تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ابني يخاف الظلام..

مجتمع
الأربعاء 19/12/2007
موسى الشماس

الاستعادة التلقائية هو عنوان الدراسة الحديثة التي أجراها الاختصاصي التربوي د. باسم الطحان في مدرسة المتفوقين على 200 طفل ما بين 3 - 6 سنوات وحيث صادف 9/12 اليوم الإعلامي للطفل,

القائمة على مبدأ أن إخماد التصرفات السلبية عند الطفل يقوم على شكل متابعة يومية متتالية فحتى لو أخمد التصرف في أحد الأيام فإنه يعود في اليوم التالي, هذه اليقظة المجددة لعادة سيئة أو لتصرف معين يقوم به الطفل هي ما ندعوه الاستعادة التلقائية.‏

> وهل تكون حدة التعامل هي نفسها في كل يوم?‏

>> يتم الإخماد اليومي بسرعة أكبر من اليوم التالي, هذا الأمر هو على جانب من الأهمية في إخماد التصرفات المكروهة لدى الطفل, فعلى الأهل أو المربين ألا يفشلوا إذا ما داوم السلوك الخامد على الظهور, والقضاء الكامل على تصرف مكروه, قد يحتاج إلى فترة معينة من الزمن.‏

> ما أهم فوائد الإخماد تلك?‏

>> يستعمل مبدأ الإخماد في مساعدة الطفل على قهر مخاوفه غير الضرورية, فقد كنت أتشاور مع أم قلقة على ابنتها البالغة ثلاثاً التي كانت تخشى الظلام, فعلى الرغم من وجود نور ليلي وبقاء باب غرفة نومها مفتوحاً كانت الطفلة تخاف البقاء وحدها, ولهذا كانت تصرُّ أن تبقى أمها إلى جانبها كل مساء إلى أن تنام, ما استنفد الكثير من وقت الأم فضلاً عن كونه غير ملائم, وإذا حدث أن أفاقت الطفلة في الليل كانت تصرخ طالبة النجدة, وبدا من الواضح أن الطفلة لم تكن تخدع أمها بل كانت تخاف فعلاً.‏

هنا يجب الانتباه إلى أن مخاوف كهذه ليست صفة ملازمة للطفلة بل تعلمتها تعلماً, لهذا يتوجب على الأهل أن ينتبهوا للكيفية التي يعبرّون فيها عن مخاوفهم. لأن صغارهم يتبنون المخاوف نفسها بسرعة فائقة, لهذا السبب نفسه يمكن للمزاح البريء أحياناً أن يسبب مشكلات للطفل. فإذا حدث أن دخل صغير إلى غرفة مظلمة وقفز أحدهم فجأة من وراء الباب فإنه يتعلم من المزحة أن الظلام ليس خالياً دائماً, بالنسبة للطفلة في مثالي السابق لا نعلم متى تعلمت الخوف من الظلام, ولكن الأم ضخّمت المشكلة من غير قصد منها, فهي باهتمامها بأمر مريم, أظهرت قلقها عليها, ما جعل الطفلة ترى مبرراً لمخاوفها حتى إنها قالت: (حتى أمي قلقة للأمر), وهكذا أمسى الخوف عظيماً لدرجة أن مريم لم تكن تتجاسر على الدخول إلى غرفة نورها خافت دون مرافق, وقد أحضروا إلى الطفلة عند بلوغها هذه النقطة من الخوف, فارتأيت أن على الأم القول لابنتها أنها ستريها (أن لا شيء يخيف في الغرفة) وهنا أود الإشارة إلى أنه أحياناً (لا فائدة من كثرة الكلام لتحرير الطفل من مخاوفه, بل على الأهل أن يجعلوا الطفل يرى أنهم واثقون وليس هنالك ما يقلق).‏

> وماذا أشرت على الأم أن تفعل في ظروف كتلك لتغيير واقع ابنتها?‏

>> اشترت الأم كيساً من الحلوى ووضعت كرسيها عند باب غرفة الطفلة من الخارج, بعد ذلك كانت تنال الصغيرة قطعة من الحلوى إن استطاعت البقاء لفترة وجيزة (دقيقة واحدة) في الغرفة والنور مضاء والباب مغلق, وهذه الخطوة الأولى لم تشكل كثيراً من خوف لها بل على العكس أعجبتها اللعبة وتكررت المحاولة مراراً, بعد ذلك طلبت الأم من ابنتها أن تمشي خطوات قليلة في الغرفة والنور مطفىء والباب مفتوح فيما راحت الأم (المرئية جيداً في غرفة الاستقبال) أن تعد إلى العشرة, وقامت الطفلة بعملها هذا بضع مرات, وفي كل مرة كانت تحظى بالحلوى وبعد مسيرات متتالية صار الباب يترك نصف مفتوح ثم مفتوحاً قليلاً, أخيراً تجرأت الطفلة على دخول الغرفة المظلمة وإغلاق الباب وراءها فيما كانت أمها تعد إلى العشرة, كانت تعلم أن في وسعها الخروج فوراً إن هي أرادت, كانت أمها تخاطبها بهدوء وثقة, ومع الوقت ازداد طول المدة التي تقضيها في الظلام وكانت النتيجة حلوى ولا خوف, والحلوى هي ذروة البهجة عند الطفل, وهكذا تعززت شجاعتها وأخمد الخوف, وبذلك انكسر طوق الرعب وحل محله تصرف سليم نافع.‏

إن طرق استعمال الإخماد تحددها فقط مخيلة الأهل أو المربين وقدرتهم الخلاقة وخير طريقة لتغيير سلوك ما, هي الحؤول دون تعزيزه ومكافأة بديله.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية