تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من أعلام التنوير .. الشيخ عبد الرزاق البيطار

دين ودنيا
الجمعة 5/12/ 2008 م
هو عبد الرزاق بن حسن بن إبراهيم بن حسن بن محمد بن حسن البيطار الدمشقي, جد الشيخ محمد بهجة البيطار.

ولد الشيخ الجليل في محلة الميدان من دمشق الشام سنة (1253 ه), ومنذ نعومة أظفاره تعلّم القراءة والكتابة ثم حفظ القرآن الكريم وجوّده على الشيخ أحمد الحلواني شيخ قرّاء الشام, ثم حفظ المتون في مبادئ العلوم على والده العلامة الشيخ حسن البيطار, وبعد أن توفي والده سنة 1272 قرأ على شقيقه الأكبر فقه الإمام أبي حنيفة وأخذ عن شقيقه الثاني علم القراءات, ثم لازم دروس العلامة المحقق الشيخ محمد الطنطاوي فأكمل عليه العلوم العربية والشرعية, وتوسع في المعقول والمنقول, وأخذ عنه علم الميقات والفلك والحساب, ثم صحب العارف بالله الأمير عبد القادر الجزائري فقرأ عليه جملة من كتب الحقائق وأعظمها (الفتوحات المكية), لازم الملازمة التامة, وأخذ عنه الفصل بالعدل في القضايا العامة, ولقد كان يرد على الأمير كثير من الخصومات بين الخلق, إذ كان هو المرجع للناس في دمشق, فكان يحولها إليه, ويُحيل أصحابها عليه, فيكون قوله الفصل.‏

كان عصره الذي تلقى فيه دروسه الشرعية عصر جمود على القديم, وتلقي الأقوال بالتسليم دون تمحيص للصحيح من السقيم, فاستمر على طريقة معاصريه إلى ما بعد الخمسين, فأصبح لا يقبل بأي قول من دون حجة, كما أوصى جميع الأئمة رضي الله تعالى عنهم بعدم الأخذ بقولهم إلا من بعد معرفة دليلهم فصار يأخذ الأحكام بالدلائل ويقبل قول الحق من أي قائل, ويصدع به ولا يخاف في الله لومة لائم; فإذا كان العلم الصحيح أخذ المسائل بأدلتها, فهو أول من أخذ بالدليل, وجاهد في هذا السبيل.‏

وكان رحمه الله فصيح اللهجة, قوي الحجة, غزير المادة, وكان لدى مناظريه البطل المغوار والبحر الزخار, لا يشق له غبار, وكان له مع صديقه المرحوم القاسمي مساجلات علمية ومحاورات أدبية تشف عن سعة علم وأدب جم.‏

كان الشيخ واضحاً في منهجه في وجوب إعمال العقل والبرهان وعدم الوقوف عند خيارات الأولين, والأخذ منهم والرد عليهم بما يتفق مع مصالح الأمة, وقد لقي بسبب ذلك عنتاً شديداً من المتعصبين والجامدين, ومر على الشيخ كثير من المحن والفتن, فاتهم بتأسيس مذهب جديد, ووشى به بعض الأشرار بأنه يكيد للدولة وفُتشت كتبه وداره مرات متوقعين أن يجدوا عنده على بعض أوراق سياسية أو مخابرات سرية, وتعرض للاستجواب والمساءلة ولكنه ظل متمسكاً بما يؤمن به من وجوب إعمال العقل وعدم الاكتفاء بالرواية من النصوص.‏

ومع أنه لم يذكر في ترجمة الشيخ ما يدل على صلته بحوار الأديان, ولكن حفيده الشيخ بهجت البيطار الذي كان امتداداً لعلمه وعمله وكان من أبرز دعاة الحوار والإخاء بين أبناء الدينين الإسلامي والمسيحي على وجه التحديد, وكان كذلك ينهج نهج جده في الدعوة إلى عدم التقوقع في المذهب الواحد ودعا إلى الاختيار مما أنتجه الفقهاء الكبار في مختلف العصور.‏

تبلغ مؤلفاته بضعة عشر كتاباً بعضها ديني وأكثرها أدبي, وأكبرها تاريخه في رجال القرن الثالث عشر, ذكر فيه المشاهير وغيرهم.‏

ومن تآليفه الدينية: المنة في العمل بالكتاب والسنة, شرح العقيدة الإسلامية, وغيرها من التآليف.‏

توفي عالم الشام الشيخ عبد الرزاق البيطار في 1918 وتبوأ مكانه في تراجم الفقهاء والأدباء والقادة الاحتماعيين.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية