إن عدداً من الدول الكبرى أعلنت مؤازرتها لسورية في سياق مواجهة تبعات الأزمة الراهنة، بينها روسيا الاتحادية، ما دفعني إلى التوقف عند عدد خاص أصدرته إدارة مجلة «دليل السائح» باللغة الروسية، وكان موضع اهتمام وتقدير رئيس المركز الثقافي الروسي إلى حد القول إن عدداً كهذا يعكس أبعاد ودلالات عمق وصدقية العلاقات بين سورية وبلاده، لم يصدر في أي وقت، منذ أن قامت العلاقات بينها وبين سورية في منتصف القرن الماضي.
هذا العدد لا بد أن يثير الاهتمام لدى أي قارئ يتقن اللغة الروسية - وفي سورية كما نعلم المئات من خريجي هذا البلد الصديق، منذ سبعينيات القرن العشرين - ولا بد أن تستثير موضوعاته لديه ذكريات حميمة من ناحية، ومن ناحية أخرى لابد أن تجعله يزداد احتراماً وتقديراً لمواقف روسيا الاتحادية التي لم تشح بوجهها تجاه سورية، البلد الذي يقدر صفة الوفاء تجاه أصدقائه حق التقدير، وتحديداً على خلفية المواقف التي تبنى على القاعدة الشهيرة «الصديق عند الضيق».
إن ما تعاني منه سورية في الوقت الراهن استطاعت القيادة في روسيا الاتحادية أن تلتقط تبعاته بشأن حاضر ومستقبل سورية وانعكاساته على واقع ومستقبل المنطقة عموماً وربما العالم أيضاً، فكان لها رأيها القائل بعدم تخطي الخطوط الحمراء في التعامل مع سورية بما في ذلك التمادي في توجيه الإنذار تلو الإنذار، لأن ذلك لن ينفع أحداً من الطامعين في استرداد مواقعه القديمة، ما كان منها في مطلع القرن العشرين إثر اندحار العثمانيين والفرنسيين وخروجهم من الأرض السورية أو ما كان منها بعد الحرب العالمية الثانية وسوى ذلك.
إن التحية التي يشكلها صدور العدد الخاص بروسيا الاتحادية عن مجلة «دليل السائح» هو عملياً «دليل الوفاء» بمعنى أن سورية لن تنسى هذا الصنيع الذي وضع حداً لتمادي الأوروبيين وأزلامهم هنا وهناك ومحاولاتهم المتواصلة للاعتداء على حقوق سورية المشروعة في اختيار نظامها وشرعية هذا النظام، بعيداً عن أصداء الأبواق التي تصدح من حول أبناء شعبنا وهي تعلم علم اليقين أن هذه الأصداء لن تزيد هؤلاء الأبناء إلا تمسكاً بثوابتهم الوطنية والقومية، وبكل ما لديهم من ثقة بالنفس وصولاً إلى يوم انهيار جدار السعي لعزل سورية إقليمياً أو دولياً، ولروسيا الاتحادية كما للأصدقاء في الصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا دائماً ستبقى القبعة مرفوعة تقديراً ووفاء لهم من شعبنا في سورية الأسد.
Dr-louka@maktoob.com