ما يزيد على الحياء الاجتماعي بكثير حيث إن الذي فقد الحياء بالحياة الاجتماعية قد يتوقف إضراره على عدد محدود في بيئته التي يعيش فيها، أما الذي فقد الحياء السياسي سيطال في إضرار الوطن والشعب دفعة واحدة.
وما رأيناه في اجتماع ما يطلق عليهم وزراء وهم بالأصح أجراء ليس له أي تفسير سوى أنهم قد سيقوا إلى القاهرة بأوامر الأسياد، وليس لديهم أي بقية من وجدان سياسي عربي إسلامي تسمح لهم بأن يفرقوا بين خدمة الحرية لجماهير سورية، أو تحطيم الدولة السورية، وتسليمها مدمرة للصهيونية.
إزاء ما فعلوه، وتحدوا به الوجدان القومي العروبي هبت جماهير الشعب الوطنية في سورية وفي كل رقعة من أرض العروبة تتنسم بعض الحرية حتى تقول ما تريد وتعلن رفضها لما حصل عند الذين فقدوا الحياء، وفعلوا ما سيبقى في ذاكرة السوريين والعرب أجمعين إلى يوم الدين لأنهم رأوا بأم أعينهم (أبو رغال)، ورأوا كل أشكال السقوط في وجدان هؤلاء الذين لم يعد لهم مهمة فيما يسمى الجامعة إلا إعلان الحرب على سورية، وتسليمها للأطلسي كما سلموا من قبلها فلسطين والعراق وليبيا، ولبنان، والسودان.
وإذا كان هذا السقوط في الوجدان السياسي العربي لا يدهش القادة، والعارفين الذين يرون دوماً ما وراء الظاهر ويتوقعون من أمثال هؤلاء الذين يقودهم حمد فإن المدهش هو بكيفية تربية الأجيال العربية، وعلى أي تاريخ!! أنربي هؤلاء على كيفية تسليم الوطن؟ أم نربيهم على تاريخ من خانوا العروبة، والإسلام منذ بداية مشروع النهضة العربية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر وحتى اليوم؟! أنربيهم على تاريخ من استقدم القواعد الأميركية لكي تحمي إسرائيل وهي تحميه بآن معاً ليكون أمن إسرائيل من أمنه، والعكس فهما إذن في مشروع واحد له صاحب واحد؟!
أنربيهم على تاريخ من عمل مع إسرائيل والغرب والمتصهين على تدمير آخر قلعة مقاومة للعرب في الراهن المعاش من الزمن العربي؟! كما قيل: ما هكذا تورد يا سعد الإبل، لكن هذه المقولة لن يسمع بها أحد من النظام العربي المتصهين، وكم هي اللحظة الراهنة صادقة لكل وجدان حي عن العرب الشرفاء، وشرع التعبير عنها لدى المفكرين العرب، والمثقفين على مساحة الوطن الكبير، ويكفي أن يقول مثقف من مصر:« أنا أخجل من العرب أن يمون وزير خارجية مصر من مصر، وأن يكون نبيل اللاعربي من مصر» ويقول مثقف من الأردن:« مسؤولون غير عرب يقودهم حمد». وفي هبة الضمير القومي الذي تمثله سورية الصامدة سنقرأ ونسمع تعابير كثيرة عن هؤلاء.
لكن رغم ما حدث، وما هو متوقع منه المزيد لأن أخلاق العبيد تقود إلى نهايات مايريده السيد، تبقى في النفس آمال كبير، وهي معقودة على الشعب في سورية، ومحيطها من الذين رفضوا تدمير الدولة والشعب والسيادة لسورية. ومن الطبيعي طالما أن السوريين قد ثبت لديهم بالدليل الملموس أن المسألة - بأساسها- ليست الحرية والديمقراطية، وحقوق الإنسان، المسألة هي تدمير الدولة السورية لكي تتجزأ سورية إلى العديد من الدويلات التابعة الصغيرة، ويتم بيع هذه الكانتونات لإسرائيل حتى تعيش في كنف السادة الصهاينة، فالدولة السورية قد ملكت من الشعب الواسع، والقوة الوطنية الرادعة ما يجعل الحقوق العربية المغتصبة في فلسطين والأراضي العربية المحتلة قريبة التحرير، وما يجعل إسرائيل حقيقة كياناً على قيد الزوال. إذن لابد من تحطيم هذه الدولة وتشريد السوريين وهدر كرامتهم طالما أن من في النظام الرسمي العربي قد قبل هدر كرامته وما يجول في ذاكرة المواطن السوري اليوم هو تاريخ من معارك سورية إلى جانب أقطار الشعب العربي وأحب أن أخص الكويت ، وغزة والسودان، والجزائر وغيرهم سائلاً: كيف تتواطؤون على هدم الوطن والدولة والقوة الرادعة التي ملكتها سورية لكي تواجه بها إسرائيل عدوة العرب أجمعين؟!
هل لازلتم محسوبين عرباً مصيركم واحد، وعدوكم واحد؟! ألم تذكروا كيف استقبلتكم سورية أثناء ما مررتم به من محن؟ ألم تتذكروا الدولة السورية التي دخلتموها بالهوية، وهلل بكم مواطنها الشقيق وعشتم بأمان ليس له حدود على أنفسكم، ومالكم وأعراضكم؟ كيف تقفون الموقف الذي فرحت به إسرائيل وابتهجت به صحفها؟ كيف توافقون على إرادة أميركا وأوروبا وأردوغان الصهيونية ضد بلدكم سورية؟! أين من قال:/ وكانت إذا احتربت يوماً ففاضت دماؤها ، تذكرت القربى ففاضت دموعها/
هكذا قالت العرب، ماذا ستقول اليوم ، وهل سيبقى العرب عرباً؟!!