تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حصاد مؤتمر الدوحة .. لتمويل التنمية

شؤون سياسية
الجمعة 5/12/ 2008 م
د. حيدر حيدر

اختتم المؤتمر الدولي لمتابعة قضايا تمويل التنمية المنعقد في عاصمة قطر الدوحة أعماله, وبطبيعة الحال فلم يخرج هذا المؤتمر

إلا بقرارات ستبقى على الأغلب حبراً على ورق ورغم وجود أزمة مالية عالمية تهدد جميع الدول بنيرانها الكاوية ورغم التحذيرات من توقف النمو الاقتصادي العالمي كنتيجة لهذه الأزمة ورغم النداءات بضرورة وجود خطة للتعاون لإيجاد نظام مالي متعدد الأطراف وقادر على التعامل مع التحديات كافة نقول رغم ذلك انفردت الولايات المتحدة بالاعتراض على بنود البيان ما أخر صدوره ويعلم القاصي والداني أن صندوق النقد الدولي لا يقوم بما يلزم لتوفير الدعم المالي في حالات الطوارئ ولاسيما ما يتعلق بمواجهة أزمة السيولة والقدرة على إيفاء الديون, وهنا فإن الدول النامية المتضرر الأكبر من غياب العدالة والتوازن في التجارة الدولية ترى وهي محقة في ذلك, أن البنك وصندوق النقد الدوليين يتحملان مسؤولية كبيرة عن الأزمة الحالية وطالبتا بتمثيل أكبر للدول الفقيرة في هاتين المؤسستين كما رأت أنه من الضروري إصلاحهما كي يتمكن الفقراء والمعدمون من الاستفادة منهما, فالرقابة غير المتوازنة من قبل هاتين المؤسستين تمثلت في التشدد على البلدان الفقيرة بينما كانتا متساهلتين في الرقابة على الدول المتقدمة وخصوصاً على الولايات المتحدة ما أدى في النتيجة إلى تفاقم مشكلة الديون وتعثر خطط التنمية وتراجعها في دول الجنوب الفقيرة.‏

وهكذا فبات ملحاً التركيز على ضرورة تعزيز وتماسك واتساق النظم النقدية المالية والتجارية الدولية من أجل دعم التنمية وكذلك في سبيل تعاون أفضل بين البلدان الفقيرة والغنية لمواجهة الأزمة المالية الحالية واتخاذ إجراءات ضرورية ومتنوعة لمواجهة القصور في الهياكل والمؤسسات المالية الدولية وخصوصاً أن الأزمة المالية بدأت تضرب وتؤثر بشكل بالغ على اقتصادات الدول النامية والاقتصادات الناشئة, فهل تشكل الأزمة المالية العالمية والمؤتمرات التي تتداعى مختلف الدول لعقدها لإيجاد الحلول فرصة حقيقية للتركيز على مسائل التمويل وإصلاح نظام بريتون وودز المالي وتوسيع نطاق تمثيل الدول النامية فيه.‏

لكن الواقع يؤكد أن عملية التقدم في هذا المجال محدودة فإصلاح النظام المالي الدولي وتعزيز دور الدول النامية فيه وتسوية أعباء الديون يمر بمعارضة أميركية شرسة والتي تريد استمرار تفردها واستفرادها بمصير العالم مالياً واقتصادياً وعسكرياً وحتى ثقافياً.‏

إذاً المطلوب إشراف دولي حقيقي ومتعدد على المؤسسات المالية والدولية ليتماشى ذلك مع المتغيرات والحقائق الجديدة التي أفرزتها الأزمة المالية العالمية, وهو ما أكده وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشوؤن الاقتصادية والاجتماعية شازوكانغ, وبالفعل فالعالم يحتاج إلى وضع وثيقة استراتيجية تنسيقية لإعادة الثقة بالنظم المالية وبالنمو العالمي , وبالتالي فإن بروز عدد من الاقتصادات النامية من دول مثل الهند والصين والبرازيل وغيرها يعني أنه لا يمكن تجاهلها بعد اليوم لأن دورها يتزايد في الاقتصاد العالمي, وبالتالي فإن الحاجة ماسة لإعادة النظر في النظم الاقتصادية والمالية الحالية ومدى إجحافها بحق البلدان الفقيرة, ومع وجود الأزمة المالية العالمية الخانقة, فإنه من الضروري تحديد الأسباب الجوهرية للأزمة المالية الراهنة.‏

إن محاولة الدول الغنية الاستخفاف بالعقول أمر لا يطاق فالغرب يضغط ويريد من الدول النامية الغنية بمواردها الأولية أن تضخ المال في شرايين اقتصادات الدول الرأسمالية الغنية إنه المنطق المقلوب لليبيرالية الجديدة التي تتزعمها واشنطن وهو اللامنطق المتوحش بعينه. إن )اهتمام( الرأسمالية المتوحشة بالعالم النامي ينطلق من أن هذه الدول الفقيرة تمتلك موارد وخامات أولية كثيرة ينبغي أن توظف لمصلحة المراكز الرأسمالية العالمية التي تشهد هبوطاً وصعوداً في اقتصاداتها ورغم أن الأمم المتحدة ومنذ أواخر الستينيات بدأت تهتم بقضايا التنمية وحاولت مساعدة الدول الفقيرة لتسريع نموها والهدف كان تأمين الطلب على البضائع المصنعة الآتية من الغرب حتى لا يحصل خلل في الصناعات الرأسمالية.‏

لقد جرت محاولات عدة لدعم ومساعدة الدول النامية لكنها دوماً كانت تفرغ من محتوها. فالاتفاق الدولي على اقتطاع الدول الغنية من دخلها الوطني ما قيمته واحد بالمئة لدعم التنمية في الدول الفقيرة لم ينفذ كما ينبغي, أما الاقتراح لإعادة تقويم الذهب الموجود لدى صندوق النقد الدولي والاحتياطي الفيدرالي الأميركي للحصول على مبالغ إضافية لمصلحة التنمية في دول الجنوب , فقد بدده الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون بفكه الرابطة بين الذهب والدولار ما أدى إلى حدوث فوضى في الاقتصاد العالمي وكان هذا القرار يصب في مصلحة الطغمة المالية الأميركية.‏

إن الطلب من الليبرالية الجديدة أن تقوم بخطوات لمعالجة الأزمة الاقتصادية العالمية هو ضرب من المحال لأنها غير مستعدة لتغيير جلدها فهي مستقلة بطبيعتها فكيف الحال إذا طلب منها خطوات جدية لمساعدة الدول الفقيرة, فالأمر حينها يشبه الاستنجاد بالذئب لحماية الأغنام.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية