار الصادر عن مجلس الجامعة أي إشارة لمخالفة سورية لأي بند من بنود الميثاق، فإجراء التعليق يفقد بهذا الأساس القانوني المطلوب لتفعيله، وعلى فرض استناده على أساس قانوني فإنه يتطلب إجماع دول المجلس بالموافقة باستثناء الدولة المعنية، وهذا ما لم يتم حيث اعترضت بعض الدول وامتنعت أخرى عن التصويت، وبالتالي القرار غير نافذ لعدم توفر شرط الإجماع، كما أنه يجب أن يكون على مستوى قمة.‏

وزير الخارجية وليد المعلم بيّن: إن «قرار تعليق عضوية سورية في مجلس الجامعة العربية وما تضمنه من بنود أخرى يشكل خطوة بالغة الخطورة على حاضر ومستقبل العمل العربي المشترك، وعلى مقاصد مؤسسة جامعة الدول العربية ودورها». وحمّل واشنطن مسؤولية إفشال المبادرة العربية، مشدداً على أن الترحيب الأميركي بقرار تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية يصل إلى حد التحريض، ومؤكداً أنه أمر غير شرعي وغير ميثاقي وأنه قرار خبيث ومشين وغير قانوني، لأنه يحتاج إلى إجماع كل الدول عدا الدولة المعنية وهذا لم يحدث، وجدد المعلم ترحيب سورية بوفد الجامعة العربية ومعه ما تراه من مراقبين ووسائل إعلام للاطلاع على ما يجري على أرض الواقع من تنفيذ لبنود الاتفاق، وأوضح أنه بعد موافقة سورية على المبادرة العربية جرى تصعيد إعلامي غير مسبوق وتصعيد للعمليات المسلحة على الأراضي السورية.‏

كما أكد السفير يوسف أحمد مندوب سورية الدائم لدى الجامعة العربية أن قرار تعليق عضوية سورية بالجامعة العربية الذي اتخذ غير قانوني ومخالف للميثاق والنظام الداخلي اللذين ينصان صراحة على أن تعليق عضوية أي دولة في الجامعة يحتاج إلى قرار من المجلس أولاً على مستوى القمة، وثانياً بإجماع الدول الأعضاء وليس بأغلبيتها، وأنه مُملى من الغرب، وقال: كان واضحاً التنسيق وأسلوب إدارة الجلسة البعيد كل البعد عن أي إدارة تتسم ببعض سمات الحرص على العمل العربي، وكان التنسيق بين رئيس الجلسة والأمين العام فاضحاً في توجهه نحو إقرار تعليق عضوية سورية بطريقة غير قانونية، ورئاسة اللجنة أنهت الاجتماع ووزير خارجية الجزائر كان ما زال يتحدث عن عدم قانونية هذا القرار وعن عدم ميثاقيته وأنهى رئيس اللجنة الجلسة بدق الجرس واعتبر أن القرار قد اتخذ وهكذا دون أي التفاته إلى أن وزير الخارجية الجزائري كان يتحدث.‏

وكان وزير خارجية الجزائر مراد مدلسي أرسل خطاباً للجامعة العربية يُطالب فيه الأمين العام بتشكيل لجنة من الخبراء القانونيين تنظر في مدى قانونية القرار المتخذ بشأن تعليق عضوية سورية في اجتماعات الجامعة على أن تعرض نتائجها خلال اجتماع العاصمة المغربية الرباط، حيث إن المادة 18 من ميثاق الجامعة تنص على أن قرار فصل أي عضو لم يقم بتنفيذ التزامات العضوية يتخذ بإجماع الدول الأعضاء عدا الدولة المشار إليها، كما أن النظام الداخلي للجامعة ينص على المسائل الموضوعية التي يتم فيها اتخاذ القرارات بتوافق الآراء المادة 11، وفي حالة تعذر ذلك يؤجل اتخاذ القرار إلى الدورة اللاحقة، أما إذا كان الموضوع ذا صبغة استعجالية فتعقد له دورة استثنائية في غضون شهر واحد المادة 11 فقرة 3. واختتم وزير الخارجية الجزائري رسالته بتساؤل: هل القرار المتخذ في اجتماع 12-11-2011 والمتعلق بتعليق عضوية سورية يتوافق مع النظام القانوني المشار إليه.‏

يرى الكاتب البريطاني روبرت فيسك، إن قرار جامعة الدول العربية بتعليق عضوية سورية، غير قانوني، ويمثل انتهاكاً لميثاق الجامعة، فعدد الأصوات التي وافقت على القرار هي 18 دولة، وكانت قطر ومعها قناة الجزيرة الفضائية المحرض الأكبر.‏

مدير مؤسسة الحوار الإنساني في العراق د. أحمد العامري قال: لم تُقصّر الجامعة العربية في موضوع «الثورات» فكانت الجهة الأولى التي أعطت الضوء الأخضر إلى التحالف الغربي لتدمير الشعب الليبي وقتل أطفاله بالصواريخ الغربية، واليوم تعمل جاهدة على «دعم» الشعب السوري من خلال إجراءات قد لا تقل عن تلك التي دعمت بها ليبيا.‏

وفي خضم قرارات الجامعة كان هناك اقتراح مصري بفصل الأردن من الجامعة عام 1950 عندما قامت مملكة شرق الأردن بضم الضفة الغربية لها، لمخالفتها أحكام الميثاق لكنه لم يلق قبولاً، ثم تم التوصل إلى حل وسط وافق عليه جميع الأعضاء. وكذلك محاولة لفصل تونس والعراق نتيجة لإصرارهما على مقاطعة جلسات مجلس الجامعة، وموقف تونس في شأن العلاقات العربية مع «إسرائيل» ومطالبة العراق بضم الكويت، ولكن الجامعة لم تصدر أي قرار. إضافة إلى حالة النزاع بين شطري اليمن عام 1978، حيث أدانت الجامعة اليمن الجنوبية بشكل قاطع وصريح وإيقاع العديد من الجزاءات ضدها كتجميد العلاقات السياسية والدبلوماسية مع باقي الدول الأعضاء. وفي عام 1990 أدانت الجامعة عدوان العراق على الكويت بالقرار رقم 195 والذي نص على عدم الاعتراف بضم الكويت إلى العراق، والتأكيد على سيادتها واستقلالها وسلامتها، والتنديد بالتهديدات العراقية لدول الخليج.‏

وكانت جامعة الدول العربية علقت عضوية مصر عام 1979، عندما وقعت القاهرة معاهدة سلام مع إسرائيل، وتم تحويل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس، في قمة جامعة الدول العربية في بغداد في 2 تشرين الثاني 1978 ورفضت اتفاقية كامب ديفيد لأن هذه الاتفاقية منافية لقرار قمة الخرطوم في 1967 والذي تم بعد عدوان حزيران واشتهر بقرار اللاءات الثلاث حيث قرر زعماء 8 دول عربية انه لا سلام، ولا اعتراف، ولا مفاوضات مع العدوان الإسرائيلي.‏

وإن قرارها في 13 آذار 2011 لفرض منطقة حظر جوي ضد الطائرات العسكرية الليبية وإقامة منطقة أمنية في المناطق المعرضة للقصف فوراً، حيث اتفق وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم في القاهرة على «دعوة مجلس الأمن الدولي لتحمل مسؤولياته بفرض حظر جوي على الأجواء الليبية لحماية الشعب الليبي». وعارض القرار التوافقي كل من سورية والجزائر واليمن والسودان، وحذرت دمشق من أن يمهد قرار عربي بفرض حظر جوي على ليبيا إلى تدخل عسكري خارجي.‏

من الثابت والمستقر عليه قانونياً في أعراف وتشريعات الأمم المتحضرة، بالإضافة للمنصوص عليه في ميثاق عمل الأمم المتحدة، وكذلك مبادئ معاهدة روما المتعلقة بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، وفي النظام الداخلي لقانون عمل محكمة العدل الدولية، أن الادعاءات المتعلقة بمخالفات دولية لحقوق الإنسان أو ارتكاب جرائم حرب تجاه المدنيين أو ما شابه ذلك يستلزم استنفاذ الخطوات القانونية قبل الإقدام على اتخاذ أي قرار عقابي بحق الدولة المخالفة:‏

1- إيفاد لجنة أو لجان تحقيق مستقلة ومحايدة ومهنية تتولى التحقيق وجمع المعلومات والأدلة القانونية اللازمة المتعلقة بالادعاءات محل التحقيق، 2‌- تقوم هذه اللجنة أو هذه اللجان بتجهيز ملف يتضمن جميع الحيثيات والتفاصيل ومشاهدات وملاحظات أعضاء اللجنة أو اللجان بالإضافة لعرض وجهة النظر الحكومية ودفاعاتها ثم يتم عرض توصيات اللجنة النهائية على المؤسسات ذات الاختصاص، ثم بعد ذلك يتم التصويت على هذه التوصيات من قبل الأعضاء الممثلين في هذه الهيئات، وفي الحالة السورية تعتبر أي إجراءات عقابية من الجامعة العربية مخالفة بعدم اتباعها للآليات القانونية المتعارف عليها، فلا لجنة تحقيق أرسلت ولا بيانات دقيقة ومفصلة وذات مصداقية جمعت، ولا مشاهدات ومقابلات ميدانية لأعضاء اللجان دونت، ولاتوصيات صدرت عن لجان تحقيق مهنية أنجزت، وكل ما حصل هو اندفاع وراء تقارير إعلامية تستمد معلوماتها من مصادر مجهولة يصعب التحقق من مصداقيتها أو دقتها.‏

وفي النهاية إن الاندفاع العربي المحموم وراء جيوش أطلسية، هو للقضاء على آخر خط لمقاومة العدوان الإسرائيلي، فالذين يتباكون على الحرية والديمقراطية اليوم، سيبكون غداً - لو كانوا صادقين - على الحرية والاستقرار والسلم الأهلي، وعلى الوطن الذي كان يوماً ما واحداً، كما حدث في ليبيا وقبله العراق.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية