نسجن قصصا من التحدي رغم أنهن لسن خارقات و لا صاحبات معجزات ، و لا ممن تزين جدرانهن الشهادات العلمية ، ليشهرنه سلاحا يحاربن به غدرات الزمن ، و لم تلتف حول معاصمهن «إسوارة من ذهب » , أو يغمر الحرير أياديهن الماهرة ... فلا مؤهلات و لا مهنة ، و مع ذلك لم ينضممن إلى صفوف العاطلين عن العمل .
لقد امتلكن حسن التصرف و كما كبيرا من الإرادة و التصميم على البحث عميقا في قدراتهن و إمكانياتهن ، و من خلال استقراء حاجة محيطهن الاجتماعي ، استطعن خلق فرص عمل مناسبة ، عوضا عن ندب الحظ العاثر ، أو الشكوى من العوز و القلة ، و البقاء عالة تستنزف العطاء ، و تنتظر الفتات من الآخرين .
نراهن أينما أمعنا النظر يعملن في الظل داخل بيوتهن ، لا يترفعن عن كثير من الأعمال المتواضعة ، لقناعة راسخة بأن العمل ليس عيبا ، فتلك استغلت مهارتها كأي امرأة تتقن فنون الطبخ و الحلويات ، لتلبية طلبات خارجية للأصدقاء والجيران وللمحيطين ، بأجر يلبي احتياجات أسرتها ، و أخرى أبرمت عقدا مع أحد تجار الخضار لتجهيز ما يحتاج إلى تحضير من فرم و تقشير و تقطيع، و غيرها تحتضن أطفال العاملات ريثما يعدن من أعمالهن ، و تتنوع الأعمال من شك و تطريز و حياكة و خياطة ، لتكون مشاريع صغيرة و لكنها حمت بيوتا من الانهيار و صانت أطفالا من الضياع و الانحراف ، إنها المرأة التي لا تعدم وسيلة لتعبر بعائلتها إلى بر الأمان .