وقد اعيد طبع الكتاب مؤخرا في جريدة الثورة السورية ضمن سلسلة مشروع نشر الادب الى الشعب الذي يقام بين دار النشر المذكورةوعدة صحف عربية ومنها جريدة الثورة والكتاب من ترجمة الكاتب العربي السوري د. بديع حقي وقد ضم الكتاب ثلاث روائع له وهي :
جني الثمار, البستاني ورائعته الاشهر في العالم جيتنجالي ومعناها بالعربية ترانيم من الوحي الالهي, اما الطريقة التي ترجم بها اديبنا العربي السوري د. بديع حقي لهذه الروائع فقد انتهج الطريق الوعر حيث انتقى الالفاظ الكلاسيكية المغرقة في القدم والتي هي قليلة الاستخدام الآن وغايته في ذلك الوصول في ترجمته بالعربية الى مستوى النص الادبي الذي استخدم فيه طاغور ألفاظاً صعبة وكلاسيكية باللغة البنغالية التي كتب بها و رغم استخدام الدكتور (حتي) لهذه الالفاظ الصعبة الا انهاتفهم في سياق تركيب الجملة بالعكس تزيد المتلقي اطلاعا على ألفاظ اندثرت ولكنها لا تزال في طيات القواميس والمعاجم..
ومسرحيات طاغور ومنها مسرحيته الشهيرة شتيرا لم تبن او لم تؤلف على الطريقة المسرحية الاوروبية التي تعتمد البناء الدرامي ذا الشخوص الانسانية التي تتصارع من خلال الحوار فتولد حدثا وقصة لاجل مقولة ما وانما كتبه لأجل مقولة ما اديب الهند الكبير على شكل تراتيل دينية بوذية وابراهيمية تخدم الهدف الانساني الاعلى وهو فعل الخير وبلغة شاعرية سامية وعالية.
طاغور الولادة والنشأة
ولد رابندرات طاغور عام 1861 في كالكوتا, ودرس في جامعة لندن حيث اطلع من خلالها على الادب الاوروبي والموسيقى والقضاء واللاتينيات وفي الثمانينات من القرن التاسع عشر صدرت له عدة دواوين منها ديوانان ( اغنيات الصباح) و( لوحات واغان) كما صدر له روايتان ادان فيهما الطغيان ( شاطئ بيبخا وراجا الحكيم).
وفي عام 1913 نال رابندرات طاغور جائزة نوبل للآداب لقاء ديوانه ( اغان فدائية)بعدها صدرت له رواية ( الوطن والسلام) ومسرحية ( شتيرا) واحتجاجا على اطلاق النار على الوطنيين الهنود في امريكا عام 1919 تخلى طاغور عن لقب البارونية وكل القاب الشرف الانجليزية التي نالها , ودافع عام 1937 عن الجمهورية الاسبانية, توفي طاغور عام 1941 تاركا تراثا ابداعيا هائلا يضم 12 رواية وقصة طويلة, واكثر من مائة قصة قصيرة وثلاثين مسرحية وخمسين ديوانا شعريا اضافة لقرابة المائتي مقالة عدا الدراسات حول مسائل اللغة والادب والدين .
ومن ناحية غير ادبية فقد ترك طاغور اكثر من ألفي عمل في التصوير والرسم الزيتي وفن الغرافيك, كما نظم أكثر من ثلاثة آلاف اغنية وعدة اوبريهات وباليهات , وقد اصبحت اغنيته (روح الشعب) نشيد الدولة الهندي منذ عام 1950 وكذلك اصبحت اغنيته البنغال الذهبية النشيد الرسمي لبنغلادش منذ عام 1971 بعد انفصالها عن الباكستان .
ويقول طاغور عن تجربته مع الموت والتي ذكرها د. بديع حقي في مقدمة كتابه هذا ( ان عاصفة الموت التي اجتاحت داري فسلبتني زوجي, واختطفت زهر ة اولادي اضحت لي نعمة ورحمة فقد اشعرتني بنقصي الانساني, وحفزتني على ان انشد الكمال وان العالم لا يفتقد ما يضيع منه لذلك كتبت رائعته الخالدة جيتنجالي والمنشورة في الكتاب والتي بمعظمها تتحدث عن الموت ومن اجوائها:
- ايها الموت يا منتهى حياتي الاسمى..
-تعال واهمس في اذني
-يوماً بعد يوم سهرت في انتظارك ومن أجلك تذوقت هناءة الحياة و عانيت عذابها.
-ان الكفن المنسدل فوقي هو كفن التراب والموت وانني رغم كرهي له ولكني اشده واجذبه في شغف ووجد واخيرا وليس آخراً يقول الكاتب والناقد الفرنسي الكبير عن ديوانه هذا المنشور بالكتاب: جيتنجالي قصائد مترعة بمعاني الموت وليس من الشعر العالمي كله ما يدانيها عمقاً وروعة.