تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التراث بين التجديد و التشويه...التجارب الشابة نموذجاً..

فنون
الأربعاء 19/12/2007
فاتن دعبول

حفلت الساحة الفنية في الآونة الأخيرة, وعلى صعيد الغناء خصوصاً بسمات عديدة, أهمها ظهور بعض الأغنيات بأصوات شابة تستمد مادتها الأساسية من التراث الفلكلوري العريق.

واستطاعت فئة منهم أن تضخ فيه الحياة من جديد عن طريق إعادة إحيائه وتجديده.. وتكمن خلف هذا العمل أسباب عديدة, فهي أحياناً تغيير بتراث غني لايمكن تجاهله, وأحياناً أخرى, لربط الحاضر بالماضي, وفي أحيان غيرها لإفلاس عمّ الوسط الغنائي.. أو ربما لأسباب أخرى نجهلها..ولكننا في كل هذه الحالات نكبر لهم محاولاتهم وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أصالة يتمتعون بها.‏

ولكن في العودة لهم ترى, ماذا يقولون في هذا الشأن?‏

تجارب ناجحة‏

الملحن معن خليفة يقول:إن الترابط بين أنواع الموسيقا, يدفعك دائماً إلى نقاط اتصال مع الماضي الذي ورثته عن طريق الأغنيات الشعبية و أن تعود لها أحياناً, وتتمنى أن تلونها بما تملكه من صنعة فنية لتكون قريباً من شخصيتك الموسيقية.‏

وفيما إذا كانت جميع التجارب في هذا الصدد ناجحة قال:‏

التجارب جميعها ناجحة, لأنها ستقدم هذا اللحن, فإن كنت ضد هذا التوزيع فيمكنك أن تعود له الأصل فيكون هذا الفلكلور أو هذا التراث قد أعيد إلى الذاكرة, لكن الخطورة تكمن عندما يكون هناك خلل في الأساس الذي تبنى عليه, أي أن يكون صوت المغني سيئاً مثلاً, أو هناك نشاز في العزف, عندها نكون أمام مشكلة ستسيء للموسيقا, فإعادة توزيع الفلكلور تحتاج إلى أيد ماهرة. ولابد من إزالة النظرة الطرباوية ( المثالي) عن الفلكلور والتراث وأن يسمح لنا بأن نتعامل معهم كما نريد, وكما نرى, فليسوا أكثر أمانة عليه منا.‏

ولا أنكر أن العودة إلى التراث قد تكون إفلاساً في بعض الأحيان لكنها قوة في أحيان أخرى, والمنتج الأخير هو الذي يحكم إن كنا مفلسين أو أننا نريد لهذا الفلكلور أن يقدم بطريقة جيدة ونتواصل مع زماننا. فالجمهور دائماً قادر على التغير واستيعاب تجارب جديدة, ولايمكن لنا أن نعطيه دائماً وجهة نظر ربما يكون بعيداً عنها.‏

المشروع .. يحمل رسالة إنسانية‏

الفنانة لينا شامميان لها تجربتها الناجحة في العودة للتراث تقول:يعتمد التجديد على نوعية الطرح ونوعية الأداء, والرسالة التي سنرسلها للجمهور عبر هذا التجديد, وهل تحمل مشروعاً حقاً أم لا.‏

وفي تجربتنا عنه هناك مشروع ورسالة, وهي تعريف الجيل الجديد بتراثه العريق الذي برأيي أنه من الظلم أن يندثر, هذا جانب, وفي جانب آخر هو نقل وجه سورية الحضاري إلى المغتربين وتعريف الغرب أيضاً بتراثنا, وحاولنا في عملنا أن نوائم بين التراث والتطوير الحديث بالآلات الغربية, فقد أدخلنا بعض الآلات الجديدة مثل (البيانو, والدرامز, والآلات النحاسية ( النفخ ). ماجعل حلقة وصل بين موسيقانا وبين الموسيقا الغربية.‏

وقد حافظنا على اللحن, فلم نحدث أي تشويه أو تغيير لأسلوب الغناء, بل على العكس كنا حريصين على خصوصية التراث مع إضافة شكل القالب الموسيقي الغربي, الذي كان يعتمد على وجود ارتجالات على المقام في منتصف القطعة وفي آخر المقطوعة فتدخل أحياناً تنويعاً على اللحن مستقى منه, لكننا نختم باللحن الأساسي للتذكير فيه.‏

وبهذه الطريقة عالجت التكرار باللحن العربي الذي يكون بسيطاً عادة بحالة الفلكلور واستفدت من دراستي بالمعهد العالي في هذا الموضوع ( اسقاط القواعد الموسيقية المتبعة عالمياً ) مع المحافظة على الخصوصية, والعودة إلى التراث لايمكن أن تكون إفلاساً, وليس المشروع بهذه السهولة, فهو من الصعوبة بمكان, لأننا نسعى لإقناع الناس بالتجديد, وهو مغامرة بالنسبة للمغني, وفي الآن نفسه هو مشروعي الخاص وكثير من الأغاني هي من تأليفي, وفي ألبومي القادم أطرح عدداً أكبر من مؤلفاتي.فالفكرة أن أطوع الموسيقا التي أحبها مع الموسيقا الغربية دون فقدان الهوية الأساسية للعمل.‏

ومن الجدير بالذكر أن الإقبال الجماهيري الذي لاقته هذه النوعية من الموسيقا في الخارج كان لافتاً. هذا مالاحظته عندما مثلت سورية في مهرجان ( سلام أورينت) في فيينا الشهر الماضي.‏

نقل التراث .. مشروع بأمانة‏

الأستاذ صميم الشريف ( الباحث الموسيقي يقرّ نقل التراث كما هو ( كما وضعه مؤلفه تماماً) ولامانع عند نقله من الاستعانة بعلوم الموسيقا الغربية وخاصة ( الهارموني ) من أجل اعتنائه ونقله إلى صورة جديدة براقة.‏

وأضاف:إن مصطفى هلال عندما جمع التراث الشعبي جمعه بقضه وقضيضه, وعندما أراد أن يقدم في الإذاعة اعترض عليه مراقب النصوص الباحث الكبير نسيب الختيار وطلب تغيير نصوص بعينها بنصوص أخرى بديلة دون أن يسيء للحن, كما في أغنية ( يايما مابنزل ) غير النصوص من حالتها الرديئة إلى نصوص راقية.. عندما أحيا اللحن دون أن يفقده أي ميزة.‏

- متى يكون التجديد تشويهاً ومتى يعتبر تجديداً?‏

-- يكون التجديد تشويهاً عندما يتعرض العمل التراثي للتحريف ( تحريف اللحن ) لكن تبديل كلمات بأخرى لايسيء للعمل.‏

ويكون تجديداً عندما نحافظ على اللحن بأدائه, ويجب أن يقتصر التجديد على التوزيع الموسيقي الذي يغني العمل في الهارموني.‏

ولاتعد العودة إلى التراث إفلاساً بل يجب أن يعود الفنانون إلى التراث لإغناء علومهم ومعارفهم الموسيقية من خلال هذا التراث وإذا أرادوا إحياءه فلا مانع.. وأن يقتبسوا منه أيضاً لا مانع بشرط أن يشيروا إلى هذا الاقتباس.‏

وختاماً أقول دوماً خذوا ماتشاؤون من التراث ولا تشوهوه وانسجوا على غراره بما يلائم لغة العصر الموسيقية في العلوم أو في الآلات الموسيقية.‏

ˆ‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية