تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لوحات الملايين

رؤية
السبت 26-11-2011
أديب مخزوم

بالرغم من الضجة الإعلامية الواسعة التي رافقت خبر بيع لوحة/طبيعة/ للفنان النمساوي غوستاف كليمت في مزاد بنيويورك مؤخراً، فإن سعرها40 مليون دولار يقل كثيراً

عن ثلث قيمة لوحته/ امرأة/ التي بيعت سنة 2006 بمبلغ 135 مليون دولار، وبذلك يكون كليمت قد حطم ثاني أغلى رقم وصل إليه سعر لوحة لفنان معاصر، بعد جاكسون بولوك الذي بيعت لوحة له عنوانها/ رقم 5/ سنة 2006 بمبلغ 140 مليون دولار، في حين لم يتجاوز سعر أغلى لوحة لبكاسو/ الصبي والغليون/ التي بيعت عام 2004 حدود 104 مليون دولار‏

والمفارقة المضحكة أن بعض الصحف والمجلات العربية نشرت الخبر الأخير كعادتها في كل مرة، تحت عناوين تجارية ومزاجية ومتسرعة ولامبالية وغير مسؤولة من أمثلة: أغلى لوحة لفنان معاصر أو أغلى لوحة في تاريخ الفن الحديث، وإلى آخر ما هنالك من مهاترات إعلامية وعناوين مثيرة ولافتة وجذابة ومغايرة للحقيقة والواقع.‏

وهذه الفرقعات الإعلامية المزاجية ليست محصورة في أخبار المزادات الفنية العالمية، وإنما منتشرة بكثرة عندنا، ولقد تصاعدت حدتها في السنوات الأخيرة، إذا لا تكاد تباع لوحة لفنان سوري، حتى تتحول آلاف الليرات السورية إلى ملايين وقد تصل إلى ملايين الدولارات، ويصبح بإمكان أي صحفي فاشل أن يضع في مقالته الرقم الذي يعتبره سيرفع من اسم وطنه في المحافل الدولية، على اعتبار أن الفن هو الخط البياني الذي يشير إلى درجة الرقي والتطور والحضارة.‏

والأسوأ من كل ذلك أن يقوم الفنان بتزييف نفسه، حين يرفع أسعار لوحاته إلى حدود غير معقولة محاولاً ايهام الآخرين أنه بات في منزلة كبار الفنانين العالميين المعاصرين، لدرجة أن مجلة عربية قد نشرت حواراً لأحد التشكيليين السوريين الفاشلين، وما أكثرهم تحت عنوان عريض: أنا راهب الفن السوري وسأتوقف عن بيع لوحاتي... وكأن لوحاته تتلاعب ببورصة الفن العالمي، وتتسابق أشهر المتاحف الدولية لإقتنائها، مع العلم أن سوق الفن عندنا هو سوق وهمي وافتراضي وقائم على مزاجية الفنان والمشتري معاً، والمزاجية هنا تعني غياب المسؤولية، بمعنى أن صاحب الصالة أو التاجر إذا إراد تسويق العمل الفني بعد فترة، فهو معرض لاحتمالات الربح والخسارة، لاسيما وأن معظم فنانينا، حتى لا أقول مجملهم، يضعون الأسعار الفلكية على لوحاتهم المستنسخة في الغالب، عن لوحات فناني الغرب الأوربي، أو المرسومة باستخدام الفانوس أو بطريقة المربعات، وبعد انتهاء المعرض يبيعون لوحاتهم أو بعضها في الغالب بأسعار متهاودة وبنوع من الإتفاق السري بينهم وبين المشتري أو المقتني، وبذلك تصبح اللوحة كأي سلعة تجارية قابلة للمناقصة والمساومة، حتى أن صاحبة إحدى صالات العرض الدمشقية، أخبرتني في جلسة حوار عفوي، إن في حياتنا التشكيلية السورية فنانين يشترطون عليها أن تشتري منهم بعد انتهاء المعرض بعض اللوحات بالجملة، مؤكدين لها أنهم لايبيعون بالمفرق إلا في حالات استثنائية وخاصة.‏

adibmakhzoum@hotmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية