تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سيبانة الحَصِيدة..المِدْري والمرجْ .. أسماء مَنْ يتذكرها?!

طرطوس
استراحة الأسبوع
الجمعة 5/12/ 2008 م
محمد زهرة

رغم أن عمليات الحصاد والدراسة لمحصولي القمح والشعير كانت صعبةً في القرى الجبلية في الساحل السوري,.. إلاّ أنها كانت ممتعةً في تفاصيل معينة منها, وخاصةً أثناء دراسة تلك الحبوب على البيادر, حيث يدور (المرج) فوق المحصول وعلى متنه الصغار والكبار والابتسامات تغمرهم, كأنهم في مدينة الألعاب.

والكثير منا لم يعد يذكر أسماء كثيرة لآلات الحصاد والدراسة تلك, لأنها تغيّرت الآن, فحلّت محلّها الحصادات والدراسات الحديثة, حتى إن الكثير من سكان المنازل الريفية في تلك الجبال لم يعد يزرع الحبوب إطلاقاً, بل صار يشتريه من الآخرين, كما يفعل سكان المدينة, ولا تتعجبوا فحتى البصلة صار معظم سكان القرى يشترونها من المدينة!‏

في شهر حزيران من كل عام (شهر البسط والكيف أوله ربيع وآخره صيف) كما يقول المثل الدّارج في تلك القرى, تبدأ أعمال الحصاد, حيث يخرج الناس إلى حقولهم باكراً, فيبدؤون بحصاد القمح أو الشعير وكان يتم بطريقة يدوية بواسطة (القالوشة), وغالباً يحصد الرجال (الزرع), وتجمعه النساء على شكل (جرز) يضعونها فوق بعضها في أكوام كبيرة لتنقل إلى البيادر, ويلبسُ الحاصودُ أثناء عملية الحصاد أصابع خشبية كبيرة لتكبير يده وحمايتها من القالوشة, وتسمى هذه الأصابع (المصبعانة) وهي مؤلفة من ثلاثة أصابع خشبية متّصلة مع بعضها وإصبع رابع مستقل يسمى (زاقوفة).‏

وما زالت هذه الطريقة تستعمل في بعض القرى بسبب صغر مساحة الأراضي المزروعة بالحبوب, وعدم تمكن الحصادات الآلية من الوصول إليها.‏

ويرافق عملية الحصاد ما يسمى (سيبانة الحصيدة) أو (الخلاصة) وهي احتفال صغير يقيمه الناس كلما انتهوا من حصاد قطعة من الأرض فيشترون الحلويات ويأكلونها ويطعمون جيرانهم منها..‏

وقد تستمر أعمال الحصاد عند البعض أو تتأخر حتى شهر آب (اللهاب) بينما معظم المزارعين يبدؤون بدراسة محصولهم من القمح أو الشعير, وكانت تلك الدراسة تتم بشكل يدوي بسيط حيث يحضرون رزم الزرع التي تسمى كلٌّ منها (قوقلّة) وتفرش على البيدر بواسطة (المدري) وتسمى الكمية المفروشة على البيدر (دريخة) ثم يؤتى بلوح خشبي يسمى (مرج) غرست في وجهه السفلي قطع حجرية صوّانية صغيرة (سلاّط) ويربط هذا اللوح إلى عنق حيوان (حصان, بغل, حمار, بقرة..) ليجره خلفه بينما يقف عليه أحد الأشخاص لتثقيله.. وهكذا يمرر (المرج) فوق (الدريخة) جيئة وذهاباً وبشكل دائري عدة مرات حتى يفصل الحب عن القش ويتجمع في الأسفل.‏

وكان الأولاد يحبون الجلوس على المرج كثيراً, بل حتى الكبار كانوا يستمتعون بالوقوف عليه أثناء دورانه على البيدر المفروش بالحبوب.‏

أما اليوم فقذ بَطُلت هذه الطريقة وحلّت محلها الدراسة الحديثة. لتتحول تلك الطريقة إلى مجرد ذكرى جميلة مغروسة في عقول المعمرين أو الكبار.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية