مرضت امرأة صغيرة في الحارة الشمالية فداواها بالحب وجرعات الإخلاص إلى أن طابت نفسها وتحسنت هيئة أنوثتها وتعافت حالتها الوجدانية من الخناق العاطفي.. وشاب آخر أصابته آفة القطيعة والأحزان، فوصف له درساً بالألفة، ظل يردده إلى أن عاد قوياً:
التآلف يا أولاد من الدروس الأساسية.. لاتنسوا يوماً أن تقرؤوا مفهوم التلاقي وتنعموا بظله..
لا أحد ينسى الأستاذ الكبير وهو يقبل على كل الحصص والإملاء والأسئلة ومعه الآنسة الفهيمة ذات الحلا والدلال والرشاقة والأناقة والتحيات الفكرية الخالية من النكد والأحقاد والأوصاف اللئيمة والنعوت الجارحة.
في كل ملمح فصاحة كبرى تعلم الأرض أن تكون أفضل حالاً وأرقى مآلاً، وفي نبرة صوته وأحاديثه لغات عالية المستوى وغنية المحتوى ومحكية ومكتوبة، وفي صوت الآنسة الحلوة البشوشة المبشرة نكهة زمنية معتقة كأحسن حب وذوق وتوق.
رغم السنين الطويلة والأزمات لم تمت الآنسة الذكية الناصعة البهاء والحسن والفرح والبكاء.. ولم يمت في أي مأزق أو هاوية الأستاذ المهيب الحنون المهابة والإجابة..
بقي وقت الحصص الدراسية والعلاقات المثمرة ككروم متعاونة مع الينابيع وأفكار الاخضرار.. وبقي صوت التنبيه: لا تنسوا وقت وجدانكم.. وحين تتعثر أصوات العافية عودوا إلى الكبير الوطن فهو المؤلف والمبتكر وصديق أعتق المعلومات وأجود الصياغات والبلاغات..
شاءت الأقدار أن تصاب الأيام بالأمراض السارية كالعفونة الفكرية والجهل وسواد القناعات وتلوث النفوس بالفلوس والجيوب بالمال والعيوب..
تردت الحالات وتضاعفت الآفات وانحسرت الملاحظات الجيدات وضاعت اللياقات والأناقات.
لم ينحرف الأستاذ عن الدروس الأساسية وعاونته الآنسة الراقية في نسج ديباجة التأملات والايضاحات.
الدم درس صعب لكنه درس الدروس وسيد السعد والنحوس ولابد من ادخال فصحاه في لغة مدونات الوجدان.. الدم أستاذ إضافي لكل المفردات والاختصاصات والدم محط تحية المؤلفات الأخرى.
وأخبر الآنسة: أنت ست الستات وآنسة الآنسات في توضيح شروحات التضحيات والبطولات من نبع معانيك تنطلق الشرارات والايحاءات والنبات والشجرات والسواقي والضفات..
التحية لك ولأوقاتك الوطنيات الراقيات ولأشجار وعودك اليانعات اليافعات.
وحزناً بعد حزن عوفيت الأيام من علتها غير الوطنية وهل تكون الأمراض السارية وطنية؟!
ووعد الأستاذ: أحوال الحب سترجع إلى جريانها كعودة الأنهار إلى المطر والجداول والروافد..
وفي الحصص القريبة يتم الافصاح عن تأليفات جديدة في فنون الازدهار وتطوير وعي الجريان والألفة بين السواقي والأنهار.
من يوم يومه والأستاذ الكبير كبير الدروس والمعاني والنفوس.
والآنسة الحسناء أم المحاسن والفصاحات والأنوثة المؤهلة لإبداع أجمل العلاقات.
واللياقات والشجاعات والتحديات..
الأستاذ الوطن والآنسة السيادة يعطيان التوجيهات ويسهمان في تدريب الوجدانات وتأليف القناعات الشابات.
كي تبقى الدروس دروساً والنفوس نفوساً.. لأنهما إن نسيا املاء الوجود تصبح النفوس قشاً تحرقه نيران الانحطاط والبشاعات.
وتتلهى القناعات بالتلوث كطفل مهمل يلعب بأوساخ العمر المهجور.
لسنا نضيع عن التأليفات والأستاذ المؤلف...
ولا نتلهى بالعيوب المفروطة على أرض الزمن اليابس كخطابات كاذبة وقلوبه موحلة وبطر مجنون وجانح.
آنسة وأستاذ والجميع بينهما وحول البين أحلام تدور وأعمار تتعدد وتتجدد.