ووافقت على القرار 53 دولة، وعارضته كل من أميركا و«إسرائيل» ، لأسباب خاصة بطبيعة كل منهما، العدوانية والتمردية ، على الرغم من أنه قرار غير ملزم .
ولما كانت (إسرائيل) غير موقعة على معاهدة حظر الأسلحة النووية ، فقد أثبتت الإدارة الأميركية بموقفها هذا ، وقوفها المطلق إلى جانب الكيان الإسرائيلي، ودعمها اللامحدود لهذا الكيان في المحافل الإقليمية والدولية ، حيث اعتادت الإدارة الأميركية على الانحياز التام للكيان الإسرائيلي ، ولو تعارض موقفها مع إجماع المجتمع الدولي والشرعية والدولية ، والأمثلة على ذلك كثيرة...
ومن المعروف تاريخياً أن الولايات المتحدة الأميركية ، هي أول دولة استخدمت السلاح النووي (القنبلة الذرية) في الحرب العالمية الثانية ، عندما ضربت (هيروشيما وناغازاكي) في اليابان، وأودت بمئات الآلاف من القتلى الأبرياء ، إضافة إلى مئات الآلاف من المعوقين الذين ما زال بعضهم على قيد الحياة حتى الآن ، كشواهد حية على تلك الجريمة الكبرى التي ارتكبتها أميركا بحق الإنسانية ، وما زالت تمتلك أكبر القواعد النووية وتحرمها على غيرها ، حتى للأغراض السلمية ، باستثناء ربيبتها (إسرائيل) .
فدويلة (الكيان الإسرائيلي)هي الوحيدة التي تملك الطاقة النووية لأغراض عسكرية في منطقة الشرق الأوسط ، في الوقت الذي تلاحق إيران، منذ أكثر من خمس سنوات ، على برنامجها النووي السلمي ، لا بل تحرض المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ، لفرض عقوبات شديدة عليها مؤخراً ، إلى حد توجيه ضربة عسكرية ، تؤيدها في ذلك كل من أميركا وفرنسا التي نصب وزير خارجيتها /آلان جوبيه/ محامياً مدافعاً عن موقف (إسرائيل) المطالب بمعاقبة إيران ، مع أن إيران أبدت كل استجابة وتعاون مع لجان التفتيش والتحقيق من الوكالة الدولية للطاقة النووية التي قامت بزيارة منشآتها نحو (7000) مرة ، سابقاً ولاحقاً ، وصرحت مراراً وبلسان كبار المسؤولين فيها ، وآخرها الرد الحاسم والواثق الذي جاء في كلمة السيد أحمدي نجاد رئيس الدولة الإيرانية ، بأن إيران لا تنوي تصنيع قنبلة نووية أو قنبلتين،مقابل آلاف القنابل الأميركية ، لأن برنامجها النووي في تخصيب اليورانيوم، لا يستخدم لأغراض عسكرية وإنما لأغراض تصنيعية مدنية سلمية، وأن الشعب الإيراني ليس بحاجة للقنابل النووية لأنه قوي بعلمه وجهده وأخلاقه الإنسانية ، وسيرد بقوة على أي اعتداء يتعرض له .
أما موقف (إسرائيل) المحرض للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فلم يكن مستغرباً لأنه يصب في الاتجاه الأميركي ، ويتكامل معه في الوضع الإقليمي والدولي . فالكيان الإسرائيلي ، هو الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط ، التي تمتلك الطاقة النووية لأغراض عسكرية ، ومفاعل (ديمونة) الذي شيد بمساعدة فرنسية، عام 1955، يشهد على ذلك، وتمتلك (إسرائيل) أكثر من (200) قنبلة نووية تعادل قوة كل منها، قوة قنبلة أميركيةأسقطت على(هيروشيما وناغازاكي) في اليابان إبان الحرب العالمية الثانية، وفيها ترسانة ضخمة من أسلحة التدمير الشامل، والمحرّمة دولياً، ولاسيما القنابل البالستية/الذكية، والعنقودية والفوسفورية التي ألقت منها أكثر من (مليوني) قنبلة على الأراضي اللبنانية إبان عدوانها في تموز (2006) وبعده، ومايعادلها على قطاع غزة في أثناء العدوان الوحشي عام 2008 ولم تحرك أميركا ساكناً، في الإدانة أو وقف إلقاء هذه القنابل، بل على العكس كانت تبرر للكيان الإسرائيلي عدوانه بحجة الدفاع عن النفس وحماية أمن الكيان الإسرائيلي لكي يبقى هذا الكيان قوياً، متفوقاً عسكرياً، يرعى مصالح أميركا وحلفائها من خلال مايقوم به من تهديد لأمن المنطقة يلوح به متى يشاء.
فالتقارير السابقة التي نشرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن الملف النووي الإيراني، أكدت أن إيران أوقفت التصنيع النووي/ العسكري منذ عام 2003 ولأسباب خاصة بها، وماتقوم به الآن لايمت للأغراض العسكرية بصلة، وإما لأغراض التنمية الاقتصادية.. ومع ذلك يصر الكيان الإسرائيلي على مزاعمه، وبدعم من إدارة أوباما على أن إيران تمتلك مصانع للسلاح النووي، ويجب معاقبتها إذا لم توقف تصنيعها، وينسى هذا الكيان العدواني المصطنع، أنه المنتج الحقيقي لهذه الأسلحة وليست إيران.
وهذا التهديد المباشر لإيران، استناداً إلى ذرائع وهمية مختلقة، يذكرنا بما جرى مع لجان التفتيش عن أسلحة التدمير الشامل في العراق، قبل الغزو الأميركي؟ حيث أفادت معظم التقارير خلو العراق من هذه الأسلحة، ومنذ أمد طويل.. لكن الإدارة البوشية الأميركية آنذاك بصقورها المحافظين، لم تعبأ بهذه التقارير وأصرت على غزو العراق على الرغم من معارضات الشرعية الدولية، مستندة إلى معلومات مزيفة استقتها من مصادر أوروبية، ولاسيما الاستخبارات البريطانية، فكان ذلك خدعة تذرعت بها إدارة/ بوش/ اعترف بها صراحة كل من/ كولن باول/ وزير الخارجية الأميركية السابق و/جون بولتن/ الممثل السابق للبيت الأبيض في الأمم المتحدة، وذلك بعد تحررهما من قفص البيت الأبيض.
وإذا كان ثمة قول مفاده: « إن العاقل يتعلم من أخطاء غيره، أما الأحمق فيتعلم من أخطائه، وقد لا يتعلّم.. » فهل يتعلم الرئيس الأميركي/ باراك أوباما/ وإدارته من تجربة سلفه/ بوش/ المريرة في العراق، أم يبقى مصراً على موقفه؟، ويبقى الجواب عند أوباما في لجم جماح (إسرائيل)، واتخاذ الموقف العقلاني والحاسم في التعامل الدبلوماسي مع إيران.