ولابد من سؤال يطرح حول الاحتمالات في تفكك منطقة اليورو، وهل فعلا يمكن ايجاد طرق لإنقاذها أصلاًو وهذا الواقع قد يشهد هروب المستثمر بالجملة.
خطر إفلاس اليونان كدولة ذات سيادة، واحتمال إفلاس دول أخرى بعدها، مثل اسبانيا والبرتغال وايرلندا، بل وحتى ايطاليا، يطرح أمام الاتحاد الأوروبي خيارين لا ثالث لهما، فإما الإعلان عن افلاس اليونان وانعاش الأوضاع المالية الأوروبية جزئياً، وإما منح عشرات المليارات الجديدة لتسديد ديون أثينا على الرغم من أن هذه السياسة لن تعطي نتائج ملموسة على الأرض، ويرى عدد من الخبراء أن زعيمتي الاتحاد الأوروبي ألمانيا وفرنسا غير مستعدتين نهائياً لإعلان افلاس اليونان، لأن هذا السيناريو ينطوي على خطر تداعي قطع الدومنو، وهما تتخوفان من أن يتبع افلاس اليونان انهيار عدد من البنوك الأوروبية الكبرى، ما يقود ليس فقط إلى هزات اجتماعية وسياسية خطيرة، بل وإلى تفكك منطقة اليورو، ومن ثم تفكك الاتحاد الأوروبي نفسه وفي ظل المنافسة السياسية والاقتصادية الشديدة والشاملة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصين ستبذل أوروبا قصارى جهدها للحيلولة دون انهيار اتحادها العتيد، إلا أن حالة اليونان رفعت النقاب عن أماكن الضغف في الشكل المتبع في التعامل الاقتصادي والسياسي الأوروبي، ففي اطار هذا الشكل اتضح أن المشكلات الخطيرة في احدى دول منطقة اليورو يمكن أن تدفع الاقتصاد الأوروبي بكامله إلى الهاوية ،ومن الناحية الأخرى يتعرض التضامن الأوروبي على الصعيد السياسي المشترك إلى انتقاد متزايد على الصعيد الوطني، فالألمان والفرنسيون أنفسهم لا يريدون أن يدفعوا ثمن سياسة اليونانيين الاقتصادية المتعثرة، ولأن الأوروبيين عاجزون عن دفع ثمن انقاذ اليونان على خلفية الموجة الجديدة الوشيكة من الأزمة الاقتصادية سيلجأ الاتحاد الأوروبي على الأرجح، إلى استصدار الأوراق النقدية، ويعتقد المحللون الاقتصاديون أن هذا الإجراء سيعطي مردوداً ايجابياً وقتياً، لكنه على المدى البعيد يقود إلى كارثة لا مفر منها، سيناريو التضخم النقدي هذا يسوق الدليل على الأزمة البنيوية العصيبة للاقتصادات الأوروبية التي تسلك في الواقع نفس الطريق الذي تسلكه الولايات المتحدة.
بعض الخبراء والمحللين في العالم يتوقعون انهيار أكبر البورصات والبنوك العالمية في المستقبل القريب كما يتوقعون تباطؤاً شديداً في وتائر نمو الاقتصاد الصيني الذي كانت تعلق عليه الآمال في انقاذ الاقتصاد العالمي من الأزمة، وإلى ذلك يقول المحللون :إن الموجة الجديدة من الأزمة الاقتصادية يمكن أن تعقد كثيراً أوضاع النخب السياسية في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، أي إن الأزمة الاقتصادية قد تتحول إلى أزمة سياسية، وبهذا الخصوص تتردد مخاوف من أن تدفع الصعوبات السياسية والاقتصادية النخب في الدول الغربية إلى تشديد التدخل، بل وربما اشعال فتيل حروب جديدة في آسيا وإفريقيا من أجل الاحتفاظ بالمواقع السلطوية لتلك النخب على بلدانها، إلا أن الفكرة الأكثر تفاؤلاً تقول: إن الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت في عام 2008 لم تسفر حتى الآن عن عواقب كارثية على الرغم من أنها لم تذلل بعد في أي بلد من البلدان.
تفيد بعض التوقعات أن العالم ولج نفقا طويلاً لأزمة اقتصادية وغذائية بنفس الوقت لها طابع الاستدامة، وستكون من نتائجها احتمالات تمردات الجياع والاضطرابات الاجتماعية في الدول النامية بخاصة والدول الأقل تطوراً، ويحذر الخبراء من أن أسعار المواد الغذائية يمكن أن ترتفع إلى أكثر من مرتين في السنوات القادمة، وأول من يعاني من ذلك هم سكان العالم ذو الدخل المحدود، أي الذين ينفقون على الطعام معظم دخلهم، وفي تصورات المنظمة الدولية للزراعة والأغذية / الفاو/ يكمن حل المشكلة في الإصلاح الجدي والمنسق لنظام توزيع الأغذية على النطاق العالمي، والمفارقة العجيبة في ما يخص تأمين المواد الغذائية أن موضوع أو حالة المجاعة في تزايد، على الرغم من أن العالم ينتج من المواد الغذائية ما يكفي لإطعام كل فرد من سكانه، والسبب الأول لهذه الظاهرة هو اسعار الأغذية التي تجاوزت كل المقاييس بالنسبة للعديد من الدول النامية، وتواصل ارتفاعها في السنوات الأخيرة بشكل مضطرد ومن المؤسف أن الهيئات والمنظمات الدولية المدعوة لمعالجة قضايا الأمن الغذائي وخصوصاً منظمة الفاو عاجزة حالياً عن ممارسة تأثير مباشر على الأسواق العالمية للأغذية التي تتوخى بالدرجة الأولى الحصول على الأرباح ولا تنطلق من اعتبارات انسانية أو اغاثية.
وهذا يجعلنا نناقش حالة بدأ يرصدها المحللون وهي استغلال الإرهاب كقطاع اقتصادي جديد، وهذا يجعلنا نطرح سؤالاً هو هل محقون أولئك الذين يشبهون الإرهاب اليوم بشركات تتضخم أعمالها إلى درجة شمولها لفروع إعلامية ومصرفية؟ هل هناك ما يرتبط بين مصالح هكذا هياكل والولايات المتحدة الأميركية باعتبارها المكافح الأول ضد الإرهاب؟