وهذا كله يكون عندما نجد الراحة والسيولة أو عندما نقترب من أصحاب الدخل المحدود والفقراء فالحال يتغير, فكل رب أسرة يحمل هموما تطغى على كل فرحة من الممكن أن تتسلل إلى قلبه وقلب أطفاله حيث الارتفاع الكبير لمستلزمات وحاجات الحياة والمعيشة ناهيك عن الفواتير المرهقة والمازوت والمدارس والمونة فكيف الحال اذا أراد أن يشتري ملابس جديدة وحلويات و..و..و.. للعيد.
إن التوجه إلى الأسواق عشية العيد يترك أكثر من انطباع حول أداء هذه الأسواق فالملامح التي ميزت الايام الأولى التي سبقت قدوم عيد الأضحى تؤكد أن الأسواق وبكافة أنواعها لم تشهد تحركا لافتا باستثناء الاسواق الشعبية الرخيصة وأسواق البالة على الطرقات والأرصفة بل كانت أقرب ما تكون بالباردة ذلك أن الكثير قد يفسر هذه الحالة أن الغالبية اعتادت أن تشتري لأطفالها خلال عيد الفطر وهذا الاعتقاد قد يكون خاطئا فهناك شريحة واسعة من الاهالي اعتادت شراء الحاجيات لأودلاها في كل عيد.
وكذلك فإن جمود الأسواق لم ينحصر بالألبسة أو الأحذية وإنما ايضا إلى الاحجام في اسواق الحلويات واللحوم والخضراوات والفواكه وهذا الاحجام قد يكون بنسب متفاوتة بين شريحة وأخرى فالغالبية ومهما غابت عنها القدرات الشرائية فهي مضطرة للتسوق ولو بالنزر اليسير من الحاجات الضرورية وخاصة اللحوم لابد أن تشهد حضورا في بيوتنا خلال العيد سواء أكان ذلك من خلال الاضطرار إلى الاستدانة أو تأجيل شراء حاجات على حساب أخرى.
وللوقوف أكثر على حركة الاسواق وإحجام البعض كان لنا اللقاءات التالية حيث يقول السيد أبو علي بنظرة تشاؤمية في هذا العيد حيث فقر الحال وغليان الاسعار ويقف صاحب الدخل المحدود حائر البال فقير المال لايملك من المال ليشتري لأطفاله قميصا وبنطالاً يخاف من الاسعار فيعود موليا الأدبار يذهب إلى الجزار لشراء اللحمة ويسأل: ماذا سأحضر كيلو أم نصفاً يحتار فيأتي القرار من جيبه الفارغ لا تحتار لا يوجد مئة ولا اصفار فيقرر العودة وينام الليل وينتظر الصباح عله يغير الأحوال لكن هذه فاتورة الكهرباء وتلك فاتورة الماء وأخرى للهاتف لم يبق اموال? ماذا أعمل? انظر للصغار ليس لدي حل ولا حلال ماذا بعد إني أموت لامحالة?!
السيدة أم محمد التي تجاوزت الستين من العمر تقول: الآن لم يعد للعيد بهجته القديمة وربما هموم الحياة طغت على المشاعر الجميلة التي كنا نعيشها قديما حيث كنا نحن النسوة نحضر للعيد حاجاته قبل اسبوع وكنا نخرج لشراء الملابس والهدايا وحاجات العيد.
السيد زياد أبو يزن يقول: نفقات الحياة والمعيشة أصبحت مرهقة والعيد صار عبئا علينا ليس لأننا نكره العيد إنما لسان حال الكثيرين يقول بأي حال عدت ياعيد!
فمهما ضغطنا النفقات فلن نستطيع أن نلبي حاجات أولادنا فإذا احتاج كل طفل وبشكل تقديري خلال العيد إلى 1500 ليرة فهذا يعني أنني يجب أن أدفع 6000 ليرة لأولادي الأربعة ودون الزوجة وراتبي لا يتجاوز عشرة آلاف وعليه فأنا محروم من إكمال بقية الشهر ولذلك الأنسب لأمثالي الأسواق الشعبية والبالة والبسطات التي على الارصفة لعلنا نجد ضالتنا ونشتري ما نقدر عليه لكي نفرح اطفالنا بصراحة كنا نفرح بالعيد ولكن الآن أصبح العيد ضيفا ثقيلا علينا وعلى أولادنا وأكثر من ذلك أنا لا أشعر أن العيد قادم على الأبواب?!
العيد رمز التصالح والمحبة والالفة وانهاء الخلافات وليس العيد فقط هو ملابس جديدة وحلويات إنه دعوة إلى الخير وللتسامح..