ورأى ان الحديث عن اللغة, هو حديث عن الايام الآتية فالحاضر الذي نعيشه هو لحظة عابرة, والماضي قد مضى وانتهى , ويبقى مثار اهتمام العلماء في حل رموز اللغات القديمة, لأن الوقوف على تلك اللغات هو وقوف على الحضارات التي دونت اللغة فكيف نكون مستقبلين من خلال اللغة? ببساطة ان الدعوة الى الاهتمام باللغة العربية وتطويرها هي بذرة يمكن لها ان تصبح قوة عظيمة في المستقبل المشرق الذي نحاول استشرافه, ولا بأس ان اصرح بما ترسخ في مخيلتي من خوف وأهوال محتملة لانقراض اللغة العربية اذا لم نسعفها بنمو جديد للفكر العربي فإن التمتع بالمعرفة العلمية والتقنية سيخدم تمكن اللغة العربية.
وإن الاهتمام بتعلم العربية يعني الكثير في عالم الحرص على هويتنا وشخصيتنا بين الأمم في العالم المعاصر. وأمة لا قوة في لغتها, ولا وحدة في لغتها, ولا رابط يجمع لغتها وينميها هي أمة لا فكر لها , وان كان فلا وضوح فيه, ولا معرفة,ولا شك انه سيكون فكراً أسيراً, إن امة هذا شأنها لابد أن يتجاوزها النمو الحضاري الانساني. إن الحديث عن تعميق اهتمامنا بلغتنا العربية, والعمل على خدمتها وتنميتها في حياتنا بكل اشكالها يعني الاهتمام بتطوير تفكيرنا وتقديم انفسنا, وهذا يحتم علينا تبني تيارات النقد الجريئة.
أما الدكتور الاستاذ أحمد علي كنعان فقد أكد في محاضرته (ا للغة العربية والتحديات المعاصرة) على ان اللغة العربية هي عنوان هويتنا العربية, ورمز كياننا القومي وهي جامعة شملنا, وموحدة كلمتنا ,وهي حافظة تراثنا ولغة قرآننا,وهي واسطة نقل الافكار وانتشارها وهي العلاقة التي تربط بين أفراد الأمة وتعبر عن احلامهم وآمالهم وعن افراحهم وآلامهم.
ولا يخفى على أحد ما تواجهه اللغة العربية في القرن الحادي والعشرين من تحديات تزداد في هذا العصر الذي نحيا فيه , عصر العلم والتكنولوجيا , عصر التفجر المعرفي والتغيير الثقافي السريع وهذه التحديات متعددة ويأتي في مقدمتها منافسة اللغة الاجنبية (ا لانكليزية) لغة هذا العصر , للغة العربية ما يؤدي الى الاستلاب الثقافي في ظل العولمة, ويهدد الهوية القومية والانتماء للأمة العربية, وتزداد هذه الخطورة حدة عندما نلمس عزوف الكثيرين من طلبتنا عن لغتهم القومية وبخاصة في بعض الدول العربية, بحجة انها لم تواكب لغة العصر .
ويظل السؤال الذي يفرض نفسه : كيف نواجه هذه التحديات ونطوق مشكلات اللغة العربية? وأرى ان الاجابة عن هذا السؤال وصون اللغة العربية ومعالجة ضعف ابنائها مسؤولية جماعية تشمل المنزل والمدرسة والمجتمع.
ولذلك ندعو جميع الغيورين على اللغة العربية والمعلمين وكل المنتمين الى الامة العربية والقائمين على إعلامها الى تضافر الجهود الصادقة لمواجهة التحديات المعاصرة والمشكلات التي تواجه اللغة , وان نحصن ابناء الامة بلغتهم القومية دون ان تؤثر فيهم عولمة القرن الحادي والعشرين وسطوة اللغة الاجنبية على تقانات العصر والاستلاب الثقافي.