الحامولي أمام السلطان، جاء إلى المطرب رجال من القصر السلطاني، وطلبوا منه أن يكتب لهم ما يريد إنشاده من قصائد وأدوار أمام السلطان، ففعل الحامولي ما طلب منه، وكان الدور الأول يقول:
غاب عن عيني مرادي وانهمر دمعي صبيب
عز من يشفي فؤادي عندما غاب الحبيب
والدور الثاني كان مطلعه:
خلعت عذاري في هواك
ومن يكن خليع عذار
في الهوى سره نجوى
أما الدور الثالث فكان مطلعه:
العذول أصل التباهي بالشمول ياإلهي أنت جاهي في العذول
وعند موعد الحفلة أمام السلطان سلم رجال القصر عبده الحامولي كلمات الأدوار التي سيغنيها معدلة، وطلبوا منه أن يغنيها وفق التعديل.
ففي البيت الأول من الدور الأول حذفت كلمة / مرادي/ ووضعت مكانها كلمة /حبيبي/، لأن / مرادي/ تشير برأيهم إلى اسم السلطان / مراد/ ومن الدور الثاني حذفت كلمتا / خلعت/ و/ خليع/ لأنهما تشيران إلى معنى خلع الملوك وحذفوا كلمة/ العذول/ من الدور الثالث، لأنهم فهموها- ويالهول ما فهموا- أنها مشتقة من عزل يعزل، وغنى عبده الحامولي الأبيات وفق التعديل وهو مصاب بدهشة لم تفارقه طيلة حياته.
وفي أحد الأيام فوجئ عبده الحامولي برجل يعترضه في الطريق ورجاه أن يستمع إلى قصته.
وقصة هذا الرجل أن زوجته لا تنجب إلا البنات، وكان يتمنى أن يرزقه الله صبياً، وفي لحظة تأثر حلف بالطلاق أنه سيقيم احتفالاً لمدة أسبوع يغني فيه عبده الحامولي إذا رزقه الله صبياً، وعملتها الزوجة وأنجبت له صبياً، ووقع الرجل في حيرة، فمن أين سيأتي بالمال لتغطية مصاريف عبده الحامولي وفرقته الموسيقية ومصاريف الأسبوع من سرادق ومأكولات ومشاريب وحلويات؟!
روى الرجل هذه الحكاية لعبده الحامولي وحكاية اليمين الذي أقسمه وترجاه أن يمر أمام بيته للحظات، ويقول بصوت مسموع عبارة / ياليل/ فقط، حتى يسقط عنه اليمين ولاتطلق منه زوجته، فهزت هذه القصة عبده الحامولي فأقام على نفقته الخاصة سرادق حفل بأشهى الأطعمة وغنى فيه حتى مطلع الفجر.