وما كان يقال عنه لا يجوز ولا يمكن,أصبح الآن مطلوباً ومرغوباً. ولا أقصد هنا ذهاب الشاب إلى الفتاة لخطبتها والارتباط بها دون مشاورة الأهل, أو ما كانت عليه الأمور عن طريق الداية أو الدلالة, وإنما هي استطلاع رأي حول مسألة تخص الزواج الحديث في بعض مظاهره مفادها » إذا لم تكن ظروفك تسمح بلقاء الشريك المناسب, نحن نحاول مساعدتك, أرسل إلينا ببياناتك مع صورة شخصية أو بطاقة عائلية لمن سبق له الزواج, إلى مجلتنا أو إلى هذا البرنامج لنسهل عليك مهمة اللقاء بالنصف الآخر«.
فماذا تقول الآراء عن هذه الوسائل, وهل صفحات المجلات والانترنت والموبايل وبرامج بعض المحطات هي وسائل ناجحة لاستمرار الحياة الزوجية وبناء أسرة ناجحة? الآنسة لينا السالم ترى أن ظروف الحياة اليوم تغيرت , فالإنسان يقضي نصف وقته بالعمل, ولا يجد فرصاً تتيح له اللقاء بالشريك وقد تكون هذه الطرق وسيلة بديلة. وهنا يجب ألا ننسى أن هناك أناساً ما زالوا يلجؤون لأساليب تقليدية في الزواج » عن طريق الأهل والمعارف« ومع ذلك في الحالتين ليس المهم طريقة الاتصال والمهم فترة التعارف وأن تلي هذه الخطوة خطوات ثابتة من اللقاء المباشر وجهاً لوجه.
وفي الواقع أنا أعرف أشخاصاً تزوجوا عن طريق الانترنت ويعيشون حياة زوجية سعيدة, ولا أرى أن هناك فرقاً كبيراً في التواصل سواء على الهاتف أم على الانترنت, أما بالنسبة للبرامج التلفزيونية التي تعتمد إحضار شاب وفتاة من بيئات مختلفة جداً لا يعرفان بعضهما مسبقاً بهدف التقريب بينهما فلا أعتقد أنها طريقة تؤدي إلى زواج ناجح , وكذلك الأمر بالنسبة لإعلانات المجلات. وهنا نذكر أن مسألة الغش والكذب في النية والمشاعر ليست محصورة بهذه الطرق من الزواج لأنها ممكن وجودها في حالات اللقاء الطبيعي.
الأستاذ عمار يوسف يرى أن هذه الطرق في الزواج ستؤدي حتماً إلى زواج فاشل, لأن المعرفة المباشرة والشخصية بالإنسان ولو كانت عن طريق المصادفة ستنتج عنها دراسة وأحاسيس وآراء وتعارف, حيث يكون للرؤية دور وللإحساس دور أيضاً في جعل وفهم العلاقة الصحيحة. ويتابع قائلاً: أنا ضد فكرة الزواج عن طريق المجلات أو الانترنت أو الإعلام لأن كل ذلك مبرمج بطريقة لا تحمل الصراحة أو الصدق, وقد تكون معظم الأفكار التي أرسلها إلى هذه الفتاة هي أفكار خلبية وغير صحيحة, وهي أفكار فاشلة بكل المقاييس, وهناك تجارب كثيرة شاهدتها ولم تكن ناجحة , وأرى أن هذه البرامج التي تقدمها الفضائيات بعناوين مختلفة لا تهدف إلى التوفيق » رأسان بالحلال« , وإنما هي أساليب تحمل ربحية إعلامية للترويج لأفكار وقيم لا تناسب مجتمعنا.ورأيي هذا ليس من باب ديني بل من باب أخلاقي وقيمي وبالعكس أنا مع تعارف الشاب والفتاة خلال مراحل الدراسة الجامعية أو في أماكن العمل لأن في ذلك طريقة مباشرة وناجحة لمعرفة بعضهما. السيدة ناديا زيدان قدتكون هذه الطريقة ردة فعل على الواقع المكتبي الذي يعيشه العالم هذه الأيام, إذ لا يوجد وقت أو طرق للتعرف على الشريك ,وأول ما حدث ذلك في الدول الغربية بهدف إيجاد نقاط التقاء بين شخصين وتعزيز فكرة الزواج لديهما. أما عن النجاح والفشل فتعتقد أنه مثل الزواج العادي قد يلاقي نفس الصعوبات ومعرض للاحتمالين, وبما أن نسبة العنوسة ترتفع في مجتمعنا, والمرأة لدينا لا تمارس الجنس إلا عن طريق الزواج الطبيعي, فإن هذه الطريقة قد تكون وسيلة لحل جزء من المشكلة.
آراء عديدة كثيرة كانت تدور في إطارها العام أن هناك حدة وتخفياً في مسألة التعارف بين الشاب والفتاة, ومع أن الزواج لا يصح إلا بالتعارف مهما كانت نوعية أو طريقة هذا التعارف » برنامج في التلفزيون, السفر, العمل, الانترنت,و..إلخ « لكن شرط أن يتم ذلك ضمن الإطار القانوني والشرعي الذي نعرفه في مجتمعنا.التجارب التي نسمع عنها ونعرفها متعددة ومنها ما حدث مع أشخاص قريبين منا كثيراً ومنها ما حدث مع رفاق لنا ,وفي موضوعي هذا قصة تأثرت بها: فتاة تركت الجامعة وتزوجت من رجل يمني يسكن في الخليج حيث مكان عمله, حدث هذا بعد حوارات مطولة على الانترنت بينه وبينها وبعد عدة أشهر جاء بزيارة واحدة إلى سورية وخلال هذه الزيارة ارتبطت به بشكل شرعي وقانوني وتركت جامعتها وأهلها وكل شيء, وانتقلت للعيش معه في » دبي« ولم تكمل نصف العام حتى طلب منها أن تعود إلى أهلها في زيارة مدتها شهران ثم تعود إليه, تكررت الحالة وأصبحت تمكث في بيتها الزوجي شهراً لتعود إلى أهلها شهرين, وبما أن الوضع غير طبيعي وخاصة أنه رفض أن تنجب له أطفالاً, فقد تبين أنه متزوج وله أولاد كبار في المراحل الجامعية, وما هي إلا سلعة اشتراها بالحلال يأتي بها حين الطلب, ولهذا اختارت الطلاق والعودة للبدء من جديد لكن بتسمية مطلقة.
حاولت أن أختصر المأساة بهذه الجمل , ومع ذلك هي حالة لا يمكن تعميمها فقد تكون هناك تجارب ناجحة, ولكن علينا أن نحذر المفاجآت.