حيث رواسب هذه الحرب ما زالت حاضرة في حسابات الجانبين ولو بدرجة أخف من ذي قبل ما عدا في ملف الدرع الصاروخية الذي طرحت واشنطن نشرها في أوروبا وتحتج بأنها للوقاية فقط.
حضور الماضي هنا ساخن يحمل بصمات زمن ما قبل الانهيار السوفييتي وهواجسه ليس هناك الآن بين العاصمتين خلاف استراتيجي يجاريه بحساسيته وبقابليته ليتحوّل إلى أزمة كبيرة، تفيض تداعياتها إلى الساحة الدولية وبالتحديد إلى الجوار المتاخم للمسرح الأوروبي تأجيل الحسم بنصب المنظومة لأسباب مالية وتقنية وسياسية، المتواصل منذ سنوات، حال دون انفجار المشكلة. اليوم ها هي تعود من جديد إلى فوق النار المستعرة.
فقد أعلن نيقولاي ماكاروف رئيس هيئة الأركان الروسية أن روسيا ليست بحاجة إلى سباق التسلح لكنها تدفع باتجاهه.
وأعاد ماكاروف إلى الأذهان ان الرئيس الروسي أعلن في قمة الناتو في لشبونة استعداد روسيا للمشاركة في إنشاء درع صاروخية في أوروبا وعرض ما يسمى بمبدأ توزيع المسؤوليات بحسب القطاعات وهو ما تم رفضه. وقال ماكاروف نحن اقترحنا احتمالا آخر يقضي بنشر الوسائل الضاربة للدرع الصاروخية كيلا يشمل نصف قطر إطلاقها الأراضي الروسية، ويبقى في هذه الحال داخل الأراضي الروسية. فلم يقبل هذا الاحتمال أيضا. وأضاف ماكاروف قائلا في لقاء سنوي عقد أمس بالملحقين العسكريين الأجانب المعتمدين في موسكو نحن جاهزون للنظر في احتمالات أخرى لكنهم لا يعرضون علينا شيئا ولا نسمع سوى تصريحات فارغة بان الدرع الصاروخية الأوروبية لا تشكل خطرا على القوات النووية الإستراتيجية الروسية.
وأشار ماكاروف إلى إن الحسابات التي قام بها بعض الباحثين في أوروبا والولايات المتحدة قد أكدت انه حتى ما يتوفر حاليا داخل منظومة الدرع الصاروخية في أوروبا يؤثر في القدرة النووية الروسية.
ونوه ماكاروف قائلا نحن نتابع رد فعل شركائنا على بيان الرئيس الروسي حول الرد المتكافئ على نشر الدرع في أوروبا. وقد بدأنا تطبيق الخطوات التي ينص عليها هذا البيان. لكننا لسنا بحاجة إلى ذلك ونكرر هذا الأمر مرة أخرى ونعود لنتصرف بحذر وعدم الثقة بدلا من الاعتماد على الثقة المتبادلة ولا يعتبر هذا الأمر مفيدا لأوروبا.
من جهة ثانية لم يستبعد ماكاروف إن يتحول أي نزاع إلى حرب واسعة النطاق وإذا القينا نظرة إلى الوضع الراهن فيمكن الفهم أن عددا كبيرا من الدول قد انجر إلى الحرب وأعاد رئيس هيئة الأركان الروسية إلى الأذهان أن منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط وأفغانستان وغيرها من المناطق تشهد حاليا حروبا محدودة تميل إلى التوسع وليس إلى الانكماش. وقال:» إذا استمرت هذه النزعة في البقاء فيحتمل أن ينجر عدد من الدول إلى النزاع الذي يمكن أن يتحول في بعض الظروف إلى حرب واسعة النطاق».
وأضاف قائلا في حال اتخذت قيادة الدولة قرارا بخوض العمليات الحربية فمثل هذه النزاعات تنتهي في الظروف الراهنة بسرعة، وتعقبها تسوية قد تستغرق أشهر وسنوات وحتى عقودا مما يجعل القوات المسلحة تنفذ مهاما لا تليق بها. لذلك نضطر إلى تغيير أنظمتنا القتالية وإدراج تعديلات فيها لنتمكن من حل هذه المهام ضمنا.
حيث ستقوم القوات المسلحة الروسية بتجربة منظومة جديدة لقيادة القوات والأسلحة وذلك أثناء مناورات «القوقاز – 2012» المزمع إجراءها عام 2012 . وأعاد ماكاروف إلى الأذهان أن كل المناطق العسكرية والأساطيل البحرية والسلاح الجوي للجيش الروسي قد أجرت خلال السنوات ال 4 الماضية مناورات واسعة النطاق. وابرز بعض المهام التي تم تنفيذها، وبينها استعادة قدرة القادة على قيادة مجموعات كبيرة للقوات وتجربة الهيكلية الجديدة للتشكيلات وهيئات القيادة الجديدة بما فيها منظومات القيادة المعلوماتية الالكترونية.