، إن فكرة الاعتماد على الذات وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ليست وليدة اللحظة أو أفرزتها معطيات الأزمة الحالية، وإنما كانت سياسة منتهجة عمل على تحقيقها القائد الخالد حافظ الأسد الذي تعرض خلال فترة حكمه لبناء سورية الحديثة إلى كل أشكال وألوان وأنواع الحصار من قبل المجتمع الأوروبي الغربي المتمدن ... الذي يدعي التقدم والحضارة والإنسانية ويتبنى حقوق الإنسان ؟؟!
لكن لاضير لعل هذه المحنة التي تمر بها بلادنا هي حافز ودافع حقيقي مرة أخرى للتوجه نحو استكشاف قدراتنا وطاقاتنا واستثمار مواردنا ، بحيث يعمل كل فرد منّا بأقصى مايملك من جهد وفكر وخبرة فالطاقة الإيجابية لاحدود لها إذا كان دافعها حب الوطن وإعلاء شأنه بهمة وقدرات أبنائه. ولاسيما أن المحنة هذه ستكون مفاتيح نحو إصلاحات جادة وكبيرة تسير بالتوازي مع طموحات الوطن.
لقد أثبت الشعب العربي السوري الذي تفوق على ذاته بتحديه وكبريائه إنه شعب يمتلك من الإرادة والعزيمة والعنفوان مايجعله مستعداً لكل أنواع المواجهة بدءاً من أسوئها وأصغرها إلى أكبرها ومختلف احتمالاتها، فهو الجدار المنيع الذي أسقط هجوم المؤامرة وحد من جموحها وسطوتها.
لذلك مطلوب منّا اليوم كل حسب موقعه بالعودة إلى الداخل السوري بكل ماتعنيه الكلمة من معنى ، أن نفعل قطاع الزراعة الذي يؤمن لنا من الحاجات الضرورية والصناعية التي يعمل بها نسبة لابأس بها من القوى العاملة البشرية ... أن نبحث عن الكفاءات العلمية والخبرات الوطنية والتي لايستهان بها فلدينا الكثير الكثير منها ومانحتاجه هو إيجادها ووضعها في المكان المناسب وخاصة في هذه الظروف الحسّاسة ... أن نحارب الهدر بكل أشكاله وأن نحول الوطن إلى ورشة عمل فنية حقيقية تبحث في الإبداع والإنتاج واستنباط الجديد، وليس ورشة عمل مطلبية لاتعمل إلا على التوكل والتنظير والنظريات هنا وهناك .
مانحتاجه حقا هو خلق نهج اقتصادي سوري نابع من قلب الحاجات والقدرات والإمكانات والطاقات..
أن تعمل الجهات المعنية ذات العلاقة المباشرة على احتواء المبادرات الفردية ضمن أطر جماعية ، كأن يتم تفعيل مؤتمر الباسل للإبداع والاختراع الذي كشف عن خبرات الوطن الرائعة وفي كل المجالات.
سورية بالتأكيد هي مشروع كبير وعظيم وماعلى هذا الشعب إلا أن يكبر بمستوى هذا الحجم... فالوطن يستحق بذل الغالي والنفيس وكل مايجمعنا على كلمة سواء.