الهولندية و»ميتسوبيشي» اليابانية لتجميع الغاز الذي يجري حاليا حرقه في حقول نفط جنوبية، وذلك في مشروع قد يعزز إنتاج الكهرباء التي تشتد الحاجة إليها بعدما ازدادت الشكاوى، لكون المتاح لا يلبي إلا نصف الطلب تقريبا.
وقال مسؤولون إن الاتفاق البالغ مدته 25 عاما، يعد من أضخم الاتفاقات التي يوقعها العراق مع شركات طاقة أجنبية، ويهدف إلى استغلال كميات الغاز التي يجري حرقها في حقول جنوبية ويتجاوز حجمها 700 مليون قدم مكعب يوميا، وسيقوم بمعالجة ملياري قدم مكعب من الغاز يوميا.
وقال وزير النفط العراقي عقب التوقيع في بغداد الأسبوع الماضي إن ما حدث «يمثل انعطافة كبيرة في الصناعات النفطية، ويشكل الاستغلال الأمثل للغاز تماشيا مع الحاجة له في العراق وتوفير الغاز لصناعة البتروكيماويات».
وبموجب الاتفاق تتأسس شركة غاز البصرة التي ستملك الحكومة نسبة 51% منها في حين تحوز شل 44% و ميتسوبيشي 5%، ويستهدف المشروع معالجة الغاز المصاحب للنفط من حقول الرميلة والزبير وغرب القرنة، وتبلغ طاقته المقترحة أكثر من ملياري قدم مكعب قياسي/ اليوم.
وبحسب وزارة النفط، فإن المشروع سيحقق خلال 25 سنة إيرادات تبلغ نحو 39 مليار دولار، بحيث تبلغ أرباح الشريك الأجنبي 7 في المائة، والعراق نحو 40 في المائة (أرباح الشركة وعوائد الغاز الخام والضرائب)، ويخصص الباقي للكلفة التشغيلية والاستثمار،وفي نهاية المشروع ستتم تصفية حصة الشريك الأجنبي ويصبح بأكمله ملكا للعراق.
ومن المتوقع أن تدر زيادة إنتاج النفط كميات إضافية كبيرة من الغاز المصاحب، وقد يتجاوز إنتاج العراق من الغاز عما قريب حاجته الاستهلاكية المتزايدة منه ما يفتح الباب أمام إمكانية التصدير.
وكان العراق -عضو منظمة أوبك- قد وقع سلسلة اتفاقات مع شركات نفط أجنبية لتحديث قطاع الطاقة بعد سنوات من الحرب والعقوبات الاقتصادية، وهو يسعى لزيادة انتاجه النفطي إلى 12 مليون برميل يوميا بحلول عام 2017 مما يضعه في مصاف أكبر المنتجين العالميين, لكن مسؤولين قالوا ان الوصول بالإنتاج إلى ثمانية ملايين برميل يوميا يبدو هدفا أكثر واقعية.
نفط الشمال
ومن جانب آخر انسحبت شركة شل النفطية من المحادثات الهادفة لتطوير حقول نفطية، وذلك من أجل حماية استثماراتها المربحة في جنوب العراق وأهمها الاتفاقية المشار إليها مع الحكومة العراقية لتطوير مشروعات للغاز بقيمة 17 مليار دولار.
وتأتي خطوة انسحاب شل من الشمال في أعقاب تهديد مسؤولين عراقيين في الأيام الأخيرة بإلغاء عقد لتطوير حقول نفط أيضا مع «إكسون موبيل» الأميركية التي أصبحت أول شركة نفط كبيرة تتوصل إلى اتفاق للاستكشاف في شمال العراق .
ويشار إلى أن العراق استطاع زيادة إنتاجه من النفط ليصل في الفترة الأخيرة إلى 2.8 مليون برميل يوميا، وهو المستوى الذي بلغه قبل الغزو عام 2003.
العاشر عالمياً
وهكذا يبدو اليوم أن العراق في تسابق مع الزمن وسيتبوأ خلال فترة قصيرة مركز عاشر أكبر احتياطي للغاز في العالم.. وفي ظاهرة لم يسبق لها مثيل توافدت عليه فجأة عشرات شركات الغاز المتخصصة من الدول المجاورة كالامارات وتركيا ومن الدول الأوروبية كالنمسا وألمانيا وأعلنت بعضها عن خطط عمل بمليارات الدولارات لضخ كمية كافية من الغاز العراقي تكفي للعراق والدول المجاورة وتلبي بعض الطلب الأوروبي.
وجاء الاتفاق الأخير مع شركتي شل وميتسوبيشي وبقيمة 17 مليار دولار ليتوج هذا الحلم الذي أصبح حقيقة بعدما ظل العراق طيلة عقود طويلة منتجاً للنفط فقط، ولم يكن احد يتحدث عن الغاز الطبيعي وأهميته و المخزون الاحتياطي منه، بل إنه اعتاد على استيراد حاجته من الغاز من الدول المجاورة بينما يشتعل غاز نفطه يومياً تاركاً عوادم في الجو تعادل تشغيل 3 ملايين سيارة..
ومن البديهي ان ينتقل الاهتمام بالغاز العراقي إلى دول الجوار، حيث عبرت بعض الدول العربية والإقليمية عن رغبتها بالتزود به، لأنه ليس لديها ما يكفيها من انتاج الغاز، ويبقى العراق الدولة المؤهلة لتلبية احتياجات تلك الدول، نظراً لحجم الاحتياطي الكبير الذي يملكه من هذه المادة.
وبناء على هذه المعطيات تقترح الدول العربية على العراق دمج غازه مع خط الغاز العربي أو خط الغاز الخليجي و كل ذلك يرسم مرحلة جديدة في حاضر ومستقبل العراق الاقتصادي، مرحلة رخاء اقتصادي يمكن ان تساهم، بنحو فعال، في إبعاده عن العنف ودفعه نحو السلم والبناء..فهل تسكت الرفاهية المنتظرة نزيف الدم وأعمال العنف التي لم تنقطع منذ احتلال العراق وإطلاق الوعود المعسولة حول مستقبله وديموقراطيته.